إذا كان الرئيس صدام حسين قد لفت الأنظار في أولى جلسات محاكمة القيادة العراقية بأسلوبه المعتاد في المحاورة والاقناع حتى انه نجح تقريبا في القفز من موقع الدفاع إلى الهجوم وحول القاضي إلى «متهم» فإن كبار معاونيه الأحد عشر الذين مثلوا أول أمس أمام القاضي ذاته بدوا في وضع مختلف وبدوا أيضا «مستسلمين» لقدرهم. وكان أعضاء القيادة وفي مقدمتهم طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية وطارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وسلطان هاشم أحمد وزير الدفاع وعلي حسن المجيد وزير الدفاع والمستشار الأسبق قد مثلوا تباعا أمام القاضي الذي لم يكشف عن اسمه. و»تفاجأ» الكثيرون بأن ملامح بعض القادة قد تغيرت إلى حدّ كبير وهذا ما ينطبق على طه ياسين رمضان وكذلك علي عبد حمود سكرتير الرئيس العراقي الذي ظهر ملتحيا. وكان أول من ظهر بعد الرئيس صدام طارق عزيز الذي وضع نظارته السميكة المعهودة وارتدى بدلة سوداء وقميصا أبيض دون ربطة العنق كما أنه فقد الكثير من وزنه. وجلس عزيز أمام القاضي شابكا كفيه على غير العادة وبأسلوبه الديبلوماسي المعهود، يتساءل عزيز عما إذا كانت المحاكمة سياسية وهو ما أجمع عليه كثير من المراقبين. ونفى نائب رئيس الوزراء العراقي التهم الموجهة إليه قائلا بالخصوص انه لم يقترف أي جريمة غير انه وقع كما المسؤولين الآخرين على لائحة الاتهام خلافا للرئيس صدام حسين الذي رفض التوقيع على اللائحة. وحسب بعض التقارير فقد كان عزيز مرفوقا بمحاميين احدهما عربي والآخر أجنبي. أما سكرتير الرئيس العراقي عبد حمود فقد وصفته تقارير بأنه كان «خائفا» لدى مثوله أمام القاضي العراقي غير ان الصورة قد لا تكون على هذه الشاكلة بما انه يتردد منذ مدة ان عبد حمود كان من أكثر من تعاون مع المحققين الأمريكيين وربما يكون سلمهم معلومات مهمة عن صدام مقابل وعود أمريكية بأن يكون شاهد اتهام ضد الرئيس العراقي. وأكد حمود يوم الاربعاء انه «بريء». وكان قد أشيع سابقا ان عبد حمود قتل في المعتقل الأمريكي بمطار بغداد الدولي لكن ظهوره أول أمس فند تلك الشائعة تماما. من جهته ظهر سلطان هاشم أحمد وزير الدفاع بلباس مدني وظهر أيضا بابتسامته المعهودة. وبدا هاشم هادئا مع انه قد ظهرت عليه علامات القلق لكنه كان متماسكا. وفور الانتهاء من تلاوة التهم الموجهة إليه قام بالتوقيع على محضر الاتهام. وجاء بعد ذلك دور برزان التكريتي الأخ غير الشقيق للرئيس صدام الذي عمل رئيسا للمخابرات العراقية. وبدت على التكريتي بعض النحافة كما بدا الشيب بوضوح على شاربيه. أما علي حسن المجيد ابن عم الرئيس صدام الذي عمل في السابق وزيرا للدفاع فقد ظهر في المحكمة متكئا على عصا وقيل أنه كان خائفا غير أنه كان عموما بصحة جيدة. وبالنسبة إلى وزير الداخلية صالح عزيز النومان فقد ظهرت عليه علامات عدم الارتياح وكان متجهما وعابسا حسب ما أظهرته الصور التي بثت الليلة قبل الماضية. وبعد النومان ظهر نائب رئيس الجمهورية طه ياسين رمضان الذي بدا متقدما في السن حيث كان شارباه أبيضين تماما. لكن رمضان كان هادئا اثناء توجيه الاتهامات إليه. وبخصوص رئيس الوزراء الأسبق محمد حمزة الزبيدي فلم يتم التعرف عليه إلا بصعوبة وبعد ذكر اسمه حيث أصبح نحيفا جدا وظهرت التجاعيد على وجهه بوضوح. وبدت على وجه الزبيدي علامات الحيرة حسب ما نقله الصحفيون الذين حضروا الجلسة. ودخل لاحقا قائد الحرس الرئاسي الخاص كمال مصطفى التكريتي زوج «حلا» الابنة الصغرى للرئيس صدام، الذي لم يتغير كثيرا مقارنة بما كان عليه قبل الغزو. وخلافا لكمال مصطفى التكريتي بدا وطبان ابراهيم الحسن الأخ غير الشقيق للرئيس صدام ومدير الأمن العام متعبا ومتجهما وكان يمسح العرق المتصبب من وجهه. وكان آخر الماثلين في الجلسة صابر عبد العزيز الدوري مدير جهاز المخابرات ومحافظ بغداد الذي كان أقل القادة المعتقلين تغيرا من جهة الملامح على الرغم من مرور سنة على اعتقاله مع أن الشيب انتشر أكثر من شعر رأسه.