"ثقافة" تونسية خالصة !..مصطفى عطية    شيخ: ''علّوش العيد'' الأقلّ من 6 أشهر لا يجوز للأضحية    تعرف على 20 عيباً تمنع ذبح الأضحية    ستتجاوز 40 درجة: الصين تصدر إنذارا في مواجهة درجات الحرارة العالية    انتداب 966 من الكفاءات التونسية بالخارج والتحاق 630 شخصا إلى غاية شهر أفريل 2024    عاجل : إيمانويل ماكرون يعلن حل الجمعية الوطنية الفرنسية بعد نتيجة الانتخابات الأوروبية    تصفيات كأس العالم: المُنتخب الوطني يتعادل مع ناميبيا    صفاقس: انتشال جثة ادمية وانقاذ 493 مجتازا للحدود البحرية    وزيرة البيئة: منع السباحة في 28 شاطئ لأسباب صحية    الخبير في المخاطر المالية : الدبلوماسية الاقتصادية في تونس بدأت في التحرك    نصف نهائي بطولة كرة السلة: النادي الافريقي يجدد انتصاره غلى شبيبة القيروان    عيد الأضحى 2024 : دول تحتفل الأحد وأخرى الاثنين    جربة : نجدة وإنقاذ شخصين على متن مركب صيد ترفيهي    بنعروس : الكشف عن شبكة مختصة في ترويج المخدرات    وزيرة التربية تؤكد تلقي عديد الملفات المتعلقة بشبهات فساد مالي وأخلاقي    اجتماع تونسي ليبي لبحث إعادة فتح معبر رأس الجدير    إيران تعلن إقرار 6 مرشحين للرئاسة واستبعاد أحمدي نجاد مجددا    الحماية المدنية: 5 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    المنستير: الإحتفاظ بمنظمي عمليات إجتياز للحدود البحرية خلسة    مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    هل يخفّض البنك المركزي نسبة الفائدة المديرية في الوقت الراهن ؟    تطور جديد.. تحرك قضائي من عمرو دياب ضد "شاب الصفعة"    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    أكثر من 60 دولة وألف مشارك في الدورة السابعة للمنتدى الدولي لتمويل الاستثمار والتجارة بإفريقيا    كوريا الشمالية تستأنف رمي جارتها الجنوبية ببالونات "القمامة"    مباراة تونس و ناميبيا اليوم الاحد : الساعة و القنوات الناقلة    قرمبالية: أهالي جبل طريف يطالبون بالماء الصالح للشراب    مرياح على باب الرحيل ...الطالبي تحت «رادار» الترجي وبن عبدة في البال    أخبار النجم الساحلي .. الجمل يواصل والجلاصي تحت الضغط    أشهر عالم آثار مصري يرد على بلاغ مقدم ضده    طقس الاحد ...كيف سيكون؟    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    بوسالم.. حريق يأتي على 13 هكتارا من صابة الحبوب    الشركة التونسية للبنك STB ...مؤشرات مرضية وآفاق واعدة    الفنان وليد الصالحي يعلن عن تنزيل اغنية جديدة    الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    درجات الحرارة هذه الليلة..    غدا ناميبيا تونس: المنتخب الوطني يختتم التحضيرات واللقاء دون حضور الجمهور    ارتفاع إنتاج دجاج اللحم بنسبة 3,7 % خلال شهر ماي الفارط    وزارة الداخلية توفّر الحماية لمربي الماشية    يوم 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد بمعتمديتي بلطة بوعوان و فرنانة    نقطة بيع الأضاحي بالميزان في وادي الليل و هذه التفاصيل    وفاة حاج تونسي اصيل ولاية مدنين    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    تصفيات مونديال 2026 : فوز مصر والسودان .. وخسارة الجزائر    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروات في المزابل التونسية: 70٪ من الفضلات يمكن تحويلها إلى سماد جيد
نشر في الشروق يوم 23 - 03 - 2010

في أحد الأحياء الغربية للعاصمة، نقف أمام جبل حقيقي من آلات الغسيل البلاستيكية نصف الآلية المستوردة من الدول الآسياوية. يقول شاب مسؤول عن هذا المستودع: «لا يمكن أبدا إصلاحها، لأن الثمن الأصلي لهذه الآلات أقل من ثمن أية قطعة غيار». إذن لماذا تحتفظون بها هنا؟ يقول: «انتهى عمرها، لكنها تنتظر التفكيك لاستعادة ما فيها من معادن، وخصوصا النحاس».
يضم هذا المستودع أيضا عددا كبيرا من الآلات الكهرومنزلية وخصوصا أصناف «روبوت» المطبخ، وهي تنتظر نفس المصير كلها أي التفكيك واستعادة بعض المعادن التي تحتويها. لكن لا أحد يملك تصورا حول مصير أطنان البلاستيك التي سوف تنتج عن ذلك، أو بقية المعادن النادرة والثمينة التي توجد بها.
وفي سوق العصر، يمكن رؤية آلاف القطع الالكترونية، أو «بقايا الحضارة العصرية» كما يقول لنا كهل تعود التردد على تلك المحلات بحثا عن قطع قديمة. يقول لنا شيخ يشرف على محل هناك إن هذه المكونات تمثل عبءا ثقيلا بلا جدوى، وهو يحتفظ بها لأنه لا يعرف ما يفعله بها في النهاية، ثم سألنا إن كانت توجد طريقة مربحة للاستفادة منها بأية طريقة.
زبالة الحواسيب...
قبل بضعة أعوام، لم تكن بلادنا تواجه مشكلة الفضلات الالكترونية والكهربائية. ومع انتشار الحواسيب العائلية تقدر بعض المصادر عدد الحواسيب في تونس حاليا بأكثر من مليون و300 ألف، أي أكثر من توقعات الدولة التي كانت تراهن على مليون حاسوب في نهاية 2009، وبارتفاع سنوي بلغ 30 بالمائة بين 2007 و2008. يقول لنا صاحب شركة بيع حواسيب إن نسبة الإحالة على المهملات سنويا في الدول المتقدمة تبلغ 15 بالمائة، وحتى إن كانت في حدود ثلث هذه النسبة في تونس فإن ذلك يعني إرسال 45 ألف حاسوب سنويا إلى الزبالة، وهذا ينطبق أيضا على الهواتف النقالة، وبدرجة أقل على المعدات الكهرو منزلية مثل آلات الغسيل والثلاجات وأجهزة التلفاز. يعني أننا قد أصبحنا اليوم في مواجهة هذه الكمية الكبيرة من الإلكترونيك وما تحتويه من معادن ملوثة، لكنها ثمينة أيضا.
يجب أن نعرف أن الحاسوب وخصوصا البطاقة الأم والشاشة يحتويان عدة معادن نادرة مثل الليثيوم والكاديوم والكاديميوم والزئبق وبكميات أقل البلاتين والذهب حتى أن شركة ألمانية خاصة تستخرج يوميا قرابة 100 غرام من الذهب من رسكلة الحواسيب.
إن ميزة هذه المواد هي إمكانية استعادتها من الحاسوب وإعادة استعمالها نظرا لارتفاع سعرها في الأسواق العالمية.
أما ما يقال عن صعوبة التخلص من البلاستيك، فقد بدأ يتلاشى أمام التقنيات الحديثة التي تمكن من تحويله إلى مواد قابلة لإعادة الاستعمال أو حتى الحرق في أفران إنتاج الطاقة الحرارية.
أموال في الزبالة
منذ بضعة أعوام أصبحت الفضلات في تونس مورد رزق بصدد التضاعف وتشغل أعدادا متزايدة من الأشخاص. وإذا كان المنطلق هو جهود الدولة لحماية البيئة من المخلفات الصناعية عبر قانون 15 مارس 2005 وبرنامج جمع القوارير البلاستيكية، فقد بدأ بعض المستثمرين وإن كان باحتشام ينظرون إلى المزبلة التونسية باهتمام. ومنذ بضعة أشهر فازت مؤسسة فرنسية بعقد ب 36 مليون دينار لمعالجة نفايات جبل شاكير، وهو ما أثار اهتمام العديد من المستثمرين التونسيين وجعلهم يلقون نظرة على محتويات الزبالة التونسية مادامت تجلب كل هذا المبلغ.
وتبعا لدراسة تونسية ألمانية تبلغ الفضلات التونسية 5 ملايين طن سنويا، منها 700 ألف طن في العاصمة وضواحيها، وهي مرشحة لتتضاعف 5 مرات عند سنة 2020. وهي تتكون من 70 بالمائة من فواضل بيولوجية منزلية، و10 بالمائة من الورق وشبهه، و11 بالمائة من البلاستيك والجلود والمطّاط «الكاوتشو» وهي نسبة في ارتفاع مطرد، و3 بالمائة من الأقمشة وشبهها. كما تحتوي على آلاف الأطنان من البلور. لكن أقل من 5 بالمائة من الفضلات التونسية تحظى بالرسكلة و5 بالمائة فقط منها تتحول إلى سماد. أما الباقي فهو يتوزع بين 44,5 بالمائة في المصبات البلدية أو السائبة و50 بالمائة في المصبات المراقبة.
غير أن الفواضل الحيوية تظل الأهم والأكبر حجما وبالتالي تثير الاهتمام الصناعي، حيث تبين الدراسات أن 70 بالمائة من الفضلات التونسية هي حيوية (بقايا أكل، فضلات خضر وغلال...) وهي تصلح كلها لأن تكون سمادا أو وقودا حيويا، أي استعمالات صناعية يمكن أن تكون مصدرا للدخل كما سنرى.
سماد جيد
في الدول الأوروبية، تحولت رسكلة الفضلات إلى صناعة ضخمة، ففي ألمانيا يوجد 53 مصنعا لإنتاج الغاز من الفواضل. وتحدد بعض المصادر الرسمية رقم المعاملات في مجال رسكلة الفضلات في المجموعة الأوروبية بما لا يقل عن 100 مليار أورو سنويا، وهو قطاع بصدد التطور الإيجابي ويتميز بقدرته على خلق مواطن الشغل، حيث يشغل حوالي 1,5 مليون شخص بشكل مباشر أو غير مباشر. كما يوفر هذا الميدان مواد أولية تصل إلى نصف حاجيات المجموعة الأوروبية من الورق والحديد الصلب، و43 بالمائة من البلور و40 بالمائة من المعادن غير الحديدية. أما في تونس فإن نسبة الاستفادة من هذه المواد لم تتجاوز 5 بالمائة. أما في تونس فتشرف الوكالة الوطنية لحماية المحيط على وحدتين أنموذجيتين لرسكلة الفضلات الحيوية توجد أكبرهما في باجة وتبلغ طاقة الاولى ألف طن في السنة وقد تم إنجازها بفضل التعاون التونسي الألماني. وتهدف هذه الوحدة إلى الحصول على 8 أطنان من السماد عن كل 15 طنا تتم رسكلتها. وتشير بعض الدراسات إلى إمكانية تعميم التجربة على مختلف بلديات البلاد نظرا لجودة السماد الذي تم الحصول عليه. وتعمل الوكالة على إيجاد صيغة خاصة لتشجيع الخواص على الاستثمار في هذا الميدان وذلك بتوفير تخفيضات جبائية والحصول على احتكارات طويلة لاستغلال الفضلات.
خواص للمعادن
يوجد في تونس أيضا «نظام جمع النفايات بالأجر»، ورغم أن هذه التجربة بدأت عام 1998 بالمتطوعين، فقد حقق البرنامج العمومي لجمع وتثمين الفواضل الورقية «إيكو لف» نجاحات مهمة منذ 2001 نحو تثمين الفواضل الورقية. وفي الوقت الحالي توجد حوالي 200 نقطة جمع في البلاد تعمل على المغلفات الورقية والبلاستيكية.
لقد تطورت سلة الفضلات التونسية مع تطور مستوى العيش، وأصبحت العائلة التونسية ترمي بكمية كبيرة وهي بصدد التضاعف من المعادن الثمينة مثل الألومنيوم: لنتذكر مثلا عدد علب المشروبات والمصبرات والعطور وأغلفة الأغذية والعديد من المعلبات الأخرى. كما تحتوي سلة الفضلات في تونس على كميات كبيرة من النحاس الذي يتمثل في الأسلاك والمعدات الكهربائية والقنوات والحنفيات. ويظل الخواص أهم الناشطين في مجال جمع الفضلات المعدنية ورسكلتها، حيث يقدر حجم ما يجمعونه بأكثر من 90 ألف طن سنويا، فيما تتولى المسابك صهر 16 ألف طن سنويا. كما توجد مبادرات أولية لجمع الألومنيوم نظرا لقيمته التجارية المرتفعة في السوق. وبالتوازي مع ذلك، تعرف بلادنا حالة طلب كبير على النحاس بسبب ارتفاع سعره في الأسواق العالمية، مما سبب ظهور عمليات سرقة عديدة حتى لأسلاك شبكة الكهرباء، وبعض الأحياء السكنية غرقت في الظلام بسبب ذلك. «أليس من الأفضل لهؤلاء اللصوص البحث عن النحاس في فضلات عشرات الآلات الكهربائية التي تزداد تراكما في تونس؟» يقول لنا صاحب مستودع لآلات الغسيل المحطمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.