عاجل/ البرلمان يُحيل 65 سؤالا الى الحكومة    توقيع إتفاقية بين الستاغ والبنك الأوروبي للإستثمار    تراجع معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية.. #خبر_عاجل    عاجل/ قائمة التونسيين المُختطفين لدى الاحتلال    اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين تدين اعتقال النشطاء التونسيين المشاركين في أسطول الصمود وتحمل السلطات التونسية مسؤولية حمايتهم    بينهم محمد مراد والنائب محمد علي: فيديو لحظة اقتحام السفينة "فلوريدا" واختطاف تونسيين.. #خبر_عاجل    محامية الموقوفين التونسيين في أسطول الصمود ل«الشروق».. الاعتراض جريمة وانتهاك للقانون الدولي    الأمطار والرياح القوية متواصلة هذه الليلة    هكذا ستكون درجات الحرارة والأمطار إلى حدود نهاية العام.. #خبر_عاجل    عاجل/ الرياح القوية متواصلة طيلة ال24 ساعة القادمة    أولا وأخيرا.. نسيت الرقص وتذكّرت النديب    نداء عاجل من هيئة الصيادلة الى السلطات.. #خبر_عاجل    نجل زيدان على رأس تشكيلة الجزائر في ختام تصفيات كأس العالم    تونس تترأس الاجتماع الدوري لرؤساء أركان جيوش بلدان مبادرة "5 زائد 5 دفاع"    افتتاح فرع خدمات نموذجي للستاغ بجندوبة    رئيس الحكومة المغربية: التحرّكات الأخيرة شهدت تصعيدا خطيرا    عاجل: الإطاحة بمصنف خطير جدّا في كمين مُحكم بسوسة..تفاصيل    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة الثالثة ذهابا    تظاهرة "أكتوبر الموسيقي أكتوبر المالوف" في دورتها الخامسة من 3 إلى 31 أكتوبر ببنزرت    الدوري الإنقليزي الممتاز: ليفربول في مواجهة تشيلسي وأرسنال يصطدم بوست هام في الجولة السابعة    شمعة معطّرة؟ دراسة بريطانية تكشف الصدمة    رحيل الشيخ حمدة سعيد، المفتي الأسبق للجمهورية التونسية    والدة كريم حقي في ذمة الله    تصفيات مونديال 2026: قائمة لاعبي المنتخب التونسي لمواجهتي ساوتومي وناميبيا    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن القائمة الجديدة للحكام الدوليين    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة التاسعة ذهابا    تنبيه/ قطع التيار الكهربائي عن هذه المناطق غدا..#خبر_عاجل    وفاة مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ حمدة سعيد    عاجل/ بطاقة إيداع بالسجن ضدّ رجل أعمال..وهذه هويته..    حادث مرور خطير في الطريق السيارة الحمامات-سوسة يسفر عن تصادم عدد من السيارات    محامون من مؤسسة "عدالة "في ميناء اسدود للدفاع عن المشاركين في اسطول الصمود    نقابة الصحفيين تندد باختطاف الاحتلال للصحفيين التونسيين..    بورتريه: غوستافو بيترو (رئيس كولومبيا): الفلسطيني... أكثر من كل العرب !!    عاجل/ مفتي الجمهورية الأسبق حمدة سعيّد في ذمّة الله    عاجل/ تجّار هذه الجهة ينفّذون إضرابا شاملا عن العمل    توننداكس يرتفع بنسبة 11ر4 بالمائة خلال شهر سبتمبر في ظل تحسن لحجم التداول ببورصة تونس    هذا هو عدد تذاكر كلاسيكو الترجي والنجم    عاجل : بشرى سارة قبل كأس العالم للأندية 2029 لهذه الأندية    تونس – إيطاليا: إطلاق مشروع TANIT KT لتعزيز الأمن المائي والغذائي    خطر تعرف: أدوية الكوليسترول تنجم تسبب أعراض جانبية! شنوما وكيفاش تتجنبها    قابس: انطلاق اشغال مشاريع جديدة في قطاع الطرقات    فرص عمل في المؤسسة الوطنية لتحسين الخيل: كل المناصب والرابط للتسجيل    حادث خطير على الطريق السيارة الحمامات-سوسة: سيارات تتصادم وإصابات متفاوتة    عاجل: 16 و20 و28 أكتوبر.. مواعيد مهمة لكل المكلفين بالضرائب!    سيدي حسين: حملات أمنية مكثفة بمحيط المؤسسات التربوية وإيقاف عشرات العناصر الإجرامية    أحمد العميري: لحوم ضأن مورّدة من رومانيا للبيع ب38.900 د في عدد من المناطق    عاجل: ابتكار لقاح جديد لعلاج الحساسية الشديدة قد يغيّر حياة الملايين    أولا وأخيرا: نوار الدفلى    مَكِينة السّعادة للكاتب التونسيّ «كمال الزغباني»    في أكتوبر الوردي: أليسا تكشف رحلتها مع السرطان وتوجه رسالة مؤثرة للنساء    طقس الليلة.. امطار رعدية وغزيرة بعدة مناطق    وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تحتفي باليوم العالمي للمعلم    العرض الكوريغرافي "طرب" في الافتتاح ما قبل الرسمي لتظاهرة "دريم سيتي"    أحلام: خضعت لعملية الأنف من أجل صوتي    تظاهرة صحية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لتقديم خدمات وتوصيات لفائدة كبار السن    تونس تحتفي مع المجموعة الدولية باليوم العالمي للترجمة    بين المخدرات والتوظيف الإيديولوجي وتفكيك الوعي: حتى لا يكون التلميذ في مهبّ الصراعات السياسية    صورة وذكرى : صورة عمرها 86 عاما من المدرسة القرآنية الأدبيّة بصفاقس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم النص الأدبي
نشر في الشروق يوم 19 - 03 - 2010

«هناك سببان جعلا من مفهوم «النص» مفهوما إشكاليا، الاول هو عدم استقراره كمفهوم نقدي والثاني محاولة كل حقل من حقول المعرفة استغلاله لاهداف إجرائية منهجية»...
نظرية النص: حسين خمري، ص 46
منذ أن تخلّى خطاب النقد الادبي عن مصطلحات العمل الادبي والاثر والمؤلف (بفتح اللام)، وبعد أن اغتال الدرس النظري الكاتب (موت الكاتب). تهيأت حقول القول والدراسة في مجال الادب لاستقبال مصطلح «النص»، وتسليمه مقاليد السيادة نظرا وتطبيقا.
فما النص؟ ما حدوده وحيزه؟ ما الذي يصنع وحدته أو تجانسه؟ وفيمَ يختلف النص الادبي نوعيا عن غيره من النصوص والوثائق؟ أسئلة متكاثرة ومستعصية قد يختزلها الاستفهام حول: مفهوم النص؟
مثل مفهوم النص موضوع تفكر واستشكال، يستهدف السعي الحثيث الى تثبيته نظريا واستخدامه إجرائيا في ملاحقة الحدود الهاربة والالتباس السحري لشعرية المنتج الادبي، وبمعنى آخر، أبسط، خصوصية الخطاب الابداعي المكتوب.
راهن رولان بارت بكثير من التهيّب في كتابه «درس في السيميولوجيا» على انفتاح المفهوم واتساعه ليشمل حقولا شتى من التمثيل والتواصل تتجاوز اللساني والكتابي: «إذ تقرر أن النص في المفهوم الحديث ليس بالضرورة هو النص الادبي بالمفهوم المتداول، بل إن الايقاع الموسيقي نص، واللوحة الزيتية نص، والمشهد المسرحي نص، وهذا يعني أن مفهوم النص لا يقتصر على الكتابة والأدب، بل يتجاوزهما الى الانساق التواصلية الاخرى، والمفهوم الشائع، هو النص الادبي».
ونظرا الى ما اكتسبه مصطلح النص من مكانة محورية في إكساب التنظيرات الادبية مزيدا من الاتساق المنطقي والفاعلية الاجرائية، فقد بُعث من أجله خلال سبعينات القرن الماضي في فرنسا معهد بحث خاص به اتخذ اسم «وحدة التكوين في علوم النص»، وذلك تحت إشراف الباحثة التقدمية: جوليا كريستيفا. وانطلاقا من سياق هذا الحراك التنظيري والمؤسساتي (مدارس، كتب، مجلات...) نحاول وبكثير من الحذر رصد حاصل ما من شأنه أن يضمن لنا حدا من الاستقرار المؤقت، حول ما يمكن أن يكون أبعادا ومستويات ضرورية لمحاصرة مفهوم النص الادبي، وهي كالتالي، علاقة النص باللغة، حيز النص الخارجي وخواص بنائه الداخلي، النص والمعنى، النص والثقافة.
في علاقته باللغة، وفي موقعه منها، فإن النص يعتبر حسب جوليا كريستيفا انتاجية لسانية كتابية، مهمتها إعادة توزيع وحداتها من خلال عمليات من التفكيك وإعادة البناء اللغويين، وهو ما يعرّفه رولان بارت بالتحرّش باللغة وخدشها عن طريق الانزياح والتبعيد الاستعاري. وهي الاختراقات التي تذهب نحو خلخلة المقولات المنطقية للغة أي بناها النحوية والبلاغية، وهي بذلك لا تقف عند / ولا تكتفي بما يمكن أن يُعدّ زخرفا وتنويعا على الثوابت: «وهكذا يتضح دور النص على مستوى اللغة حيث يعيد تشكيلها وإعادة شحنها وذلك بسحبها من النظرة الوظيفية وإبعادها عن الدلالة المعجمية. ويتحدد النص باعتباره منتوجا لغويا نوعيا إذ يكشف عن كل ما في اللغة من غرابة وقوة حين يضع مقولاتها النحوية والدلالية موضع تساؤل، وبعمله هذا «يخلق اللغة» (ص 57).
لا تكفي
أما في شأن الحيز المادي الفضائي للنص: امتداده، ومساحته وكتلته وطوله وقصره وبدايته ونهايته؟
فإنّ المسألة بالرغم من طابعها الخارجي الشكلي، فإنها لا تخلو من أهمية وتعقيد. فالنص الأدبي يبدأ مما هو أكثر من جملة واحدة ليمتد الى متتاليات من الجمل، يحويها بالمعنى التداولي كتاب أو أكثر، شرط أن يكون منتهيا ومغلقا على ما به يتحقق انسجامه ووحدته، والمفهوم الشائع «للنص» أنه شكل لغوي يمتاز بطول معيّن كأن يكون قصة أو رواية أو مقامة أو معلقة، أو كتابا، ولكن الفكر النقدي الحديث ضبط هذا المفهوم ولم يربطه بالقياسات الشكليّة الخارجيّة حيث يرى أن النص يمكن أن يتطابق مع جملة كما يمكن أن يتطابق مع كتاب كامل ويعرف باستقلاليته وانغلاقه.. ويشكل نظاما مختلفا عن النظام اللغوي ولكنه يوجد في حالة تعالق معه». (2).
ولعل مسلمة «استقلالية النص وانغلاقه» تحيلنا إلى التطرق لشروط امكان وحدته، وتجانسه البنائي. ذلك أن سلامة التركيب النحوي للجمل لا تكفي لانشائه، بل لا بدّ للنص أن يتوفر على الحدّ الضروري من الانتظام البلاغي، بماهو جملة من الأعراف والقواعد المتعارف عليها في حقل النشاط الرمزي للجماعات البشرية باعتبارها جماعات إنتاج وتلقّ للنص: «ونقصد بمفهوم «الاتساق» العلاقة المعنوية بين الجمل علاقة عموم بخصوص أو علاقة تضمّن. ومفهوم الانسجام هو أعم: انسجام النصّ مع العالم الواقعي. إذ كل نص هو كل متتالية من الأفعال المترابطة.. ومتى انعدمت هذه العلاقة لا يبقى هناك نص».(3).
وبالنسبة الى علاقة النص بالمعنى. فالنص هو بمثابة ذلك الطفل الهيرقليطي اللاّهي دوما اقرأ المنشغل بالمتعة لعبته إنتاج اللغة.
نص مقاوم
بما هي رابطة اجتماعية مؤسسة وهو لذلك حسب ملازميه محكوم «بالولادة المستمرّة»، أو بصيغة أخرى بالعودة الى اكتشاف ما يسبق اللغة ويحقق شرط إمكانها، وهي اللحظة/الحالة الاستثنائية التي بها يتجاوز النص إعادة إنتاج المعاني الراسخة. ليكتسب فرادته وجدّته بالانفتاح على تشريع جديد.
للدلالة والمعنى
أما في شأن علاقته بالثقافة، بما هي جماع خبرات الجماعات البشرية في انتظامها وأجوبتها عن أسئلتها في التاريخ والعالم، فالنصّ هو «حدث استثنائي»، لا يقبل التكرار، وهو ليس ظاهرة دلاليّة فحسب بل واقعة نوعية تغير خارطة المشهد الابداعي، وتعيد النظر في تراتب hiérarchie القيم والقوى وفي اصطراعها بالانحياز والشك والاجتراح. لذلك فإنّ النصّ الأدبي لا يكون نصا حدثا، إذا لم يساهم بالقدر الذي يكبر أو يصغر، في تفجير أبراج قوالب النظر والسلوك المستقرّة. وما لم يحرك ولو بقيد أنملة حدود اللغة والثقافة، وما لم يكن نصا مقاوما في صورة تعرض مهاده الثقافي الى الابادة المعولمة.
يبقى أن نسأل في المنعطف الأخير عن علاقة النص بما يسبقه وما يساكنه من النصوص الأخرى بالسرقات الأدبية، بالتناص وبالنصّ الجامع؟ وكذلك حول ما يصطلح على تسميته بمستويات النص وما يرتبط بها من ثنائيات من قبيل: البنية السطحية/البنية العميقة، الشكل/المضمون، الظاهر/الباطن، المبنى والمعنى. فهل للنص عمق حقا؟ أم هو تنفذ الأساطير وتخيّل المجاز؟؟؟
الاحالات المرجعية
د. حسين خمري، نظرية النص. (1)، (2)، (3).
تودروف: شعرية النثر
جيرار جينات: التخييل والقول (بالفرنسية)
جوليا كريستيفا: سيميوتيكي: بحوث في التحليل السيميائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.