عندما يتكلم رياض البوعزيزي فعلى البعض ان يلتزم الصمت ويحترم نفسه فالبوعزيزي قامة فارعة... قلب كبير... بل قلب الاسد الذي قاد النجم في اللحظات الصعبة... هو لاعب برتبة مقاتل لذلك «مات» في ملعب رادس حتى لا تخرج كأس افريقيا للأمم من تونس.. شخصيا لا أتذكر ان «بوعزّة» كما يسمى من قبل أحباء النجم تذمر او اشتكى او خاف وارتعد مهما كان حجم المنافس ومهما كانت قيمة الرهان.. لعب أحيانا بساق واحدة وتحمّل ألم الاصابة...لهذه الاعتبارات مجتمعة عشقه جمهور النجم كما لم يعشق لاعبا من قبل.. تذكرناه هذه الايام و هذه الفترة التي كثرت فيها الفتاوى وانخرمت خلالها بوصلة مسؤولي وأحباء النجم الساحلي... حاورناه حول واقع الفريق وهكذا تكلم. نسألك أولا هل تتابع أخبار النجم؟ للاسف لا أشاهد كل المباريات بل بعضها فقط... لكن النجم يبقى دوما في القلب والوجدان.. هو حياتي وهو الذي صنع رياض البوعزيزي وكان له الفضل في ما وصلت اليه. هناك حديث حاليا عن تراجع وضياع للمكاسب وصراعات عميقة تشق أبناء النجم... كيف ترى الوضع الحالي؟ لكل فترة رجالها والتفاصيل المرتبطة بها.. الجيل الذي انتميت اليه كان يضم لاعبين كبار طبعوا ببصماتهم تاريخ الفريق.. سيطرنا محليا لكن حضورنا القاري لم يرتق الى مستوى الامكانات الحقيقية للمجموعة.. التحول النوعي بدأ منذ 94 عندما دخلنا المشاركات القارية من أوسع الابواب وبدأت التجربة تتراكم لدى الفريق ليتمكن بعدها النجم من خوض نهائيين قاريين أمام انيمبا والاهلي المصري.. خسرنا المواجهتين لكني كنت واثقا من ان كأس رابطة الابطال «باش تروّح لسوسة» مستحيل ألا يقبض النجم على هذا اللقب. كيف عشت كلاعب سابق تتويج النجم ومغامرة اليابان؟ صدقني كان أحلى وأجمل وأغلى لقب على مر تاريخ النجم الساحلي.. رأيت فيه تضحيات أجيال من اللاعبين والمسيرين والاحباء.. بهذا التتويج ثم بالمشاركة في كأس العالم للأندية دخل النجم مرحلة العالمية وأضحى فعلا فريقا له اشعاع وهيبة دولية ومن يقول غير ذلك لا يريد الخير للنجم او يحسده على الانجاز الذي حققه للرياضة التونسية. الوصول الى القمة صعب لكن الاصعب البقاء فيها.. أليس كذلك؟ في الرياضة بصفة عامة هناك دوما فترات صعود وهبوط.. حتى مردود اللاعب يصعد وينزل لاعتبارات بدنية او نفسانية. كان بالامكان عدم التفريط في اللاعبين... أو بعضهم على الاقل؟ البوعزيزي جاء الى النجم من منزل بورقيبة وعماد بن يونس من الرالوي وروّان من قابس.. جاء آخرون من أندية أخرى وعدد منا خرج وخاض تجربة الاحتراف.. كلاعب بإمكاني التأكيد على ان اي عنصر في الفريق يصبح طموحه الاحتراف وتحسين أوضاعه المادية متى تحققت بعض الاهداف... بعد اليابان كان منتظرا ان تكبر طموحات اللاعبين وان يتمسك عدد منهم بالمغادرة.. تلك سنة الحياة وتلك هي الكرة ولابد من مراعاة مصلحة اللاعب وفريقه والمنتخب ايضا فالمحترفون يمكن ان يفيدوا الكرة التونسية وأظنكم تلاحظون تلك في المنتخب الحالي. لكن التفريط في عديد الركائز أخلّ باستقرار الفريق؟ كما قلت من المستحيل التمسك بلاعب مشتت ذهنيا ومصرّ على الرحيل... ما الذي تنتظره كمسؤول من لاعب كهذا... رحلة اليابان كانت حسب رأيي الحد الفاصل بين مرحلتين وجيلين في النجم. لنتحدث عن الشبان الصاعدين حاليا؟ في الحقيقة الفريق شهد بعض التغييرات في رصيده البشري ولم يكن هناك استقرار في الاطار الفني وهو ما حرم عديد الشبان من البروز منذ الموسم الماضي.. حاليا هناك لاعبون شبان وموهوبون وما يحتاجون اليه هو بناء شخصية قوية فالكرة حضور وشخصية ورجولة أولا وقبل كل شيء... لكن لابد ايضا من مساندة الاطار الفني والاداري وكذلك الجمهور لهؤلاء الشبان حتى ينضجوا اكثر ويتمكنوا من تقديم الاضافة... شاهدت لقاء النجم والترجي... كيف رأيت الفريق؟ مثلما أشرت آنفا هناك عديد اللاعبين الشبان وبعضهم يخوض أول مباراة رسمية مع صنف الاكابر وبالتالي إصدار حكم قطعي لا يجوز... عموما هناك مؤشرات إيجابية تبشر بكل خير... هناك اندفاع ورغبة في الانتصار وجرأة غير عادية لدى بعض الشبان... هذه روح النجم الحقيقية التي تربّينا عليها... لاحظت أيضا بعض التخوّف في مردود آخرين وهذا أمر عادي فالمباراة من الحجم الثقيل وتحتاج الى حنكة وتحكم في الاعصاب ولعلكم رأيتم كيف أن الترجي انتصر بفضل هذه الميزة تحديدا فهو لم يقدم مردودا كبيرا لأجل ذلك حافظ على هدوئه ولعب بأريحية وساعده الهدف في ذلك. بناء شخصية قوية يحتاج الى وقت؟ ليس بالضرورة... شبان النجم تعوّدوا على الضغوطات النفسية في كل الاصناف... المطلوب هو تعزيز ثقتهم بأنفسهم لكي يحققوا ذلك النضج الذي أشرت اليه... هذه مهمة الاطار الفني والمسؤولين... في أول مباراة خضتها مع النجم عشت حالة كبيرة من الرعب وخفت من ارتكاب الاخطاء ورد فعل الجمهور... الموسم الحالي ذكرني بموسم 95... كنت رفقة قيس الغضبان وعماد بن يونس ضمن مجموعة جديدة لقد توفرت لنا عندها إحاطة ممتازة وتمكنا في غضون موسم واحد أي سنة 96 وبعد القيام ببعض الانتدابات الصغيرة من البروز كأبهى ما يكون وتحقيق نتائج ممتازة... في تلك الفترة استفاد المنتخب أيضا من تألقنا مع النجم وأظن الجميع يذكر إبداعات منتخب 96 في جنوب افريقيا. الصبر... الصبر... هذا ما نريد قوله لأحباء النجم؟ كل نجاح يُبنى لبنة لبنة... ولا يتحقق إلا بتضافر كل الجهود وبكثير من المثابرة والصبر والمساندة المعنوية... الثابت أن النجم سيبقى صرحا عظيما ومنبعا للاعبين الكبار وعلى الاحباء الغيورين أن يساندوا جمعيتهم وأن يكونوا واعين... «إذا ملاعبي ما لعبش مليح يلزم يعانوه». في المجموعة الحالية هل رأيت لاعبين لهم روح واندفاع رياض البوعزيزي؟ دعونا نتفق أولا على أن مردود النجم من الناحية الفنية في مباراة الترجي لم يكن سيئا إن لم نقل أنه محترم الى حد كبير... بعيدا عن المسائل الفنية ما أسعدني شخصيا... هو أن كل عناصر الفريق، لعبوا بروح قتالية طيلة 90 دقيقة (ما ثماش حسابات) فقط كان ينقصنا بعض الخبث الكروي وهذا سيأتي مع الوقت ومع تعزيز الفريق ببعض الانتدابات التي تقدم إضافة مؤكدة. بعض اللاعبين القدامى «يتقاتلون» للحصول على موقع في أنديتهم... لماذا خيرت أنت الابتعاد؟ يا صديقي الكرة تعني الكثير من «الستراس» والتركيز... في لحظة ما يجب أن تبتعد وتلتفت الى حياتك الخاصة... لكن طال الزمن أو قصر فلابد من أن تعود مثل الطير الى «وكرك». لو عرض عليك مسؤولو النجم تحمّل مسؤولية في الفريق هل توافق؟ في الحقيقة لم أكن أفكر في هذا الموضوع بتاتا لكن بمرور الوقت تغيرت القناعات... تسألني هل أوافق وأجيب بالقول دون تردد: «يشرفني أن أقوم يوما ما بدور في الفريق... الى أن يحدث ذلك أقول أن كل من يحب النجم يجب أن يساعد... كل لاعب قديم أو مسؤول مطالب بأن يحمل مع فريقه «وذن القفة» وبصراحة أتساءل لماذا لا يظهر البعض إلا خلال الانتصارات والتتويجات ويغيب بعد الفشل والخيبات. رياض الأجواء في سوسة أصبحت «ثقيلة» جدا وهناك لبس وتجاذبات داخل الجماهير نفسها... ألا ترى بأن ذلك يضر ولا ينفع؟ أنا أرى أن من الضروري السمو على الجراحات والخلافات الشخصية وإبعاد الاحباء عن هذه المسائل لأن المتضرر الرئيسي هو الفريق... على أرضية الميدان يشعر اللاعبون بأن شيئا ما غير عادي فهل هذا في مصلحة النتيجة.. إذا كان البعض يحاول التأثير على جمهور الفريق فيجب أن ينتبه إلى أن ذلك سلاح ذو حدين.. إذا تحسنت النتائج وكذلك المردود لن يقبل أحد في سوسة أو خارجها التشويش على الفريق.. ما الذي يحتاجه النجم خلال الفترة المقبلة لتستقر أوضاعه نهائيا؟ الفريق ف حاجة الى تعزيزات في القطاعات الثلاث للعب أي الدفاع والوسط والهجوم.. يحتاج الى لاعبين برتبة «قائد» في هذه الخطوط وإلى عنصر قادر على توفير اللمسة الأخيرة أمام مرمى المنافس.. فتحت قوس الانتدابات؟ الموضوع يفرض نفسه بنفسه.. النجم كان قويا من هذه الناحية ويجب أن يستعيد عناصر هذه القوة.. نحتاج الى تكوين لجنة انتدابات من اشخاص لهم الخبرة الكافية مع التأكيد على أنه ليس أي لاعب أو مسؤول بامكانه ان ينتدب. في هذا الجانب أيضا أقول إذا كان ثمة اخطاء لماذا لا نحاول اصلاحها بروية.. لماذا نهاجم بعضنا في هذه الظروف الصعبة. من النقاط المطروحة على البساط، التعاقد مع لاعبين ليسوا في حجم النجم؟ بالفعل البعض أصغر من النجم.. وهناك أخرون يحتاجون لوقت طويل لكي يبرزوا حقيقة إمكاناتهم.. المشكلة أن النجم لا يمكن أن ينتظر.. لابد من تقوية الفريق بلاعبين جاهزين ولهم مؤهلات فنية وبدنية تفوق ما هو متوفر في المجموعة الحالية.. إذا تم ذلك خلال فترة «الميركاتو» أتصور أن النجم سيأخذ مساره الصحيح وسينافس بقوة على البطولة هذا الموسم. كيف بدا لك الافريقي هذا الموسم؟ المردود غير مستقر لأن الأجواء داخل الفريق ليست عادية وأثرت سلبيا.. الشيء الايجابي هو أن الافريقي لم يفقد تركيزه والدليل انتصاره خلال المباراة الأخيرة في الوقت بدل الضائع.. هناك سعي حاليا من قبل أطراف لإعادة الأجواء الى نصابها وأظن ان الأوضاع ستتحسن خلال المرحلة الثانية للبطولة.. لابد من القول أيضا بأن استغناء المدرب لوشنتر عن عديد الركائز أخل بتوازن الفريق واعتقد انه سيراجع حساباته.. رأيك في الترجي؟ الأكثر جاهزية.. استقرار في الأداء.. ثقة بالنفس.. الفريق يلعب حاليا على امكانياته الحقيقية عكس الافريقي والنجم. والنادي الصفاقسي؟ بعد الفوز بكأس الكاف أمام النجم كنت أتصور أن هذا الفريق سيكون في طريق مفتوح ولن يوقفه أحد لكن الوجه الذي رأيته بعد ذلك كان مخالفا للتوقعات.. هل أن خروج أبوكو هو الذي أثر شخصيا لا أعتقد ذلك فأي لاعب مهما كانت قوته لا يمكن أن يعطل مسيرة فريق.. على العموم مازلت مقتنعا بأن للنادي الصفاقسي حاليا رصيدا بشريا يمكن اعتباره الأفضل.. للأسف قد تكون المسائل المتعلقة بالانضباط والصراعات الداخلية أثرت على مردود اللاعبين. نأتي الى المنتخب.. البعض يقول اننا ترشحنا وانتهى الأمر؟ تونس تعودت على الترشح لكأسي العالم وافريقيا لهذا لن يكون ذهابنا الى جنوب افريقيا مفاجأة لكن لابد من تجنب الافراط في التفاؤل فلكل مباراة حقيقتها والمواجهات القادمة ليست سهلة مثلما يتصور البعض.. ان كل شيء (بيدنا) وليس (في يدنا) والتالي المطلوب التركيز واعداد العدة جيدا لتحقيق الانتصار.. نختم بكلمة لجمهور النجم؟ أنا متأكد من أن جمهور النجم يعشق فريقه حد النخاع واعتقد انه سيصبر على هذا الجيل الصاعد وسيدعمه،، اتصور أيضا أن جمهور النجم سيستعيد أجواء الانتصارات الكبرى والتتويجات في وقت اقصر مما يتصوره البعض.. فقط قليل من التشجيع حتى يقدم اللاعبون أفضل ما عندهم.