يمثّل المخرج السينمائي داود عبد السيد واحدا من أبرز المخرجين في مصر اليوم وفي الوقت الذي أنتظر فيه الجمهور شريطا آخر بعد عمله الناجح «مواطن ومخبر وحرامي» انتظر السيد سبع سنوات كاملة لتقديم شريطه الجديد «رسائل البحر» الذي يعرض الآن في القاعات المصرية. في مكتبه في ضاحية المهندسين في القاهرة التقته «الشروق»: بعد سبع سنوات تمكّنت من انجاز شريط جديد «رسائل البحر» لماذا كل هذا التأخير؟ لم يكن هناك منتج مستعدا لإنتاج الفيلم وتطلّب البحث عن مموّل للشريط كل هذا الوقت. شريطك مختلف تماما عن السياق الحالي في السينما المصرية كيف تتصوّر مساره في السوق؟ الوقت ربما مازال مبكّرا لمعرفة مساره في السوق أو ربما أنا لا أفهم مقاييس السوق. أنا لا أحب التصادم مع السوق لكنني في نفس الوقت لا يمكن ان أخرج من جلدي، لا يمكن ان أخون نفسي ولا أن أقوم بشيء غير مقتنع به وهذا الشريط لم أنجزه لمجرد أكل العيش بل لتحقيق رؤية أنا مؤمن بها. يعني أنك لا تؤمن بمنطق السوق؟ لا، السوق يعني الكثير بالنسبة لي وأحاول ان أكون على هامش السوق ولا أريد أن أكون العمود الفقري للسوق دون أن أكون خارجه. كيف تشخّص مشاكل السينما المصرية؟ مشاكل السينما المصرية هي مرتبطة بمشاكل العالم العربي وليست منعزلة وملخّصها كيف تصنع انسانا عربيا على مستوى تعليمي ممتاز وهي في النهاية مشكلة حضارية. السينما هي تجارة يعني السينما المصرية هي سينما تجارية مثلها مثل هوليود والسينما الهندية ولكن السؤال كيف تعرض أفلام تجارية دون أن تفقد الهامش الابداعي هذا هو المشكل الأساسي. المشكل الثاني هو الرقابة وهذا جهاز لا أفهمه في بلد مثل مصر فيه صناعة سينمائية وفيه حرية؟ هناك من يحمّل المنتج أزمة السينما كيف ترى المسألة؟ لا هذا كان في الماضي الآن انتهى المنتج الصغير القادم من خارج القطاع الثقافي. الآن المكان للشركات الكبرى مثل العربية التي أنتجت شريطي وهي تملك أكثر من نصف قاعات العرض وبالتالي انتهى زمن المنتج الجاهل والثري. دعم وزارة الثقافة المصرية للسينما مكسب جديد ما هي أفاقه في رأيك؟ الوزارة قدّمت دعما لخمسة أفلام هذا هو الشريط الثاني الذي يعرض وأتوقّع لهذه التجربة النجاح لأنها تتاح تقديم لون من السينما لا يقبل عليه المنتج العادي وشريطي «رسائل البحر» من هذا النوع لذلك حاز على دعم من الوزارة وهذا الدعم من شأنه ان يخلق توازنا في السوق ويمكّن الجمهور من نوعية سينمائية مختلفة. ماذا فعلت في السبع سنوات الماضية؟ لا شيء كنت في بطالة وأعتبر نفسي كنت محبوسا وحريتي محددة لأن الحرية لا تكتمل الا بالعمل. لماذا لم تعتمد على نجوم في الشريط، هل هذا اختيار فني؟ ليس اختيارا فنيا فقط بل انتاجي ايضا لأن النجوم يهربون من هذه النوعية من الافلام وبالتالي كنت مضطرا للبحث عن وجوه أخرى طبعا الى جانب الاختيار الجمالي والفني. السينما المغاربية كيف تراها؟ السينما التونسية والجزائرية والمغربية بدأت بداية قوية في الثمانينات لكن الآن وفي السنوات الاخيرة لم أشاهد أفلاما جديدة لأنني لم أزر المغرب العربي، لأنني لم أشارك في مهرجانات مغاربية وأرجو أن تكون هناك سينما قوية في المغرب العربي وحلمي ان تكون السينما المصرية سينما عربية وليس مصرية فقط وهذا بدأ يتحقق تدريجيا في التلفزيون مع الأخوة السوريين.