لا أحد منا يستطيع احصاء كميات «السكر» التي يستهلكها يوميا. فلماذا نهتم بهذا الامر ما دمنا نتلذذ بطعم ذلك «القالب الابيض الصغير» الذي يضفي على أطباقنا حلاوة تشدّنا اليها شدا وتزيد من اقبالنا عليها بشراهة. لكننا في كل ذلك نهمل التفكير في حجم المخاطر الصحية التي قد ترتبط بتلك «الحلاوة الخادعة» التي ما إن تلج جسم الانسان حتى تتحول الى ألد أعدائه، وتصبح مصدر خطر عليه. فمتى نعدّل مثل هذه السلوكات الغذائية غير الواعية التي نتيح من خلالها الفرص للأمراض كي تتمكن من أجسامنا؟ والسكّر الأبيض الذي يتواجد في أغلب أطباقنا ويحبّذه الكبير قبل الصغير دون وعي بمخاطره أحيانا وبتجاهل مقصود في أحيان أخرى، يصفه بعض المختصين ب«السم الابيض». وقد اعتبر المؤلف الأمريكي «ويليام دافتي» في كتابه الذي تصدّر قائمة أكثر الكتب مبيعا عند صدوره عام 1975 «كآبة السكر» أنه مادة سامة لجسم الانسان، حيث ربط بين زيادة استهلاك السكر المكرر وعديد العلل التي تذهب حد الاصابة بالكآبة وعديد العلل العقلية الاخرى. مصدر الضرر الكل يعلم أن السكر الابيض هو مادة نباتية الاصل يتم الحصول عليها عن طريق معالجة وتكرير النباتات للحصول على العصارة الحلوة منها عن طريق الطهي والمعالجة الكيميائية التي تتسبب في استبعاد جميع المكوّنات الموجودة في تلك النباتات الاصلية ولا تبقى منها الا المادة السكرية التي تتم معالجتها لتصبح على الهيئة التي نعرفها وبالتالي فالسكر الابيض هو مادة كيميائية 100٪ لأنه خسر خلال عملية التكرير كل العناصر المعدنية مثل البوتاسيوم والمانغيزيوم والكالسيوم والحديد... وكل الفيتامينات والاحماض الامينية والألياف والدهون... ويكمن مصدر الخطورة في أن الجسم عند دخول كمية السكر اليه يحتاج الى تجميع العناصر الغذائية الحيوية والضرورية لهضم السكر من خلايا مخزون كاف من هذه العناصر الغذائية اللازمة لمعالجة وهضم السكر، تتحول هذه المادة الى سموم تتركز في المخ والجهاز العصبي وفي الدم لتسبب عديد العلل مثل تدني القدرات العقلية لدى كبار السن وزيادة في النشاط وعدم القدرة على التركيز لدى الاطفال وتكوّن حصوات الكلى والمرارة وعديد الأمراض الاخرى التي يقف في مقدمتها حدوث المرض الأسوأ مرض السكري الذي يؤدي الى تلف خلايا الجسم كلّه. بالتنويع في الأكل نتجنّب الأسوأ في هذا السياق، يفسّر أخصائي التغذية الدكتور الصادق الڤايجي هذه العملية بقوله ان استهلاك كميات كبيرة من السكر المكرر يساهم في زيادة افراز مادة الأنسولين من طرف البنكرياس وارتفاع نسبة السكر في الدم، وهو ما يتسبب في الاصابة بمرض السمنة لدى كل الذين يدمون أكل السكر الابيض. ونتيجة لارتفاع كميات السكر المستهلكة وكثرة افراز مادة الأنسولين من قبل البنكرياس بسبب ذلك يحدث نقص في افراز هذه المادة (الأنسولين) بمرور الوقت، مما يمهد لظهور مرض السكري لدى الاشخاص الذين يحملون عوامل الخطورة التي تساعد على ظهور المرض. ويضيف الدكتور الصادق الڤايجي أن السكر الابيض باعتباره مادة سريعة الامتصاص، تصل بسرعة الى الدم عند استهلاكها، ويعتبر السبب الرئيسي في الاصابة بمرض السمنة الذي تنجر عنه عديد الأمراض الاخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأوجاع على مستوى المفاصل والظهر والركب وعديد التعقيدات الصحية الاخرى. ومن أجل تلافي حدوث هذه المشاكل، ينصح اخصائي التغذية من يستهلكون كميات كبيرة من مادة السكر الابيض بالتقليل من استهلاكها. كما يوصي بالاعتدال والتنويع في الاكل، بحيث لا يجب ان يقتصر على تناول السكريات فقط. ويؤكد على أهمية الحركة والنشاط تجعل الجسم في أمان من كل المخاطر الصحية المحتملة ويشجع بالخصوص على المشي الذي يعتبره الرياضة المثلى في مثل هذه الحالة.