تحتضن تونس اليوم وغدا أشغال الدورة الثامنة لوزراء خارجية مجموعة دول غرب المتوسط المعروفة بمجموعة 5 زائد 5. ويعدّ هذا الفضاء الذي يضمّ البلدان المغاربية الخمسة وخمسة بلدان أوروبية منبرا للتشاور والتعاون من اجل دفع الشراكة والتضامن بين دول المجموعة وخلق فضاء مشترك تتوفر فيه التنمية الشاملة والأمن والسلم. وتعدّ تونس الدولة الأقرب الى البلدان المتوسطية الأوروبية لاعتبارات عديدة جغرافية وأساسا تنموية، اذ هي تحتل الصف الاول في جنوب المتوسط، حسب تقديرات المنتدى الاقتصادي الدولي في 14 مؤشرا تنمويا مختلفا وهي مؤهلة الى أن تكون الشريك المفضل للاتحاد الأوروبي برمّته. فهي الأولى على مستوى التنافسية الشمولية وجودة البنية الأساسية وجودة نظامها التعليمي وتوفر وسائل وتكنولوجيات الاتصال وقدرتها على التجديد والبحث العلمي وهي أفضل دولة يطيب فيها العيش وتتوفر فيها جودة الحياة وتنتشر بها قيم السلم والتسامح. ويمكن لتونس من خلال هذه المؤشرات ومن خلال حركية ديبلوماسيتها ووضوح مقاربات قيادتها وايمانهم بانتمائهم المتوسطي ان تلعب دورا مهمّا في دفع الحوار وتنشيطه بين بلدان المجموعة وبين الأطراف المغاربية والأوروبية، اذ تحتفظ أيضا بعلاقات متميزة مع بلدان الاتحاد المغاربي سياسية واقتصادية واجتماعية ساهمت في تحصين الصرح المغاربي والحفاظ عليه من التلاشي نتيجة تعدد الخلافات بين عديد بلدانه. ويأتي هذا الاجتماع بعد عقدين من قمّة روما التي أرست دعائم مسار التعاون بين دول غرب المتوسط الذي استهدف وقتها تقليص الفوارق التنموية بين بلدان المجموعة ومواجهة الهجرة السرية أو غير الشرعية من البلدان المغاربية في اتجاه بلدان غرب المتوسط الأوروبية. ويبدو أن العقدين لم يكونا كافيين لتحقيق أهداف التأسيس وتجذير التعاون وتعميق الشراكة، اذ أن الدول الأوروبية للمجموعة وككل دول الاتحاد الأوروبي لم تف بكافة تعهداتها والتزاماتها التنموية والمالية مقابل تمسّكها بضرورة ايقاف الهجرة غير الشرعية وتعاملها «اللاإنساني» أحيانا مع المهاجرين وتشددها في تطبيق حرية تنقل الأشخاص وتنظيم الهجرة القانونية وتصدير الاستثمارات وإقامة المشاريع التي تخلق مواطن الشغل وتقلّص من نسب البطالة التي تعتبر حصانة تحدّ من توسع الهجرة السرية ودفع شباب الجانب المغاربي الى المغامرة بركوب البحر بحثا عن العمل وتحسين الأوضاع المادية.