تونس «الشروق»: المهرجانات الصيفية على الأبواب وبدء الإعداد لها على جميع المستويات من سلطة الإشراف إلى أصحاب وصنّاع الأعمال الفنية. هذه المهرجانات تشكل ظاهرة فريدة من نوعها في الوطن العربي وربما حتى في العالم فبلادنا تعرف خلال فصل الصيف تنظيم كمّ هائل من المهرجانات يبلغ عددها بين شهري جويلية وأوت 270 مهرجانا من جملة 392 مهرجانا يقام على امتداد العام. هذه الكثرة في المهرجانات يعتبرها البعض ظاهرة صحية وتبرز سعي الدولة إلى دمقرطة الثقافة ويعتبرها البعض الآخر حالة مرضية باعتبار تقدم الغث والسمين ولا تتوفر فيها أدنى الشروط التقنية لتقديم عرض فني حقيقي. حاولنا معرفة رأي بعض الفنانين وهم أقرب حتى يتعامل مع هذه التظاهرات فكانت هذه الحصيلة. نجاة عطية (مطربة): الكثرة ظاهرة صحية ولا بدّ من توفر الكيف أعتقد أن كثرة المهرجانات الصيفية هي ظاهرة صحية وطبيعية، باعتبار أن فصل الصيف هو فصل الاجازات الادارية والعطل المدرسية. ثم كثرة هذه التظاهرات هو دليل على اهتمام الدولة وسلطة الاشراف بالثقافة وسعيها إلى أن تصل المادة الثقافية والفنية إلى كل الناس حيث كانوا بمعنى هناك حرص على لامركزية الفن والثقافة باعتبارها حق لكل مواطن. زد على ذلك فإن تنوّع ما يقدّم في المهرجانات من عروض مسرحية وموسيقية وسينمائية، من تونس وبلدان عربية وأوروبية وغيرها، يعطي فرصة ويفسح مجال للمواطن للاطلاع على مختلف التجارب. المهم ان في هذه الكثرة للمهرجانات لا بدّ من الكيف في العروض. سنيا مبارك (مطربة): تنوّع العروض يجعلها ظاهرة صحية هناك إجماع على أن كثرة المهرجانات هي ظاهرة صحية فكثرة المهرجانات برأيي خلقت حركية ثقافية في الصيف، وجعلت المواطنين يعيشون على إيقاع مختلف التعابير الفنية لكن المهم في الموضوع هو وجود مثل هذه الحركية الثقافية ببلادنا حتى في فترة الشتاء حيث توجد مهرجانات للموسيقى والرقص والأشرطة الوثائقية وغيرها من المهرجانات الفنية، لكني في المقابل اعتبر استعمال كلمة «ثقافة» لوصف هذه المهرجانات هو نوع من التفاؤل المبالغ فيه، فهذه المهرجانات تعتمد وبشكل أساسي على عنصر الترفيه وأعتقد أن الهدف من كثرة المهرجانات هو جمع عدد كبير من الناس للاستمتاع بعرض ومشاهدته وإشباع رغبة للتفريغ والترفيه ولا أتصور أن الهدف الأساسي منها هو البحث عن الجانب الثقافي البحت ففي المهرجانات الصيفية بالذات يبحث المتفرج عن عنصر الترفيه أكثر من بحثه عن التثقيف. ولعلي هنا سأقتصر في الحديث عن الموسيقى ففي المهرجانات تقدم الكثير من الأنماط الموسيقية وهو ما يمكن المتلقي من متابعة عروض تتراوح بين البلوز والجاز وموسيقى العالم واللاتينية وأخرى شرقية وخليجية وهذا التنوع يمكن الجمهور من الانفتاح على الآخر، لذلك اعتبر أن المهرجانات الصيفية ظاهرة صحية المنصف السويسي (مسرحي) : المهرجانات تعوض طغيان الكرة على حياتنا يمكن أن تكون ظاهرة كثرة المهرجانات الصيفية ظاهرة صحية و مرضية في آن واحد، فهي صحية إذا ما توفرت الفضاءات والتجهيزات التي تتلاءم مع الكم، وتوفرت الغائية من بعث المهرجانات.اعتبر أن الغائية الأولى من المهرجانات هي دمقرطة الثقافة التي تعتبر ضرورية في حياتنا، خاصة في فصل الصيف، وهو موسم العطل المدرسية والإجازات الإدارية وبالتالي فإن الثقافة التي تدعو لها المهرجانات تحل علينا صيفا لتعوض طغيان الكرة في مشهدنا اليومي حتى كادت حياتنا تدخل في قمقم كروي يحتوينا... لذا يبدو من المنطقي أن أعتبر كثرة المهرجانات الصيفية ظاهرة صحية لكن تبقى الاعتمادات المادية المرصودة للعروض وهي المهرجانات هي المتحكم الأساسي في النوعية والمردودية. المنصف ذويب (سينمائي) : ظاهرة صحية بشرط توفر أسباب القيام بعرض حقيقي! أعتقد أنه نادرا ما يجتمع مثل هذا العدد من المهرجانات في بلد ما وموسم واحد مثل الصيف. ومن المهم أن نذكر أن وراء كثرة المهرجانات هناك تكاثر في عدد الفضاءات المخصصة والمتوفرة لاحتضان هذه التظاهرات، فالعرض يختلف طبعا باختلاف قيمة الفضاء لكن من المهم أن لا تختلف قيمة العرض باختلاف الفضاء أو ب«الكيلومتراج» أي لا يجب أن يتدنى عرض ما يبتعد عن قرطاج بسبعين كيلومترا عن العرض الذي أقيم في قرطاج بسبب تغير الإطار الجغرافي والمكاني. لذا أعتقد أن كثرة المهرجانات ظاهرة صحية، لكن من المهم أن تتوفر فيها أسباب القيام بعرض حقيقي في مختلف الفضاءات وهذا لا يتحقق إلا بتوفير قيمة دنيا من مقاييس الإضاءة والصوت والصورة.