كثافة الأعمال الدرامية التونسية، أهم ما ميّز الشبكة التلفزية الرمضانية التونسية، لكن الآراء حول مواضيع هذه الأعمال اختلفت وتباينت أحيانا لذلك حاولنا معرفة آراء المثقفين والفنانين، من مسلسلاتنا، ومظاهر التباين، التي تقف وراءها عدّة أسباب إما فنية أو على مستوى المضامين. وفي هذا الملف تطّلعون على آراء متباينة فعلا فمن مسرحي معجب الى سينمائي بصدد تحضير تقرير، الى استياء فنانة تشكيلية، ومنه الىفنان يدعو ببقاء الستر، نصل الى شاعر اختار الوسطية في موقفه ورؤيته. إعداد: وسام المختار وعبد السلام السمراني الفنان «قاسم كافي»: «ربّي يبقّي الستر...» ليس بوسعي أن أقول عن أعمالنا الدرامية سوى «ربّي يبقّي الستر»... ماذا بوسعي أن أقول؟!... سلسلة «بريزن بريكة» مثلا... ليس لنا سجون (حبوسات) بتلك الطريقة، وهي سلسلة لا تضحك ولا تبكي... وبكل صدق أقول إنه ومنذ 20 سنة والى الآن ثمة لخبطة في ميدان الثقافة سببها الدخلاء على هذا القطاع فأناس يكتبون وهم لا يعرفون، وآخرون يلحنون ولا علاقة لهم بالموسيقى وآخرون يخرجون وهم لا يدخلون ولا يتبعون... وعلى وزن «شوفلي حل«، ليتنا نجد حلا أو حلولا لبعضنا ولثقافتنا... في ما مضى، كنا ننتظر على أحر من الجمر «الحاج كلوف» في الراديو، و«أمك تراكي» في التلفزة، واليوم أصبحنا نهرب من تلفزاتنا خاصة بعد غزو الاشهار على الاعمال الدرامية فسلب الابعاد الجمالية والفنية القليلة منها... عموما بصفتي تونسي لا أود جرح مشاعر الآخرين لكن أقول أنه ثمة تاريخ... وما يبقى في الواد كان حجره... والتاريخ لا يرحم!،،، المخرج السينمائي «رشيد فرشيو»: «ما شاهدته... كارثي ولا يشرّفني... » أنا لست ضد حرية التعبير، لكن هذه المبالغة في الاشياء التافهة وإن كانت موجودة بطبعها في العالم إلا أنها لا تستقيم مع هذا الشهر الفضيل الذي تتجمع فيه العائلة، وللاسف عند تجمّعها ولمّتها الرمضانية صدمت بالمأساة التي بثتها أعمالنا التلفزية من فضح للمشاكل المستورة، وإحياء لمواجع الفرد، وشخصيا كرهت الاعمال الدرامية بعدما شاهدته من أعمال كارثية كلها دماء... وقد شاهدت مجتمعا تونسيا ليس بمجتمعنا الذي نعرفه ونفتخر به وبقيمه وكرمه وأخلاقه خارج أرض الوطن وفي لحظات شعرت بأنني شجرة بلا عروق وحقيقة أنا آسف (قالها ثلاث مرات). وأود الاشارة كمواطن تونسي الى أنني أدفع أداءات أو معلوم التلفزة في «فاتورة» الكهرباء ومن واجب التلفزة التونسية التي هي في الاصل تلفزة وطنية أن تحترمني كمواطن، أجل هناك قلة احترام للمواطن، فما معنى أن يكتسح الاشهار فترات كبيرة جدا من توقيت البث بتلفزة وطنية؟!... وما هذا الاشهار الذي هدم حضارتنا وتراثنا الثقافي، وكسّر الابداع ببعض المنتوجات الاستهلاكية. للاسف ما شاهدته كارثي، ولا يشرّفني، وأنا مسؤول عما أقول كما أنني بصدد تحضير تقرير عما قلته حاليا. المسرحي منجي بن براهيم: طرح جريء لكن أين الابتسامة؟ لست من هواة ومشاهدي المسلسلات لكن قد أنظر الى الدارما بشكل مختلف بحكم عملي كمسرحي وانتمائي كتونسي، وقد يختلف النقد من شخص الى آخر سواء كان بالايجاب أو بنقيضه لكن ما شدني خلال البرمجة الرمضانية في شاشاتنا التونسية مسلسل «مكتوب» إذ تم الاعتماد فيه على ممثلين جيدين على غرار هند صبري رغم أنها بدت صغيرة في السن وقد أظهرت حرفية تامة في عملها وعلى نفس المنوال فإن مسلسل «نجوم الليل» كان جيدا في الطرح وهناك أوجه تشابه في العملين إذ أن الجرأة موجودة بشكل جلي... ومن جهة أخرى، كنت أنتظر أن يحقق مسلسل «عاشق السراب» نجاحا كبيرا إلا أن العمل بدا متسرعا ويحتاج الى اعادة نظر... وأما عن الابتسامة فإنها كانت منقوصة بشكل كبير ورغم اعتماد بعض القنوات على الكاميرا الخفية إلا أنها لم تكن في مستوى التطلعات. الفنانة التشكيلية «آمال زعيّم»: «الدراما تسيء للمراهق» شخصيا، لاحظت أن المسلسلات التونسية، في شهر رمضان الحالي ليست لها طريقة جيدة في إيصال الرسالة أو الهدف المزمع إيصاله، إذ صدمت هذه الاعمال عددا كبيرا من العائلات التونسية، ولاحظنا، كثيرا من العنف المادي والمعنوي، وهذه سلبيات، هي بالاساس سلبيات أعمال درامية تونسية، أساءت خاصة لفئة المراهقين، حيث سهّلت هذه الاعمال الانحراف بالنسبة لهم (المراهقين) كما أعبّر بالمناسبة عن استيائي من الكلام السوقي المستعمل في بعض هذه الاعمال، وأستغرب هذا الامر خاصة وأن دارجتنا التونسية جميلة وليست بتلك الصورة التي عرضت علينا في رمضان الكريم. الشاعر سويلمي بوجمعة: «أعمال نجحت وأخرى لا...» لقد نجحت الدراما الرمضانية في جانب وفشلت في جانب آخر لأنها كانت «نصف ناجحة ونصف فاشلة» والنتيجة تظل مفتوحة الى حد كبير رغم المجهودات المبذولة لتقديم دراما مختلفة»... وقد جاءت مختلفة الى حد كبير لدرجة أنها فقدت نكهتها وهويتها وأثارت ردود فعل بدت حادة بل ومتطرفة أحيانا وهذا أمر طبيعي خاصة في ظل اقتصارها على التعامل مع المضمون الذي يشكل أكبر نقاط استفهام بالنسبة لمختلف شرائح المجتمع ولكن أعتقد أن الاخراج كان موفقا فقد تمكن فريق مسلسل مكتوب من تقديم صورة عالية الجودة ومن إبراز طاقات شابة جديدة لا شك أنها ستثري رصيدنا الوطني في هذا المجال وهو ما يحسب لفائدة الاعمال الدرامية الرمضانية أما على صعيد المضمون فإن الاختلاف حوله يظل قائما لاسباب موضوعية لعل أهمها التجني الواضح. فنحن لا نعيش واقعا نمطيا ينسحب على جميع التونسيين من حي النصر الى المنازه والمنارات الى أحياء التضامن والمنيهلة والملاسين أضف الى ذلك بوسالم وبن ڤردان وغيرها... خاصة وقد تم التركيز على لقطات ومشاهد لنماذج بشرية هجينة... حتى أن القاموس اللغوي المستعمل في بعض المشاهد لم يكن مناسبا وكان لزاما أن يتم الاستعمال على طريقة الايحاء ويبقى أن أشير الى أن مسلسل «عاشق السراب» قد التصق بواقعنا أكثر من بقية الاعمال...!