كيف نجتث ظاهرة العنف من المؤسسات التربوية بعد ان استفحلت وشملت عديد الأطراف؟ وزير التربية أعلن أمام مجلس النواب عن عقد ندوة خلال شهر أفريل القادم للنظر في سبل غرس ثقافة اللاعنف بالوسط المدرسي. هذه الندوة التي ينتظر ان تشارك فيها كل الأطراف ذات العلاقة بالمنظومة التربوية تخفي اقرارا باستشراء ظاهرة العنف وتحوّلها الى سلوك يومي وفعل يستهدف كل الأطراف ويصدر عن أغلب الأطراف. واذا كان الجميع يؤيد ارساء ثقافة التسامح والحوار والتصدّي للسلوكات المنافية للأخلاق والقيم الحضارية فإن الاختلاف حول سبل ترسيخه وارد لكن الاختلاف لا يمكن ان يفسد للودّ قضية اذا خلا من اتهام طرف او تحميله كل المسؤولية. واذا كان العنف في الوسط المدرسي نتاجا أو انعكاسا للعنف في العائلة وفي المجتمع فإن المنظومة التربوية تنفرد بأسباب وعوامل تدفع الى هذا السلوك ولو بصفة غير مباشرة ومنها الزمن المدرسي الذي يفرض تراكما لساعات الدراسة في فترات تقابلها أحيانا ساعات فراغ جوفاء تدفع التلاميذ الى الشوارع بمشاكلها وانحرافاتها وعنفها اللفظي والمادي. كما نحسّ أحيانا أن المؤسسات التربوية فقدت جانبها التربوي نتيجة نقص أعوان التأطير والارشاد وركزت على التعليم الذي فقد جودته ونجاعته نتيجة تتالي الاصلاحات وتباين الاستراتيجيات والبرامج المعتمدة. وبدا واضحا ان المناشير الوزارية والنظام التأديبي جردت المدرسين والادارة من سلطتهم على التلاميذ وهزّت صورتهم وهيبتهم أمام الأولياء والدّارسين وكبلت أيديهم ومنعتهم من فرض الانضباط بالحزم المطلوب. ولا تخفي مسؤولية الأسرة في توسع العنف في المدارس والمعاهد باتساع رقعة الاستقالة وضعف التنشئة السليمة للأبناء، اذ يلقي الاولياء بأبنائهم الى المدرسة او المؤسسة ولا يتابعون ما يصدر عنهم في فضاءاتها ويكتفون بمساندتهم في كل الاحوال وبكل الطرق اذا تعرضوا الى ما يعتبرونه ظلما من المدرّسين او الادارة. ولا شك ان المعاملات المالية في المؤسسات التعليمية التي دخلت من باب الدروس الخصوصية خلقت جوّا مشحونا وخلقت «حقوقا» جديدة للأولياء والتلاميذ تحوّلت الى وسيلة ضغط على المدرّسين كسّرت هيبة المدرّس وحوّلته الى تاجر معلومات ومعارف قابل للنقاش والمحاسبة بكل الطرق.