يعتبر جهاز المناعة لدى الانسان خط الدفاع الاول في مواجهة الفيروسات ومختلف الامراض التي قد تنتج عنها. ولابد لنا أن ندرك معنى هذا الكلام خاصة في مواجهة فيروسات الانفلونزا بأنواعها التي يحفزها هذا الفصل وتزيد وطأتها وانتشارها مع برودة الطقس. ونخص بالذكر النوع الجديد من الانفلونزا المعروف ب A/H1N1 الذي أثار الكثير من الهلع والخوف لدى عامة الناس خاصة مع التضخيم الاعلامي الذي رافق ظهوره على الرغم من أنه ثبت علميا أن هذا الفيروس أقل حدة من فيروس الانفلونزا الموسمية. وفي ظل كل هذا الاخذ والرد، تبين بالكاشف أن ثقافتنا الغذائية محدودة على الرغم من دورها الاساسي والمحوري في حمايتنا ضد كل أنواع الامراض على اختلافها. حيث لاحظنا تغيب الحديث عن دور الغذاء في وقايتنا من هذه المخاطر الصحية، وذلك لدوره في تقوية جهاز المناعة. ففي أحدث الدراسات العلمية، ربطت دراسة سويدية بين نوع الغذاء الذي نتناوله وبين كفاءة عمل جهاز المناعة لدى الانسان. وأكدت أن الانظمة الغذائية التي تعتمد على الاطعمة الدسمة مثلا تتسبب في تراجع في كفاءة الجهاز المناعي عند الافراد، ذلك أن نتائج هذه الدراسة كشفت عن تأثير تناول الاطعمة الدهنية في إضعاف دفاعات الجسم عند مواجهة البكتيريا. وطبقا لدراسة أخرى أعدها باحث من أكاديمية «ساهليغرينسكا» التابعة لجامعة «غوتنبرغ السويدية»، كشفت تجارب مخبرية تستهدف الفئران عن تأثر الجهاز المناعي بزيادة تناول الدهنيات، حيث ظهر تراجع الدفاعات المناعية عند الفئران التي أخضعت لنظام غذائي يعتمد على وجود الدهنيات والشحوم. وأوضح الباحث لويس ستراندبيرغ، أنه وعلى الرغم من أن «السمنة ترتبط في العادة بالالتهابات غير الجرثومية، وهو ما يعني ببساطة أن الدفاعات المناعية يتم تنشيطها بشكل غير ضروري»، إلا أن الدراسة أشارت الى أن الفئران التي اعتمدت على نظام غذائي غني بالدهون، أظهرت انخفاضا في نشاط جهازها المناعي. وكان الباحث أجرى تجربة على مجموعة من الفئران، بهدف البحث في تأثير النظام الغذائي الغني بالدهون على وظائف الجهاز المناعي. وتضمنت التجارب إخضاع عدد من الفئران لنظام غذائي غني بالدهون، حيث بلغت نسبة الحريرات الناتجة عن تناول الدهنيات 60٪ من مجموع الحريرات الكلي الذي حصل عليه الفأر، في حين لم تتجاوز تلك النسبة 10٪ عند بقية الفئران، والتي اعتمدت على نظام غذائي ذي محتوى منخفض من الدهون. وبحسب الدراسة، أصيبت فئران المجموعة التي اعتمدت على تناول الدهون بالسمنة، كما تراجعت دفاعاتها المناعية، إذ لم تنجح كريات الدم البيضاء لديها في القضاء على بكتيريا العنقودية الذهبية التي تسببت في إصابة الفئران بتسمم الدم، الامر الذي أدى الى نفوق العديد من تلك الحيوانات. الغذاء أولا مع بداية انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير مثلا، تحدث الكل عن أهمية عنصر الوقاية، وكثر الحديث عن النظافة وغسل الايدي ووقع التشجيع على هذه الممارسات. وهي هامة بالطبع، لكن لاحظنا غياب الحديث عن دور الغذاء كعنصر وقاية يبقى الأهم على الاطلاق. ويرى خبراء التغذية أن المصاب بأنفلونزا الخنازير عليه أولا، وقبل السعي وراء الدواء، الاهتمام الغذائي، باعتباره أهم وسائل للعلاج من المرض أو الوقاية منه. وفي هذا السياق تقول د. لوسي جونز خبيرة التغذية البريطانية في تقريرها الطبي الخاص: «يجب شرب جميع أنواع السوائل وعصائر الفاكهة والماء والحليب، في حدود نصف لتر يوميا، خصوصا عندما تكون درجة حرارة الجسم مرتفعة». وتضيف الاخصائية: «جميعنا يعرف أن البرتقال جيد جدا في علاج نزلات البرد، لأنه يحتوي على فيتامين س، وهناك أيضا الزنك والحديد والبروتيين، وهذه المواد موجودة أيضا في اللحم والسمك والمكسرات والبذور والخضر والحبوب». ويؤكد خبراء التغذية أن السوائل وحدها ليست كافية لضمان العلاج أو الوقاية بالغذاء، فالمواد الغذائية من الخضر والفاكهة لها أهمية كبرى في دعم جهاز المناعة. وبالاضافة لذلك فالكمية الكافية من الالياف الموجودة في الحبوب، كالقمح والذرة والشعير، التي تدخل في صناعة الخبز والكعك، تساعد في الحفاظ على الطاقة وبناء الجسم ونموه. وعن الخبز يقول خبراء التغذية «يحتوي الخبز على الكربوهيدرات النشوية التي تحافظ على الطاقة على مدار اليوم، والجسم بحاجة الى طاقة كي يكافح المرض». ويؤكد خبراء التغذية أن الغذاء الصحي والسليم يتفاعل مع العلاج، وبالتالي فإن الاهتمام بالنظام الغذائي يقي من الامراض، سواء من أنفلونزا الخنازير أو أية أمراض أخرى.