قضت احدى الدوائر الجناحية خلال الأيام القليلة الماضية بإدانة شخص في الأربعينات من العمر وسجنه مدة عام لتعمده التحيل وارتكاب الشعوذة. وقد ورد بالأبحاث المجراة في القضية أن المتهم ادّعى أنه بارع في توقع الاحداث وقادر على معالجة الامراض المتعلقة «بالجن» وما تابعها، فاتصلت به امرأة، وهي المتضررة في قضية الحال، وتحدثت اليه حتى اطمأنت له، عندها أخبرته بأن ابنتها تعاني من مرض لازمها طيلة سنوات عمرها، وأنها تعاني ضربا من الجنون والعته، «فتدارس» المشعوذ الأمر وأخبرها أن «جنيا» هو السبب في مرضها وأنه بإمكانه اخراجه وبالتالي اعادة العقل لابنتها، وطلب منها تمكينه من مبلغ 3 آلاف دينار لقاء أتعابه «السحرية».. فقامت المتضررة بتلبية طلبه ووفرت له المبلغ المطلوب، وشكرته فوق ذلك. وانتظرت أسبوعا ثمّ شهرا، تم شهران ثم ثلاثة أشهر.. إلا أن «العرّاف» لم يقم بواجبه ولم يعالج ابنتها أو حتى يخلصها من بطش الجني المزعوم، فأعادت طلبها في أكثر من مرة إلا أنه كان يماطلها في كل مناسبة، حتى بلغ به الأمر الى اشتراط تمكينه من جهاز هاتف جوال ليبدأ «كراماته» ويشفي ابنتها، عندها أدركت المتضررة أنه متحيل وأن لا علاقة له بما ادّعاه وأن كل ما قاله لها كان مجرد أوهام لا غير، عندها أخبرت أعوان الأمن الذين أبلغوا ممثل النيابة العمومية بالمحكمة ا لابتدائية بتونس الذي أذن بفتح محضر تحقيقي في الموضوع لذلك نصب أعوان الأمن كمينا للمتهم، فاتفقوا مع الشاكية على أن توافق المشتبه به على شرطه وأن تتفق معه على موعد لتسلّمه جهاز الهاتف الجوال، وبالفعل اتصلت به وأخبرته بانصياعها لشرطه فحلّ بالمكان والزمان المتفق عليهما، وباستلامه جهاز الهاتف، باغته أعوان الأمن وحجزوا لديه الجهاز وألقوا عليه القبض، كما عثروا بمنزله على تمائم وبخور و»حروز» وأشياء أخرى من متعلقات احتراف أعمال «الشعوذة». وبالتحرير عليه واستنطاقه، اعترف بما نسب إليه وصرّح بأنه حصل فعلا على مبلغ ثلاثة آلاف دينار من المتضررة لقاء ما سيقوم به من أجل معالجة ابنتها، وبعد انهاء الابحاث في شأنه تمت احالته على ممثل النيابة العمومية حيث تمسّك باعترافاته المسجلة عليه لدى باحث البداية واعترف بأنه تحيّل على المتضرّرة وأنه امتهن الشعوذة من أجل الحصول على منافع مالية لذلك أصدرت في شأنه النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن وقررت احالته على الدائرة الجناحية المختصة لمقاضاته من أجل التحيل. وقد مثل أول أمس أمام هيئة المحكمة، إذ تراجع عن اعترافاته التي أدلى بها خلال مراحل الأبحاث واعتصم بالانكار لينفي حصوله على المبلغ المالي وعلى جهاز الهاتف كما نفى امتهانه «الشعوذة» والتحيل ونفى أيضا ملكيته للمحجوز، ورغم معارضته باعترافاته السابقة إلا أنه تمسّك بالانكار التام. وبعد أن استمعت المحكمة لكافة أطراف القضية والى رأي ممثل النيابة العمومية الذي طلب المحاكمة والتشديد في العقاب خاصة أمام السجل العدلي الحافل بالسوابق للمتهم، قررت المحكمة بعد المفاوضة القانونية ادانته والقضاء في شأنه بالسجن لمدة عام واحد.