احتضنت قاعة حسن حسني عبد الوهاب بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة لقاء بمناسبة إحياء ذكرى ولادة براي مبتكر كتابة براي النافرة لفاقدي البصر، والاحتفاء بالخبير الاممي التونسي محمد الراجحي. والخبير الأممي التونسي محمد الراجحي: هو أول تونسي من المبصرين ينقل طريقة الكتابة البارزة الى تونس ويضع الابجدية المعربة لهذه التقنية. وقد حضر هذه التظاهرة ثلة نيرة من المكفوفين من أجيال متعاقبة أساتذة ومعلمين ودكاترة ومبدعين وباحثين من طلبة جامعة منوبة. افتتح الاستاذ الدكتور شكري المبخوت عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، اللقاء مرحبا بالمحتفى به معبرا عن شرف اللقاء التاريخي الذي أتاحته هذه المناسبة لكي يلتقي الراجحي بأبنائه المكفوفين في رحاب كلية الآداب التي تخرج منها عدد هام من الطلبة ذوي الإعاقة البصرية وهذا راجع الى فضل المجهودات الجبارة التي بذلها السيد محمد الراجحي منذ توليه شؤون المكفوفين في مطلع الخمسينات. وكلية الآداب إذ تحتفي بالراجحي فإنها تكرم واحدا من رجالات التنمية الإنسانية الذين رفعوا راية تونس خفاقة خارج حدود الوطن. وقد بين السيد عميد كلية الآداب أن المحتفى به يعتبر المؤسس لعديد المؤسسات التربوية والتنموية في تونس وفي افريقيا ودول العالم الإسلامي، وهو يعتبر من هذه الناحية ممثلا نوعيا لاشعاع الخبرة التونسية في المحافل الدولية. والسيد محمد الراجحي وبعد تأسيسه لمعاهد النور في تونس وفي سوسة بعث المؤسسات الجامعية المختصة في تونس مثل المعهد الأعلى للترجمة بسوسة والمدرسة العليا للعلاج الطبيعي بباب بنات والمركز العربي الافريقي لتكوين الاطارات العليا في مجال رعاية وتربية المعوقين، وقد استفاد من هذه المؤسسات المكفوفون التونسيون والافارقة والعرب. كما ذكر الدكتور المبخوت أن السيد محمد الراجحي لا زال يضطلع بمهام الخبير الفني الدولي لدى عديد المنظمات الدولية كما سبق له وأن كان مستشارا لدى الالكسو واليونسكو ومنظمة الشغل الدولية وغيرها من المنظمات الدولية. وقد كان السيد الراجحي أول من طبع كتاب القرآن الكريم في تونس سنة 1975 واستفاد منه ذوي الإعاقة البصرية بتونس والسعودية وباكستان وإيران والدول العربية المختلفة، وهو ما أعطى لبلادنا السبق التاريخي في مجال طباعة القرآن الكريم في العالم بالاضافة الى الكتب المدرسية والثقافية التي وقع نشرها منذ بداية الستينات. كما أضاف السيد المبخوت أن محمد الراجحي كرس حياته خدمة للإنسانية وتفانيا في حب تونس وحب المكفوفين في الدول العربية والاسلامية. ولهذا الرجل الفضل الكبير في بعث الاتحاد الوطني للمكفوفين وفروعه الجهوية والمحلية. وقد شكر السيد محمد الراجحي بدوره الاستاذ الدكتور شكري المبخوت ومن خلاله الأسرة الجامعية التونسية والادارية معبرا عن تأثره البالغ بحفاوة لقائه بإطارات الحقل الأكاديمي في تونس وبأبنائه الطلبة وكذلك ممثلي الأجيال المتعاقبة من المكفوفين، مبديا حبه للعمل الانساني والوطني من أجل الرقي بالإنسان التونسي الى المراتب التي هو بها جدير. كما قدم كل من السيد الطاهر بن منصور مدير مدرسة النور للمكفوفين ببئر القصعة والاستاذ الكيلاني بن منصور كلمتي شكر عبرا من خلالها عن الدور التاريخي للسيد الراجحي في النهوض بالمكفوفين وفي إشعاع التجربة التونسية خارج الوطن. وقد استمع الحاضرون لمداخلة قدمها الطالب نضال محمود حول تقنية المعلومات وتحول كتابة براي الى كتابة مرقمة. وبين الأستاذ لطفي التونسي في مداخلته المتعلقة بكتابة براي وأفاقها المستقبلية الدور الطلائعي الذي لعبه لويس براي باختراعه للكتابة البارزة معرجا على المجهودات الجبارة التي بذلها بدوره السيد محمد الراجحي في نقل وتعريب تقنيات هذه الكتابة الى تونس، أما الاستاذ الهادي خليل فقد قدم في بداية مداخلته التي تخص «تمثل المكفوفين في السينما» كلمة شكر عبر من خلالها عن إكباره للسيد محمد الراجحي منوها بتقدير الجميع لهذا الرجل الكرزماتي الذي ناضل طويلا من أجل إسعاد الآخرين. وقد تابع الحاضرون في نهاية هذا اليوم الثقافي شريطا سينمائيا إيرانيا بعنوان «الصمت» الذي يروي حياة طفل كفيف انطلق الى المحيط الخارجي مع رفيقته عبر مغامرات واكتشافات مختلفة للعالم الحسي وما يدور حوله من تمثلات. وقد تم تقديم مشكاة الأنوار لكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة من طرف عميدها كهدية وعربون وفاء للسيد محمد الراجحي تعبر عن تقدير النخبة الأكاديمية لمثل هذه الأعمال التي كانت بإمضاء رجل لا يؤمن بالمستحيل ولا يستسلم لليأس ويبني إنسانية الآخرين في صمت وهدوء.