ضمن لقاءاته الدورية استضاف نادي «محاورات» في دار الثقافة ابن رشيق مساء أوّل أمس الخميس المسرحي منصف السويسي رئيس الجامعة التونسية للمسرح ومدير مركز تونس للمسرح العربي الذي يرعاه حاكم الشّارقة سموّ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. منصف السويسي تحدّث في هذا اللقاء عن أهمّ المحطات في تجربته الطويلة وقال أن شعوره بالمواطنة هو الذي يدفعه الى التأسيس المسرحي والمساهمة في تحديث المجتمع منذ أن أسس فرقة الكاف وقفصة والقيروان مرورا بتجربته في الخليج العربي وتأسيس المسرح الوطني وأخيرا إعادة الروح للجامعة التونسية للمسرح التي ستدخل طورا جديدا بدعم من السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث الذي قال السويسي ان المسرحيين أوّل المستفيدين من تعيينه وزيرا للثقافة والمحافظة على التراث من قبل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي لأنه يعرف كل التفاصيل عن الحياة الثقافية. السويسي قال أن تجربته بدأت من المسرح الجامعي بمسرحية «النساء في خطر» التي كتبها والده المرحوم عزالدين السويسي وقدّمتها جمعية التلميذ القربي في سوق للخضر سنة 1962 وكانت السبب في انطلاق مهرجان قربة لمسرح الهواة الذي بدأ محليا ثم أصبح وطنيا سنة 1964 وأكّد السويسي أنه مازال هاويا وعاشقا للمسرح ولم يتخل طيلة مسيرته عن التعامل مع الهواة الذين انتدب أهمهم لفرقة الكاف والمسرح الوطني كما نظّم أيام مسرح الهواية في اطار المسرح الوطني الذي قال إنه معتز بكل ما حققه فيه ب 120 ألف دينار فقط أصدر مجلة نادرة اسمها «فضاءات» وانتداب 25 ممثلا بجرايات قارّة ومدرسة تطبيقية لمهن الفنون الدرامية وأنتج 22 عملا في 4 سنوات وقدّم أكثر من 500 عرض في كل مكان من تونس فأين المسرح الوطني اليوم من كل هذا المنجز؟ السويسي قال إنه ارتكب أخطاء وهذا شيء طبيعي لكل من يجتهد لابد أن يخطئ وأكّد أنه من المنطقي أن يتولى شخص آخر بعده المسرح الوطني فتلك سنة التداول. العلاقة مع السلطة منصف السويسي قال في ردّ حول سؤال عن علاقته مع السلطة بأنه تعلّم التعامل مع السلطة من أساتذته الفرنسيين مثل فيلار الذي كان في صراع دائم مع وزارة الثقافة الفرنسية وأكّد أن الفنّان أيضا سلطة وهنا استحضر مسرحياته التي منعت في العهد السابق منها «كل فول لاهي في نوّارو» التي منعت بعد عدد كبير من العروض وكذلك مسرحية «عشتروت» التي منعها المرحوم الهادي نويرة ليلة العرض الاول وأبعد المرحوم الطاهر قيقة من الوزارة إذ كان سيعيّن وزيرا للثقافة وقد اضطره السويسي الى انجاز عمل جديد في وقت قياسي هو نصف شهر بعنوان «مهاجر برزبان» التي عوّض بها «عشتروت» التي كتبها عمر بن سالم. الجمهور السويسي قال إن وضعية المسرحي الآن «كلبة» بسبب ظروف الانتاج وغياب الجمهور واعتبر ان الدعم بصيغته الحالية «كارثة» لأنه لا معنى لمسرح في غياب الجمهور فالمسرحيات التي تنتج بأموال الشعب من خلال شبكة الدعم وتعرض أمام كراس فارغة لا جدوى منها وقال إن فرقة الكاف في زمنه كان الناس يتنقّلون معها من مدينة الى أخرى في الشاحنات والسيارات الخاصة ليشاهدوا أعمالها وحين يكون لها عرض في مهرجان الحمامات مثلا في الافتتاح او الاختتام يسبقها جمهور الكاف بيوم وهناك من ينام على الشاطئ حتى يضمن مكانا للفرجة. وذكر السويسي أن السيد الوزير واع وعلى اطلاع كبير على كل تفاصيل المشهد المسرحي وعوائقه وهو يتوقّع أن تتّخذ اجراءات جديدة فيما يتعلّق بالدعم المسرحي والتوزيع حتى يكون أكثر نجاعة وفاعلية. التجربة العربية منصف السويسي قال إنه يشعر بنفسه «ملاك في تونس» يعني ليس لأي جهة أجنبية غير تونسية فضل عليه وهو غير ممنون إلا لتونس ومحيطها العربي وأكّد أنه يدافع عن مسرح عربي في تونس يكون باللغة العربية لأن تونس هي بلد عربي وستبقى كذلك ولا يمكن لها العيش خارج المحيط العربي وقال أيضا إنه معتز بكل أعماله العربية سواء في الكويت او قطر او سوريا او الأردن او مصر أو دولة الامارات العربية المتحدة وآخرها مسرحية «النمرود» وذكر السويسي أنه المسرحي العربي الوحيد الذي حقق هذه المسيرة العربية ولا يوجد أي مسرحي عربي حقق هذا. السويسي ذكر أيضا في هذا اللقاء أنه ليس ضد مسرح «الوان مان شو» لكنه ضد أن يتحوّل هذا اللون المسرحي الى موضة بتعلّة غياب الامكانات. اللقاء حضره عدد كبير من المسرحيين والمهتمّين بالمسرح وقال إنه فتح الباب في كل مكان مرّ به للكفاءات والطاقات المسرحية الشابة وقال إنه إذا كان التعامل مع الكتاب الكبار مثل عزالدين المدني وعمر بن سالم والتعلّق بالهوية العربية للمسرح جريمة فهو مقرّ بجريمته وإذا كان تأسيس الفرق الجهوية في الكاف وقفصة والقيروان جريمة فهو مجرم وإذا كان تأسيس المسرح الوطني وتحويله الى مؤسسة مسرحية جريمة فهو لا ينكرها وإذا كان دعم جمعيات الهواية والمساهمة في تكوينها جريمة فهذا أيضا لا ينكره كما لا ينكر تجربته العربية وتأسيسه لأيام قرطاج المسرحية وطالب السويسي بأن يحاكم من أجل الجرائم المسرحية التي ارتكبها.