اتجهت مشكلة قافلة «شريان الحياة» الى قطاع غزة نحو الحل بعد موافقة المشرفين على القافلة على تغيير مسارها ودخول غزة من ميناء العريش كما طرحت السلطات المصرية وليس من ميناء النويبع كماكان يريد المنظمون... لكن حل هذا الاشكال يجب ان يفتح عيوب العالم على الاشكال الاكبر ألا وهو الحصار الظالم المرفوض على حوالي مليون ونصف مليون مواطن والذي يحرمهم حتى من أبسط مقومات الحياة. هذه القافلة التضامنية التي اشترك فيها ناشطون ومتطوعون من عديد الجنسيات ومهما كان حجم المساعدات التي تحملها، فإن مفعولها الرمزي يبقى أكبر... فهي صرخة ضمير في وجه الحصار والتجويع وفي وجه الصمت واللامبالاة... وهي صرخة ضمير تعرّي الجريمة الصهيونية وتكشفها على حقيقتها أمام العالم.. جريمة بدأت بعدوان شامل لم يستثن شيئا ولا أحدا.. وتستمر بالحصار وهو أشد فتكا وإيلاما وتدميرا.. وسيبقى الأبرياء في غزة يدفعون فاتورة لأجيال قادمة... والمطلوب اليوم، بعد صرخة الضمير هذه... وأبعد من نبل وقداسة المعاني والمضامين التي تفيض بها هذه الحركة الانسانية التي باتت مألوفة من مناضل من طينة النائب البريطاني جورج غالاوي والكثيرين من شرفاء العالم من أوروبيين وأمريكيين وعرب، المطلوب هو استغلال الديناميكية التي أثارها دخول هذه القافلة الى غزة والتوجه بها نحو أصل الداء وأصل البلية... ممثلين في الحصار الشامل والظالم الذي يدمّر كل شيء في القطاع ويحرم مئات آلاف البشر من أبسط حقوق الانسان ممثلة في الغذاء والدواء علاوة عن حقهم في العيش بحرية حقيقية وسلام في دولة فلسطينية موحدة وعاصمتها القدس الشريف... وتوفر الحد الأدنى من الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني كافة. ان رؤية تلك الروح التي يتحلى بها «غالاوي» ورفاقه واصراره على مغالبة الصعاب لرسم بسمة على شفاه أطفال غزة، يفترض أن تحفّز الأشقاء العرب للتحرك نحو انهاء الحصار وانهاء حالة الانقسام التي تضرب القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية في الصميم... فهل يعقل أن نرى مواطنين جاؤوا من كل حدب وصوب متسلحين بذلك الاصرار على تحدي الحصار وتحدي الصهاينة ونكتفي نحن بالفرجة على مأساة تدخل عامها الثاني؟ وهل يعقل أن يدفعنا الاختلاف السياسي مع حركة حماس الى إدارة الظهر لمليون ونصف المليون مواطن يتكدّسون في القطاع يتقاذفهم الفقر والحرمان ودمارات العدوان الذي أتى على كل شيء؟ ولتكن «شريان الحياة» برمزيتها ونبيل مقاصدها شريان حياة حقيقي يعيد الروح برمته ويخلّص القطاع من براثن الصهاينة.