يدرك القاصي والداني أن لعنة العراق بالأساس هي التي أحرقت العراق.. لعنة استباحت بلدا، ودمّرت مؤسسات وأسقطت قيادة وطنية وأجهضت مشروع نهضة شاملة واغتالت قيادة شرعية وأخضعت العراق لاحتلال مباشر في زمن صدّق فيه بعض المحتالين المتاجرين بقيم نبيلة في قداسة الحرية وحقوق الانسان. تأكيدا، هناك لعنات أخرى تحالفت لاطلاق دابة الاحتلال باتجاه عاصمة الرشيد... لعنة أولى هي لعنة الصهيونية، وهي لعنة لم تدخر مؤامرة ولا دسيسة الا ولجأت اليهما للتخلص من نظام قومي يجاهر برفع راية تحرير فلسطين من النهر الى البحر... ولعنة ثانية هي لعنة تمكّن تيار مسيحي متصهين من دوائر القرار في الادارة الامريكية بجشعه للهيمنة على العالم وللسيطرة على نفط العالم والعراق مفتاح أساسي سواء تعلق الامر بموقعه الاستراتيجي في لعبة الأمم أو بمخزونه النفطي وبمحاورته لأكبر احتياطي العالم من النفط... لعنة ثالثة ضربت العراق هي بالتأكيد ما خطته الإدارة الأمريكية السابقة من مشروع لما سمي «شرقا أوسط كبيرا» والذي حدد العراق قاعدة انطلاق تنطلق منها كرة التفتيت واعادة التشكيل في اتجاه باقي دول المنطقة. ومع ذلك تبقى لعنة النفط هي «أم اللعنات» التي أطلقت الدابة النفطية الامريكية والدولية في اتجاه العراق... دابة بدأت بإسقاط نظام الرئيس الشهيد واغتياله وهو الذي أمّم نفط العراق في سبعينات القرن الماضي وضرب على أيدي شركات الجشع والاحتكار العالمية.. وأعاد ثروة العراق الى شعب العراق... ووظف عائدات النفط لخدمة أبناء العراق ولبناء مشروع نهضة شاملة جعلت العراق يلعب في نادي الكبار وصيّرته رقما صعبا في المعادلات الاقليمية والدولية.. ومنذ يومين ونحن نشهد الفصل الأخير للمهزلة التي أدت الى احتلال العراق واسقاط نظامه الوطني.. ممثلة في ذلك المزاد الكبير الذي ضمّ كل لئام العالم حول مائدة النفط العراقي.. مزاد توزعت فيه الحقول واقتسمت الحصص ليذهب نفط العراق في الاتجاه المعاكس.. ويصبّ في جراب كبريات شركات النفط العالمية.. ولعل المفارقة تبلغ ذروتها حين تتم هذه الصفقات بعيدا حتى عن اللجنة المكلفة بملف النفط داخل ما يسمى البرلمان العراقي.. ليتولى القادمون على ظهور دبابات الاحتلال بيع نفط العراق ورهنه لكل أصحاب الدبابات الذين دعموا الغزو والاحتلال إما بالمال وبالسلاح وإما بالصمت وباللامبالاة.. أمس وأول أمس كانا يومين أسودين في تاريخ العراق حيث صودرت ثرواته ومقدراته من جديد.. ويوم أمس اغتيل الرئيس الشهيد صدام حسين مرة ثانية.. حين اغتالوا قراره بتأميم نفط العراق.. وإعادته لشعب العراق وللأمة.