الافريقي يرفض تغيير موعد الدربي    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    رفض الافراج عن سنية الدهماني    الهلال الأحمر الإيراني يكشف تفاصيل جديدة حول تحطّم المروحية الرئاسية    فلاحون يستغيثون: فطريات ألحقت اضرارا فادحة بالطماطم المعدة للتحويل    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    تونس: عقوبات تصل إلى 3 سنوات سجنا لكل من يعتدي على أملاك الدولة    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة الحادية عشرة    صفاقس اليوم الجهوي للحجيج    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    مختص في الموارد المائية : تحلية مياه البحر هو خيار ضروري    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    البرلمان يعقد جلسات عامة للنظر في عدد من مشاريع القوانين    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    القيروان: إنتشال جثة سبعينية من فسقية ماء بجلولة    قبلي: الإطاحة بمروج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    حاول سرقة محل تجاري بأسلحة بيضاء ...فوقع في قبضة أمن قرطاج    الجنائية الدولية تطلب إصدار مذكرة اعتقال ضدّ نتنياهو    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    وزارة التشغيل تمدّد في آجال التسجيل في برنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعثرة إلى غاية يوم 16 جوان القادم    أبطال إفريقيا: تاريخ مواجهات الترجي الرياضي والأهلي المصري في القاهرة    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    فقدان 23 تونسيا في سواحل قربة ما القصة ؟    فيديو وصور يوثّقان المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    بداية من اليوم : إنطلاق تحيين السجل الإنتخابي للتونسيين المقيمين بالخارج    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة رئيس ايران تنبأت به الفلكية ليلى عبد اللطيف قبل شهرين..وهذا ما قالته..!!    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    البرلمان : يوم دراسي حول انضمام تونس إلى بروتوكول اتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24.5 بالمائة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحارس الدولي السابق عبد الله الطرابلسي ل «الشروق»: لاعبو اليوم أغنياء... لكن كرتهم فقيرة !
نشر في الشروق يوم 17 - 12 - 2009

التاريخ لا يرحم أحدا ولا يظلم أحدا وتصفح دفاتره يميط اللثام على حقائق عديدة تنفع أصحاب الذاكرة الضعيفة وتمثل عبرة لمن يريد الإعتبار من أولئك الذين سيذكرهم التاريخ في يوم ما... «الشروق» إستضافت عبد الله الطرابلسي الحارس الدولي السابق وحارس الملعب التونسي في شهادة على عصره المثير والطافح بالحقائق وفي الحديث عن واقع أليم يعيشه بعد أن تنكر له الجميع من السابقين والحاليين.
هنا نريد أن نشير الى مجهودات مجموعة «أوفياء البقلاوة» (www.stadetunisien.net) الذين ساعدونا في الوصول الى الرجل «لإنصافه» وهو ما يعكس تواضع ضيفنا وعزة نفسه وهو لا يريد البكاء على أبواب المسؤولين أو فضاءات الإعلام... وإليكم تفاصيل ما استطعنا الخروج به في حكاية عبد الله الطرابلسي وللإشارة فإن هذا الحوار هو الأول لهذا الحارس بعد اعتزاله اللعب.
بداية لم تكن عادية
ولد عبد الله الطرابلسي في 14 أوت 1942. إنقطع عن الدراسة في السنة السادسة إبتدائي (نظام قديم) لتنطلق رحلته مع كرة القدم وعن بدايته تحدث: «إنقطاعي عن الدراسة كان نتيجة طبيعية لأنني مطالب برعاية عائلتي وإخوتي. إنطلقت كغيري من أبناء جيلي في «البطاحي» إلى أن إكتشفني صلاح الدمرجي أحد المسؤولين في الملعب التونسي وإقترح علي الإنضمام للفريق صحبة عبد الوهاب الأحمر لتبدأ رحلتي مع الأصاغر في 1956 1957 وتدرجت إلى أن بلغت صنف الأكابر في 1963.
بدايته مع الأكابر كانت ربما أسوأ بداية ممكنة للاعب كرة القدم، ففي المباراة الأولى التي لعبها في 17 مارس 1963 ضد الترجي تلقى خلالها خماسية كاملة في شباكه فإتهمه البعض حينها بالتواطؤ لصالح الترجي، لكنه دافع عن نفسه قائلا: «في تلك المباراة تعرض علي السماوي الحارس الأساسي لكسر في يده قبل بداية المباراة فتم الاستنجاد بي قبل بداية المباراة بساعة وجئت من المنزل لأنه لم يكن حينها هناك قائمة للإحتياطيين، وقد لعبت وقبلت خمسة أهداف. لكن الملعب التونسي سمح حينها للترجي بالفوز عليه بنتيجة عريضة لتفادي النزول وقد أنقذنا الترجي حينها لينزل النادي الرياضي لحمام الأنف وكانت الخماسية كافية لتضمن بقاء الترجي بفارق الأهداف.
لقبان و35 دينارا
لم تكن الطريق مفتوحا أمام عبد الله الطرابلسي حتى يفرض نفسه أساسيا في تشكيلة الملعب التونسي حيث لعب إحتياطيا لكل من السماوي وعسلة منذ 1963 الى 1966 حيث أصبح أساسيا بعد ذلك إلى حدود سنة 1977 وإبتعد بعدها عن الميادين في هذه الفترة فاز عبد الله الطرابلسي بلقبين مع الملعب التونسي وقد تحدث عنهما: فزت ببطولة تونس مع الملعب التونسي موسم 1964 1965 وقد كنت إحتياطيا حينها ثم فزت بالكأس موسم 1965 1966 على حساب مستقبل المرسى ولم ننعم في المناسبتين إلا منحة قدرت ب35 دينارا. رغم فوزنا بكأس الكؤوس الذي كان من إقتراح بورقيبة بعد فوزنا بالكأس وفوز النجم الساحلي بالبطولة فطالب بورقيبة بمباراة فاصلة بيننا وقد فزنا حينها وتفوقنا على جيل: عظومة وحباشة والشتالي ومحفوظ وغيرهم... حينها كنا نلعب فقط من أجل «المريول» فكانت كرة القدم غنية واللاعبون فقراء أما الآن فالعكس هو الذي يحكم لعبة كرة القدم في تونس وهذه الوضعية تنطبق على المنتخب حيث كنا نجري التربص بدينار فقط لكل لاعب وعند المشاركة في المسابقات، لا يتحدث معنا المسؤولون عن المنح أو الإمتيازات، فقط كان الباجي المستيري أو العربي سليم أو الجيلاني بكار يضعون العلم أمامنا ويقولون: لأجل هذا جئنا... تلك هي حال كرة القدم التي لعبناها وفزنا بالبطولة بميزانية قدرها 4 ملايين...
رحلة قصيرة مع المنتخب
أول مشاركة للطرابلسي مع المنتخب كانت في 21 مارس 1966 بدعوة من المدرب المختار بن ناصيف وكانت أول مباراة ضد دينامو موسكو الروسي في إطار ودي وإنتهت بفوز المنتخب بهدفين نظيفين ما أعطى أملا للطرابلسي لكتابة فصول رائعة في تاريخه مع المنتخب لكن الواقع لم يكن في مثل الطموحات وفي هذا يقول محدثنا: «إنتهت علاقتي بالمنتخب في 20 فيفري 1972 بعد المباراة الودية بين تونس والنمسا والسبب كان عامر حيزم فبعد مباراتنا ضد المغرب في المغرب في إطار تصفيات كأس العالم 1972 أقصاني من تربص المنتخب لمباراة الإياب وذلك بسبب إحتجاجي في المغرب ورفض البقاء إحتياطيا ومنذ تلك المباراة لم أتقمص زي المنتخب لكنني للأمانة التاريخية علي الاعتراف بفضل هذا الرجل عامر حيزم في إعداد المنتخب الذي تأهل لكأس العالم 1978»... وإذا ما اعترف شخص بشهادة خبر من الشخص الذي ظلمه فإن ذلك يدل على تواضع أشخاص من طينة أخرى.
سألت محدثنا إن كان عتوقة كذلك سببا في إبعاده عن المنتخب، فأجاب عن تفاصيل حكايته مع عتوقة بكل تواضع: بالنسبة لي أعتبر عتوقة أعظم حارس في تاريخ تونس وهو أفضل مني وقد كنت احتياطيا له مدة 7 سنوات. وأعترف أن الفضل يرجع له بالأساس في ترشح منتخبنا الى نهائيات كأس العالم 1978، بعدما تصدى إلى ركلة جزاء فراس ولن أضيف شيئا في هذا إلا أنني الأفضل بعد عتوقة ومن بعد هذا الحارس الأسطورة لم تنجب تونس أي حارس آخر باستثناء شكري الواعر إلى حد الآن.
بين المال وبين رضى الوالدين
شارك المنتخب التونسي في دورة الألعاب المتوسطية بأزمير في تركيا سنة 1967 وقد لعب عبد الله الطرابلسي مباراة بين تونس وتركيا في 22 جانفي 1967 انتهت بالتعادل السلبي، حينها لفت حارسنا الدولي أنظار العملاق التركي فريق قلعة السرايا وكان قاب قوسين أو أدنى من الانضمام إليه لكن الصفقة لم تتم لأسباب يشرحها محدثنا: «أعتبر أنني في تلك المواجهة قدمت أفضل مباراة لي مع المنتخب وهو ما جعل الفريق التركي يرغب في انتدابي لكنني اصطدمت في البداية برفض الملعب التونسي برئاسة العجمي سليم، ثم برفض الجامعة حيث ضمن قائمة ستين لاعبا دوليا ممنوعين من اللعب خارج أرض الوطن لكن كل هذا كان يمكن تجاوزه حيث وافق المسؤولون عن الملعب التونسي تسريحي للفريق التركي لكنني اصطدمت حينها بحاجز أقوى وهو رفض والديّ، وحتى إغراؤهم بمبلغ 700 دينار مقابل احترافي لم يكن كافيا لإقناعهم وذلك لأنني كنت من يعتني بتلك العائلة وأسعى إلى تلبية حاجياتها وكان الاختيار صعبا بين المال والشهرة وضمان مستقبلي ومستقبل عائلتي وبين كسب رضاء الوالدين فاخترت البقاء ورضيت بما كتب الله لي ما كان يحركنا حينها هو حب المريول أما المادة فكانت آخر الأشياء التي نفكّر فيها».
السيناريو تكرّر مرة أخرى مع عبد الله الطرابلسي عندما رغب الترجي في انتدابه عقب موسم 1971 و1972 وهذه المرة كان السبب مختلفا في منع الحارس من تغيير الأجواء: «لم أكن قادرا في ذلك الوقت على ارتداء قميص الترجي وأنا أقطن في باردو وكان الأمر بمثابة المفارقة الصعبة فأنا أعشق الملعب التونسي ولون دمي أحمر وأخضر وحينها لم يكن اللعب في صفوف الترجي طموحا كما هو الحال اليوم، فالملعب التونسي كان بدوره كبيرا وطموحا بالنسبة لأكبر اللاعبين».. هنا ذكرت محدثنا بقائمة طويلة من اللاعبين الحاليين الذين غادروا الملعب لفرق أخرى ومن بين هولاء ذكرت القربي والمساكني فأجابني: «بالنسبة لحالة المساكني والقربي لا يمكن أن ألومهما كثيرا فنحن في عهد الاحتراف حيث تسيطر المادة ويغيب حب الجمعية لكنني ألوم المسؤولين الذين فضّلوا المادة على الاحتفاظ بمواهبهم من أجل مصلحة الفريق وإذا كان المسؤولون يتذرعون بغياب الأموال نذكرهم أننا فزنا بالبطولة بميزانية قدرها 14 ألف دينار كما كنت رفقة أحمد المغيربي وعلي عزيز والحبيب مختار نجمع التبرعات من كبار الأحباء لدعم فريقنا..
كنّا بسطاء لأن الكرة للفقراء الذين يخرجون من البطحاء وبين إفرازات ذلك العهد وهذا العهد، نتائج لا نجد صعوبة في إحصائها.
في سياق هذا الحديث تذكّر محدثنا التصريح الأخير للقربي الذي أثار ضجة في باردو فعلّق قائلا: «تمنيت أنك لم تقل ما قلته لأن الملعب التونسي مدرسة مرّت منها أسماء مثل نور الدين ديوة وفتحي السخيري وتوفيق السخيري وأحمد المغيربي والمجاهد القاسمي...
اللاعبون بين الأمس واليوم
لا يمكن أن تجالس أحد أساطير الكرة في تونس دون أن تتحدث معه عن الفرق بين ذلك الجيل وهذا الجيل، لأن ما يحدث في ملاعبنا كل مرة وما يتحفنا به لاعبو هذا الزمن يجعل المقارنة مفتوحة وقد كانت إجابة الطرابلسي كالآتي: «لا مجال للمقارنة بيننا وبينهم فالفرق شاسع على جميع المستويات، فاليوم لا يوجد لاعب قادر على حسم نتيجة لقب أو مباراة لصالح فريقه وهنا أسوق مثال عتوقة الذي يصنع الفارق بمفرده وعندما تواجهه تحسّ وكأنك تواجه فريقا بأكمله حتى من ناحية الانضباط يبرز الفريق الكبير فأنا شخصيا أذكر أن عمّار النحالي طرد في ذات مرة بسبب شعري الطويل أما الآن فلم يتعلّم لاعبونا من الأوروبيين سوى اللوك أو التسريحة ولم يتعلموا منهم كيف يلعبون كرة القدم وهنا أريد أن أذكر العربي الماجري أن الهدف الذي قبله في الدربي كان نتيجة خطإ لا يغتفر فقد «درسنا» أن منطقة الجزاء كلها ملك لحارس المرمى... أنا لا أعرف: عبد الكريم النفطي ولا أسامة الدراجي أو أمير العكروت أو البلبولي، بل أعرف نور الدين ديوة ومحي الدين الصغير وعبد المجيد الشتالي وتميم الحزامي...
مواصفات حارس كبير
إذا كان التاريخ لم يسعف عبدالله الطرابلسي في نحت مسيرة مثل غيره من الحراس وإذا كان الإعلام ساهم بقسط وافر في هضم حق هذا الرجل إلا أن المواصفات التي تمتع بها أنصفته ولا يمكن لأحد أن ينكرها وتركنا له المجال لتأكيدها: «سلاحي في ذلك الوقت كانت رشاقتي وقوتي البدنية اتهمني البعض بأنني أفرط في القيام بالحركات الرشيقة على حساب الأداء الجيد لكن تلك كانت حركات أقوم بها للتأثير في المنافس وللتعبير عن وجودي ولأقول لخصمي أنني جاهز في كل الأحوال. إمكانياته البدنية جعلت المهاجمين يهابونه وهذا ما أكده قائلا: «أعتبر منطقة الجزاء، منطقة نفوذي الخاصة لا يمكن لأحد أن ينافسني على الكرة في هذه المنطقة أو حتى زملائي لا أسمح لهم بلمس الكرة أذكر أنه ذات مرة وفي صعود ثنائي مع المغيربي لإرجاع الكرة ضربتها بقبضة يدي فتسبب ذلك في جرح عميق في حاجب المغيربي وعندما لامني «النحالي» لأنني لم أقل للمغيربي «أتركها» أجبته هذه الكلمة لم أقرأها في أي كتاب أو أي كراس.. وأذكر أن المحسن حباشة كان يخاف من الصعود إلى الركنيات عندما أكون في المرمى»
كنت أطلب من زملائي تسجيل الأهداف منذ البداية لأتكفل بالباقي مثل ما حصل في نصف نهائي الكأس موسم 19711972 عندما فزنا على الترجي بهدف نظيف حيث ساهمت في ذلك بنفس الطريقة في مواجهة تميم ورضا عكاشة ومختار القابسي وغيرهم... كنت أتمتع بقدرة على إيصال الكرة إلى منطقة جزاء المنافس ليتكفل المهاجمون بالبقية...
طرائف وذكريات
تاريخ مثل التاريخ الذي يملكه عبدالله الطرابلسي لا يمكن أن يخلو من بعض الطرائف والذكريات الجيدة التي تركنا ضيفنا يستحضر أبرزها: «أذكر أنه في موسم 19721973 لعبنا مباراة في إطار البطولة ضد النجم الساحلي بسبعة لاعبين بعدما نسي المدرب عمار النحالي إجازات اللاعبين فلعبنا بخمسة لاعبين من الفريق الأول لأنهم حملوا بطاقات تعريف وكنت من بينهم إضافة إلى محي الدين الصغير وعلي الهمامي والمنصف رزوق واستعرنا لاعبين من الأواسط هما المنصف برباش ورؤوف المدب وقد خسرنا نتيجة «لطيفة» استقرت على ثلاثية نظيفة.
والأكيد أن مضيفنا لم ينس هدف المنصف الخويني في نهائي الكأس ضد النادي الإفريقي في موسم 19711972: «لا أريد أن أتنصل من مسؤوليتي التاريخية في ذلك الهدف لكنني لا أتحمل إلا ربع المسؤولية لأنني أرجعت كرة قوية من حسن بعيو فوجدت رأس الخويني ليضع الكرة في الشباك على بعد مترين من المرمى لكن نورالدين الرزقي الذي كان مكلفا بمحاصرة المنصف الخويني هو الذي لم يقم بدوره على أكمل وجه فكان أن قبلت الهدف في الدقيقة 92.. الخويني هو واحد من المهاجمين الذين لا يمكن أن أنساهم من ذاكرتي: «من بينهم المنجي دلهوم، عبد السلام عظومة، عبد الجبار ماشوش، عثمان جنيح»...
هنا طلبنا من عبد الله الطرابلسي أن يسمّي التشكيلة المثالية للملعب التونسي في كل الاوقات فقال: «هذا صعب جدا لانني يمكن أن أظلم أحد الاسماء «الكبرى» وأرجو أن يسامحني البعض على اختياري هذا: «الطيب السحباني محسن كرفالة الطيب الجبالي محي الدين زڤير أحمد المغيربي رشيد الشريف الطاهر النحالي جمال الدين الناوي عبد الوهاب لحمر ابراهيم كريت المنصف الشريف نور الدين ديوة.
بداية إعادة الامجاد
نتائج الملعب التونسي التي تحققت هذا الموسم لم تكن لتمر في الخفاء دون أن يكون لعبد الله الطرابلسي رأيا فيها، نتائج اعتبرها البعض مفاجئة لكنها مثلت بداية الصحوة في رأي محدثنا: «النتائج التي تحققت الى الآن ستمثل المنطلق لارجاع الملعب التونسي الى مكانة هذا الفريق الذي سيطر في وقت من الاوقات على الكرة التونسية، ما حققناه الى الآن ليس صدفة ولا يمكن لاحد أن يتفاجأ عندما يفوز الملعب التونسي على الترجي أو النجم أو الافريقي فذلك كان فيما مضى نتيجة طبيعية وما يحصل الآن ساهم فيه أحمد المغيربي بقسط كبير... وهنا نذكّر الذين لا يقرؤون التاريخ جيدا أن الملعب التونسي كان من أول الفرق التونسية الذي طبّق الاحتراف بفضل مجهودات الرئيس الاول الحمادي بن سالم فاللاعبون كانوا موظفين، يعملون بالمستشفيات وشركات النقل وشركات التأمين وهو ما أرساه الرئيس الهادي النيفر حيث كنا نتدرب من منتصف النهار الى الساعة الثانية بعد الزوال قبل العودة الى العمل كما أن التجهيزات والمعدات التي يتم استعمالها في التدريب كانت تعتبر وقتها عصرية ومتطورة مقارنة بما يتوفر عند باقي الفرق حيث كان السبق للملعب التونسي، كل هذا يعتبر عاديا بالنسبة لنا في فريقنا...
نهاية تراجيدية
لاعب بمثل هذا التاريخ وهذه المسيرة لم يسعفه الحظ في كتابة نهاية في حجم إنجازاته تضمن له العيش الكريم وتقيه الحاجة والخصاصة التي يعيشها الآن وبقدر ما استمتعنا بالحوار بقدر ما آلمتنا هذه الكلمات التي قالها: «أنا الآن متقاعد من العمل وأتقاضى راتبا شهريا لا يزيد عن 350 دينارا... أعيش في منزل شقيقتي لانني لم أجن من كرة القدم المال الذي يجعلني أتمكن من شراء منزل وجراية قدرها 350 دينارا لا تكفي لتلبية حاجيات العائلة التي أعيلها في الوقت الحالي... تنكر لي فريقي الملعب التونسي ولم يتم إنصافي مثلما حصل مع أولئك الذين لعبوا في «البقلاوة» بطرق مختلفة وهم الآن يعيشون في رغد من العيش... نفس الشيء تكرر مع الجامعة التونسية التي لم تعترف بما قدمته مع مختلف المنتخبات الوطنية من المنتخب العسكري الى منتخب كرة القدم حتى البطاقة التي منحت لي للدخول الى الملعب مجانيا انتهت فاعليتها منذ 1985 1986 ومنذ ذلك الوقت لم أتمكن من دخول الملعب لانه ببساطة لم يكن بإمكاني توفير ثمن التذكرة...
أكثر ما حزّ في نفسي، أنني لم أستطع حتى الزواج فقد عقدت القران في 1971، ثم انفصلت في 1975 لانني لم أستطع امتلاك منزل وتكوين أسرة مثل أي أسرة، ناهيك عن الكماليات التي باتت اليوم من الضروريات مثل الهاتف فأنا لا أملك هاتفا جوالا وهو ما صعب عليّ التواصل مع الآخرين وأنتم شاهدون على ذلك لانكم وجدتم صعوبة في الاتصال بي...
تمنيت أن لا أقف على باب أي مسؤول وأن لا أطلب مساعدة من أحد لكن ضيق ظروف الحياة كان أقوى، صبرت كثيرا وفضلت الصمت لكن لم يعتن بي أحد ولم يلتفت إليّ أحد في حين يتمعش بعض الذين أنصفهم التاريخ بالعيش في ظلال البقلاوة وبالاموال التي تعب في تكوينها الرجال...
لا أطلب أي شيء سوى حقي من الملعب التونسي أولا وحقي في وظيفة داخل الفريق الذي ترعرعت فيه وكبرت في أرجائه، وظيفة تجعلني أعيش وسط ظروف أفضل وأحقق أمنيتي في أن أعمل في فريقي الأم ولا أفهم لماذا يريدون إقصائي؟... نفس الشيء بالنسبة للجامعة التي منحت بعض المزايا والوظائف من اللاعبين القدامى أصحاب النفوذ في حين كان «البسطاء» مثلي ومثل الكثيرين من أمثالي ضحية تلاعب أشباه المسؤولين بتاريخ الرياضة التونسية... حتى أنتم الاعلاميون تتحملون المسؤولية في ذلك فمنكم من يتذكر القدماء حسب مصلحته وحسب انتماءاته الضيقة... أناشد المسؤولين في الملعب التونسي وفي الجامعة إنصافي وأعتقد أن هناك أشخاص من الجانبين يقدّرون ما قدمته للكرة في تونس وأنا واثق من رفعة أخلاقهم ومن قدرتهم على مساعدتي...
وفي الختام أشكر «الشروق» على هذه اللفتة الكريمة...
الى هنا انتهت حكاية عبد الله الطرابلسي ونترك للقارئ حرية التعليق وسط مفارقة ما كان وواقع ما يحصل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.