تطرح معضلة نقص أطباء الاختصاص هذه المدة جدلا داخل الأوساط الطبية، ويرتبط هذا الجدل أساسا بالطرق والوسائل المعتمدة لحل هذه المعضلة اذ هناك من يرى أنه من الضروري ايجاد حلول جديدة حتى لا يكون نقص الأطباء عاملا يعيق نجاح نظام التأمين على المرض الجديد المنتظر اعتماده خلال السنة المقبلة. وهناك في المقابل من يقلّل من شأن هذا المشكل ويرى أنه سائر الى الحل بطبعه. يقول الدكتور عادل بن صميدة كاتب عام نقابة أطباء الأسنان في هذا الخصوص إنه أن الأوان لتعديل القانون الذي يمنع إحداث العيادة الثانية إذ ليس من المعقول أن تبقى عديد المناطق الداخلية تفتقر لبعض الاختصاصات الطبية مثل تقويم الأسنان ويبقى أهلها محرومين من خدماتها ومضطرين لتحمل أعباء السفر الى العاصمة لتلقي العلاجات والحال أن هناك العديد من الأطباء الراغبين في فتح عيادات بهذه المناطق وتقريب خدماتهم الى أهاليها. ويضيف الدكتور بن حميدة قوله ان السماح لهؤلاء بفتح العيادة الثانية سيكون أفضل حل لمشكل نقص أطباءالاختصاص بل ان المطلوب هو مزيد تحفيز الأطباء وخاصة الشبان على الانتصاب بالجهات الداخلية وذلك بتمكينهم من تشجيعات اضافية من قبيل اعفائهم من الاداءات خلال السنوات الأولى ومساعدتهم على ايجاد المحلات والمساكن بهذه المناطق وليس المطلوب تكبيلهم بنصّ قانوني يمنعهم من فتح عيادة ثانية. ويتابع القول أيضا انه وعلى ضوء النظام الجديد للتأمين على المرض الذي سيزيل الفوارق الى درجة كبيرة بين القطاعين العمومي والخاص سيكون من مصلحة المواطن أن يجد عيادات طبية قريبة من مقر سكناه. كما أنه لن يكون من العسير على الأطباء التداول على عيادتين وخصوصا وأن تطور وسائل النقل وتحسن حالة الطرقات ستساعدهم كثيرا على القيام بذلك دون عناء. ونفى الدكتور بن صميدة أن يكون فتح العيادة الثانية عاملا يلهي الطبيب عن القيام بواجبه الطبي والانساني حيال مرضاه ويسقطه في الحسابات التجارية مشددا على أن الطب هو عمل انساني بالأساس كما أن كل طبيب يفتح عيادتين سيكون تحت طائلة القانون والرقابة التي لن تسمح له بارتكاب التجاوزات والمخالفات. وقال انه يطالب بأقصى العقوبة لمن يخلّ بواجبه من الأطباء سواء كان صاحب عيادة أو عيادتين. مشكلة طلب وعلى العكس من كاتب عام نقابة أطباء الأسنان يرى الدكتور رابح الشايبي كاتب عام نقابة أطباء الممارسة الحرة أن تعديل القانون والسماح بفتح العيادة الثانية ليس هو الحل الأمثل بالنسبة الى مشكلة نقص أطباء الاختصاص لأن أصل هذه المشكلة لا يعود الى حجم العرض من أطباء الاختصاص بل يعود بالأساس الى حجم الطلب على التداوي فالعرض متوفر لكن الاشكال القائم يتمثل في قلة الطلب، وإن هذا الاشكال سيزول بصفة طبيعية خلال الفترة القريبة القادمة التي ستشهد انطلاق العمل بالنظام الجديد للتأمين على المرض فهذا النظام سيشمل قاعدة أوسع من المواطنين ويوفر لهم التغطية الصحية ويخفف عليهم تكاليف العلاج وهو ما سيشجعهم على التداوي فتنشط الحركة ويتشجع الأطباء على فتح العيادات والانتصاب حيث يوجد الطلب على العلاج. علاقة حميمية ويذهب الدكتور بوبكر زخامة رئيس غرفة المصحات الخاصة الى نفس ما ذهب إليه كاتب عام نقابة أطباء الممارسة الحرة في ما يتعلق برفض مقترح فتح العيادة الثانية لأن هذا سيجعل الطبيب يخلط بين الطب كعمل انساني والكسب المادي الذي عادة ما يصنع الفوارق والحواجز بين الطبيب والمريض فالطبيب مطالب بالمتابعة اليومية واللصيقة بمرضاه وبتأسيس علاقات حميمية معهم وإن عمله وتشتته بين عيادتين سيؤثر بالضرورة في هذه العلاقة وسيجعله يخلّ بواجبه نحو مرضاه. ولم ينف الدكتور زخامة أن مشكل نقص أطباء الاختصاص مازال مطروحا في تونس ولكنه يرجح أن هذا المشكل سيزول خلال بضع سنين ذلك أن الحلول التي اعتمدتها الحكومة ممثلة في وزارة الصحة العمومية هي حلول ناجعة وبدأت نتائجها تظهر للعيان. يذكر أن متابعة الوزارة لمشكل نقص أطباء الاختصاص في الجهات الداخلية تعتمد على اسناد حوافز مالية للأطباء الذين يعملون بهذه المناطق وعلى الترفيع في عدد المشاركين في مناظرة الاقامة الخاصة بأطباء الاختصاص. كما تعاضد بعض المنظمات والهياكل الوطنية جهود الحكومة بتنظيم قوافل صحية تضمّ مختصين في بعض الأمراض الحساسة والمنتشرة وتجوب هذه القوافل بصفة دورية المناطق والجهات التي تفتقر لأطباء الاختصاص وتقدم خدماتها لذوي الحاجات. ومن أبرز الاختصاصات الطبية التي تحتاجها الجهات الداخلية يمكن ذكر اختصاصات أمراض القلب والانعاش، والأمراض الصدرية وأمراض النساء والجراحة العامة، كما تفتقر الجهات الى مختصين في علاج الكسور والاصابات التي تتطلب التدخل الطبي العاجل.