تونس الشروق محسن عبد الرحمان لم تمنع متعة العروض متابعي اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس التي انتظمت خلال الاسبوع الماضي بالعاصمة تونس، من التساؤل حول مدى «وثائقية» أو «تسجيلية» بعض الأفلام المعروضة في الدورة. وقال المخرج السينمائي الشاب مروان المؤدّب الذي كانت له تجربة هامة وطريفة في مجال الفيلم الوثائقي بشريط حول «مصارعة الكلاب» أن هناك من الأفلام التي شاهدها في هذه الدورة، وعددها كبير كما يؤكد لا علاقة لها بالسينما الوثائقية. وأضاف أنه اضطرّ في عديد العروض الى مغادرة القاعة لسطحية وسذاجة الأفلام المعروضة. وعلق المخرج رغم حداثة تجربته في السينما الوثائقية أن عددا كبيرا من الأفلام التي شاهدها، والعربية منها بالخصوص، هي في نظره أقرب الى الريبورتاجات المصوّرة منها الى السينما الوثائقية. بين الوثائقي والريبورتاج ويعاني الفيلم الوثائقي العربي، من عدة مشاكل ونواقص منها انعدام الحرفية والسطحية وغياب المقومات الفنية والابداعية. ويعود ذلك في نظر المخرج هشام بن عمار الى عدم المام العديد من العاملين في مجال الفيلم الوثائقي بمعنى ومفاهيم هذا الجنس من الأفلام. وبالتالي يتعاملون معه بسطحية دون التفكير فيما يمكن ان يقدّم من حيث عدم الاهتمام بالشكل أو طريقة تقديم الموضوع بما يتناسب مع الفيلم ويعطيه حقه فتجد الفيلم مفرغا من مضمونه بل وتجد المنتج يحاول ان يفرض عليك معالجة لفيلم غالبا ما يكون أقرب منها الى الريبورتاج الاخباري. ويرى المخرج عادل البكري الذي قدّم حديثا أول أفلامه «شاعرا سأصير» أن هناك استسهالا كبيرا للفيلم الوثائقي ولا غرابة في نظره أن يختلط الفيلم الوثائقي بالريبورتاج ويعتبر البكري هذه المشاكل والنواقص، تفصيلات صغيرة غير ذات قيمة وخصوصا اذا ما قارناها بمشاكل الانتاج والتوزيع. إهمال وتهميش ويجمع العاملون في مجال الفيلم الوثائقي في العالم العربي، على أن الفيلم الوثائقي العربي عانى كثيرا ولا يزال من الاهمال وعدم التشجيع ويرى المخرج الفلسطيني بشار حمدان، أن الفيلم الوثائقي العربي، وخصوصا الانتاج المستقل، لا يجد طريقه الى القنوات التلفزية حتى وإن فاز بجوائز عالمية. ولذلك يبقى بعيدا عن الجمهور. ويحضر المخرج الفلسطيني مشاكل الانتاج الوثائقي العربي في الانتاج ومساحة الحرية المتوافرة للفيلم، وأيضا الاهتمام الاعلامي وغياب وسائل الاعلام عن متابعة هذا النوع من الأفلام على اعتبار أنها غير جماهيرية، مضيفا اليها (المشاكل) تهميش الفيلم الوثائقي لمصلحة الفيلم الروائي. بوادر تطوّر ورغم كل هذه المشاكل، يجمع أغلب المشاركين في الدورة الأخيرة للملتقيات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس أمثال المخرج هشام بن عمار والمخرج رضا الباهي على أن هناك تطوّرا في مجال السينما الوثائقية في العالم العربي سواء من حيث اهتمام الجمهور ونسبة الانتاج والتوزيع. ويعود ذلك في نظرهم الى بداية ظهور قنوات ومهرجانات عربية مختصة في الأفلام الوثائقية، وهو ما حسن في مستوى الانتاج الوثائقي العربي كما وكيفا، الى جانب اهتمام الجمهور والمشاهدين بهذا الجنس السينمائي.