... صمت... فصرخة منتفضة... هكذا تنطلق المسرحية بمجرد رفع الستار... لينطلق الممثل في التعبير عن بعض الشواغل الاجتماعية بعبارات مرمزة ومشبعة بالتأويل... تلك هي خطوط مسرحية «حقائب» التي احتضنها المركب الثقافي أسد بن الفرات بالقيروان للمرة الأولى مساء الخميس 24 ديسمبر وفي اطار تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية في عصر يوم كان الحضور الجماهيري أحد عوامل دفئ قاعة العرض. «حقائب» هي رحلة مع الممثل وداخله تقدم الممثل في شكل حقيبة تحمل في داخلها الكثير من الأسرار التي وان عبرت عن الآخر في كل حالاته الا انها تخفي ما يمكن ان يعيشه الممثل في صمته وأحلامه وفي حركته وهواجسه. وهي عمل مسرحي يقدمه المسرح الوطني. نص يوسف البحري اخراج جعفر القاسمي وتمثيل كل من سماح الدشراوي وصالحة النصراوي وسماح التوكابري ومحمد ساسي الغربالي وأسامة الجامعي والصحبي عمر وأحمد بن علي ويوسف مارس. حوارات... رقصات وأضواء وديكورات بسيطةوأمواج بحر اختلطت بالموسيقى كذلك تحولت خشبة المسرح التي تحولت الى شخصية فاعلة منجبة. حقائب تأبطها ثلة من الشبان فأعلنوا ولادة الابداع من رحم المعاناة فتحرروا من القيود وتألبوا على المعبود السائد وكسروا جدار الصمت والعزلة وأطلقوا العنان لصرخات الوجود. المسرحية كانت صوتا اخر ينادي بالحرية والحظ والمسؤولية (من ناحيتي ومن ناحيتك) وتعبير عن موقف الانسان، من بعض القضايا الانسانية (الحب والكرامة والحلم) والحوار والتسامح وحتى البرود العاطفي للمجتمع... جميعها أبت الا أن تغادر فاليجة (الحقيبة) الممثل المكبوت كأن الركح مكتب مسؤول كبير أو ساحة عامة. يبدو جليا ان جعفر القاسمي نجح في استغلال كل طاقات الممثلين وتوظيف الاضواء لتقدم أداء شخصية اضافية على الخشبة الى جانب الموسيقى المصاحبة التي رافقت الأحداث وأشركت المشاهد ليتفاعل مع الشخصيات. فكان الاخراج محترفا لمخرج مسرحي شاب عرفه الجمهور كممثل بالأساس نجح في ألوان مان شو. وكانت «الشروق» أشارت في عدد سابق ان مسرحية جعفر القاسمي «حقائب» ستقوم برحلة بين بعض البلدان العربية ومنها الاردن وسوريا ولبنان بالاضافة الى عرض آخر بفرنسا، مشيرا الى أن هذه الرحلة، وهي الاولى خارج أرض الوطن ستتضمن ستة عروض للمسرحية في انتظار تحديد مواعيد العرض بعد ان وصلت العروض الرسمية من المؤسسات الثقافية الموجودة بالدول المذكورة سلفا.