عندما لا يتحقّق الحلم بعد سنوات الدراسة طالت أو قصرت، كيف يكون ردّ الفعل؟ هل نبحث عن عمل في غير الاختصاص، بنوع من التنازل أم نبقى في انتظار فرصة الحصول على وظيفة ترضي الطموح وتعوّض ليال سهرنا في مراجعة الدروس وحفظها؟ حول هذا الموضوع سألناه عددا من الشبان «أحبّذ أن أعاني وأنا أعيش البطالة على أن أعمل في غير الاختصاص»، هكذا تحدثت فتاة متحصلة على الأستاذية في الانقليزية، وواصلت مفسّرة «لأنّني منذ أن بدأت المرحلة الأولى من الدراسة كان أمامي هدف واضح واستطعت أن أنجح ولم أتغيّر أبدا ووقف أمامي حاجز الكاباس وها أنا أنتظر». البطالة حلّ «ألاّ أعمل أفضل بكثير من العمل في غير اختصاصي، أليس كذلك»؟ تواصل حنان، موجهة كلامها إلى كريمة، صديقة لها متحصلة على الأستاذية في الفرنسية وتؤيدها حنان وتُضيف «أن أبقى عاطلة عن العمل أفضل بكثير من العمل مع أشخاص لا يقدرون مجهوداتي أو في وظائف تحطّ من شأني»، وتوضح كريمة: «لقد جرّبت العمل في مؤسسة ما وأحسست ب«الأسى» من جميع من هم حولي لأنّني متحصلة على شهادة علمية فأصبحت الشهادة بمثابة العبء وأحسست في مرحلة ما بالندم لأنني كنت متفوقة في دراستي، لقد وصلت إلى مرحلة الإحباط، وحينها تأكدت أنني لم أختر الدراسة اعتباطيا فالعمل محيط كامل وليس مجرّد القيام بالوظيفة بطريقة آلية». الاختصاص أساس المردودية حسّان حدثنا عن جانب آخر من الموضوع فقال: «أنا متحصل على شهادة تقني سام في الصيانة الصناعية أعمل في وظيفة بعيدة تماما عن اختصاصي، حقيقة أشعر أنّني مقصّر تماما في عملي، أعمل حتى لا أعاني الفراغ». ويواصل ضاحكا: «الفراغ بكل أنواعه: فراغ الوقت، وفراغ «المكتوب» فأنا ضدّ «الفلس» وقد تعودت تحصيل مصروفي حتى خلال سنوات الدراسة». محمد أيضا، قال لنا: أنا خرّيج إحدى الجامعات، ومنذ عشر سنوات، وأنا أعمل في غير اختصاصي، لذلك أصبحت أشعر وأنا في عملي وكأنني تخصصت فيه» ويفسّر: «أعمل لأجل الشهرية أقوم بما يطلب مني وبكل كلل وملل، فأنا تقريبا مختص في «التكركير». لا للبطالة صابرين، متحصلة على الأستاذية في الانقليزية وتشغل وظيفة عون في شركة خاصة تؤكد أن العمل في غير الاختصاص هو الحل إن لم يتسن لك فرصة الحصول على وظيفة في مجال اختصاصك، أو فرصة القيام بمشروع خاص فالبطالة وضعية مريرة لا تخلف إلا الشعور بالجمود والعزلة وعدم الفاعلية وتضيف صابرين: خلال مرحلة الدراسة كنت أستطيع أن أتقبل الحصول على «مصروفي» من أبي وأشعر أنني أستحق ذلك المصروف، ولكن ما إن أتتمت دراستي حتى أصبحت أشعر بالخجل وقد مررت بفترة قصيرة قبل أن أجد عملا، ولم أتحمل أبدا وضعي كعالة على والدي». بشّار، زميل صابرين في العمل يقول في نفس الموضوع: «أن أعمل مضطرّا أفضل من أن أضطر «لمد يدي»، إن صحّ التعبير، لقد تخرجت وعانيت البطالة وأصعب لحظة كنت أمر بها عندما أنفرد بوالدتي لأطلب منها بعض المال، أما والدي، فلا أتجرّأ أبدا على مجرد الحديث معه في الموضوع». ويضيف: «صحيح أنني لا أرحب بمهنتي هذه كثيرا ولكني أرحب ب«الشهرية» مع كل آخر شهر». أمثال عديدة سمعناها خلال حديثنا مع هؤلاء الشبان «شاقي ولا محتاج» و«عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة» و«اللي يستنّى خير ملّي يتمنى» وكلها أمثال نكشف أن فترة البطالة مرحلة ألم وأمل فترة يصطدم فيها الحلم بالواقع ويطغى العقل في النهاية.