في إجابته عن العديد من الاستفسارات الّتي تهمّ القطاع الفلاحي، أبرز السيّد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أهمية ما يتمّ حاليا إجراؤه من دراسات إستراتيجية قطاعية يتمّ إعدادها بهدف الارتقاء بمختلف المناحي الإنتاجية وتخليص القطاع من شواغله وإشكالياته. وفي هذا الصدد تحدّث الوزير عن 24 دراسة استرتيجية (تمّ حاليا تقديم 18 دراسة منها) سيقع تفعيل نتائجها في المستقبل وعلى مراحل وستؤدي إلى تغيير الكثير من الأشياء في المنظومة الفلاحية الوطنية، وأفاد الوزير بأنّ مجالس وزارية منتظرة ستنظر تباعا في العديد من الملفات الّتي يتمّ ضبطها حاليا على غرار «ملف الدواجن أو اللحوم البيضاء» و«المركز الوطني للدراسات الزراعية»الّذي يعرف صعوبات عميقة وقطاع تربية الماشية ومسألة إدماج أصحاب الشهائد الجامعية في القطاع الفلاحي والزراعات الكبرى.. مناطق سقوية وزراعات كبرى وقال الوزير إنّه سيتمّ خلال الفترة القليلة المقبلة عرض إسترتيجية للمناطق السقوية وذلك بعد أن تمّ في فترة قليلة سابقة عرض استراتيجية للفلاحة البيولوجية إضافة إلى قرارات ستصدر قريبا وتهمّ قطاع تربية الماشية، وأوضح الوزير أنّ كلّ مل يتمّ تنفيذه من خطط وبرامج يخضع إلى الاستئناس بآراء المهنيين وكلّ الأطراف، وتحدّث عن قانون الراحة البيولوجية في الصيد البحري مؤكّدا انتفاع 1762 بحارا و171 مركبا بمنح من صندوق الراحة البيولوجية بقيمة جملية ناهزت 2 فاصل 6 ملايين دينار، وحول الزراعات الكبرى ومعضلة سلّم التعيير الّتي طرحها النائب مصطفى المنصوري (التجمّع) أشار الوزير إلى أنّ لجنة ممثّلة فيها المهنة تعدّ الآن دراسة ستعرض قريبا لأخذ ما جاء فيها من توصيات أو مقترحات. تقدّم في السن واصحاب شهائد وأفاد الوزير بأنّ من مشاغل القطاع تقدّم سنّ الفلاحين والّذي هو في حدود 55 سنة إضافة إلى أنّ 3 % من الفلاحين لهم مستوى عال وأنّ 86 % من الفلاحين لهم مستوى إبتدائي وهذا بحسب رأيه ما سيتمّ معالجته عبر فتح الطريق أمام الشباب من أصحاب الشهائد العليا والكفاءات وفي هذا الصدد قال الوزير:«نحن قادمون على تأهيل القطاع وعصرنته لأنّ المستوى الحالي دون المطلوب، وهناك تشجيعات لأصحاب الشهائد الذين هم مستقبل القطاع. وحول موضوع المديونية الّذي أشار إليه النائب الطيب المحسني (ح د ش) قال الوزير إنّه يجري حاليا إعداد دراسة شاملة حول القرض الفلاحي والتأمين وتمّ الاتصال بالبنك الدولي وتمّ الشروع بعد في دراسة معمّقة لهذا الملف عبر الاستفادة من تجارب لدول مماثلة. وتحدّث الوزير كذلك عن ملف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في المجال الفلاحي مبرزا أن مصلحة البلاد والفلاحين ستكون هي المقياس وأساس التحرّك والتفاوض: «لسنا متسرعين مصلحة الفلاحين موضوعة في المقدّمة حتى نجد ما يحمي قطاعنا ومنتوجاتنا لأنّ القطاع الفلاحي ليس فقط قطاعا اقتصاديا بل هو كذلك قطاع اجتماعي ولا بدّ من مراعاة ذلك الجانب الهام». أعلاف وفرق مشتركة وفي حديثه عن «الأعلاف» أفاد الوزير بوجود بعض المضاربات وأنّ الوزارة حريصة على متابعة الأوضاع ووقف التجاوزات وذلك ضمانا لحصول كلّ الفلاحين على الأعلاف وبأسعار معقولة. كما أكّد السيّد عبد السلام منصور على ضرورة التنظيم القاعدي للفلاحين ضمن شركات ومجامع مهنية «الفلاحون مازالوا غير منظمين و50 % من المجامع المائية الموجودة حالتها متوسّطة من ناحية التأطير والامكانيات المالية» ، كما أبرز الوزير المنافع المرتقبة والمؤملة من خلال ترابط منظومة البحث العلمي والانتاج مشيرا إلى وجود 11 مشروعا إيلافيا عبر إدماج المهنة في العديد من المنتوجات والتجربة الحالية ناجحة من خلال فرق العمل المشتركة الّتي تتحوّل إلى الميدان وتعاين الواقع الفلاحي وشدّد الوزير في هذا الإطار على الدور الّذي يلعبه المعهد الوطني للزراعات الكبرى الّذي مهمّته الأساسية هي تحقيق الربط بين البحث العلمي والفلاحين وهناك آفاق مهمّة في هذا الصدد. وأبرز الوزير من جهة أخرى أن التغيّر المناخي من اكبر تحديات القطاع الفلاحي ليس في تونس فحسب بل في كلّ دول العالم وأن الجهد الدولي منصب اليوم على البحث عن الطرق والآليات لمجابهة هذا التغير المناخي. وقال الوزير إنّه لمّا تولى الوزارة اندهش للوضعية الّتي عليها المركز الوطني للدراسات الفلاحية من حيث الحالة المالية الصعبة جدا وللغرض فقد تمّ طلب إعداد ملف لإخراجه من وضعيته الراهنة إلى الآفاق المرجوّة. خالد الحداد لماذا استشاط الوزير غضبا؟: «هناك فقط إشكاليات ومشاغل فلاحية... ومن يتحدّث عن أزمة أو أزمات فهو مخطئ» تونسباردو «الشروق»: في نبرة حادة وفي لهجة فيها قدر كبير من الغضب ، عبّر السيّد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عن عدم قبوله لاستفسارات من عدد من النواب أشارت إلى وجود أزمات في بعض المجالات الفلاحية والانتاجية. «لا، لا أقبل مثل هذا الحديث...القول بوجود أزمة يعني الإقرار بعدم وجود حلول، لذا ليست في فلاحتنا أزمات، ونحن ساعون لمعالجة بعض الإشكاليات وبعض المشاغل الّتي يعرفها القطاع بين الفينة والأخرى»، هكذا تكلّم الوزير مضيفا :«أنا أرفض الإجابة عن مثل هذه الأسئلة وعلى النواب أن يكونوا واعين بحقيقة ما يجري في القطاع ومن يتحدّث عن أزمة فهو مخطئ». وكان النائب الحبيب بوشويشة (الوحدة الشعبية) أشار في مداخلته إلى ما قال إنّها أزمة في مضاربات في قطاع الأعلاف تجعل العديد من الصعوبات والتحديات توجد أمام المنتجين وتُساهم في الترفيع في كلفة إنتاجهم، من جهته تحدّث منجي الخماسي (حزب الخضر للتقدّم) مستفسرا عن عدد من المحاور المتعلّقة بالقطاع الفلاحي ومن ضمن ما طرحهُ سؤال مفادهُ: « بحسب رأي السيّد الوزير هل تحتاج فلاحتنا الى برنامج إصلاحي ضخم يمتد ربما على مدار مخطّط تنموي كامل بما يعني ذلك من رؤية هيكلية شاملة واعتمادات مالية ضخمة ، خاصة وأنّ العديد من المختصين يقولون بضرورة مثل ذلك البرنامج لإخراج القطاع الفلاحي من أزماته المتتالية؟. يُضاف إلى ذلك ما طرحه النائب جمال التومي (التجمّع الدستوري الديمقراطي) حول الأزمة العميقة الّتي يعرفها قطاع الصيد البحري مبرزا تلك الحقيقة بأرقام ودلالات ومؤشرات في غاية من الأهمية من قبيل وجود 60 مركبا للصيد محجوزة حاليا من قبل البنوك بسبب «أزمة المديونية» ، وكذلك ما أشارت إليه النائبة وسيلة العياري (الوحدة الشعبية) من «حالة الأزمة الخانقة» الّتي يعرفها المركز الوطني للدراسات الفلاحية. حديث بعض النواب عن أزمة أو أزمات داخل القطاع الفلاحي ونفي الوزير لذلك المصطلح مسألة في غاية الأهمية تتطلّب فعلا مزيد تعميق المقاربات والقراءات حول هذا المعطى الهام الّذي أفرزه الحوار البرلماني، وربّما هذا هو المطلوب من مثل هذا الحوار: هل ما تعرفه فلاحتنا بين الفينة والأخرى مسألة عابرة وظرفية ؟ هل هي مسألة إشكاليات عابرة وخاطفة أم هي أزمة هيكلية تحتاجُ إلى رؤى إصلاحية أكثر عمقا وأكثر امتدادا واتساعا في المحتوى والزمان والمكان ؟.