الاعتراف الامريكي الصريح بقوّة حركة «طالبان» وسيطرتها على مناطق واسعة من قندهار جنوبأفغانستان وقرار حلف شمال الاطلسي تأجيل العملية العسكرية الكبيرة التي كان يعتزم القيام بها للقضاء على مقاتلي الحركة في هذا الاقليم بسبب ضعف قوات الأمن الافغانية يكشفان بكل وضوح حجم المأزق الذي تواجهه واشنطن ومن ورائها حلف شمال الاطلسي في أفغانستان بعد نحو تسع سنوات من الغزو. فالولايات المتحدة التي بنت استراتيجيتها لأفغانستان على أساس تعزيز قواتها العسكرية المنتشرة هناك بالاف الجنود لحسم المعركة وتسريع عملية انتقال السلطة الى قوات الأمن الافغانية اصطدمت مرّة أخرى بعجز مثل هذه الخطط ذات التوجه العسكري الخالص عن تحقيق الأهداف الآنية وبعيدة المدى، ووقفت على مرارة الحقيقة التي أبت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تصديقها رغم تحذيرات كبار القادة العسكريين الامريكيين والأطلسيين في تقاريرهم الدورية من أن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة وأن كسب الحرب في أفغانستان ليس مهمة سهلة ولا وشيكة. الفشل الامريكي كان مزدوجا، فالقيادة العسكرية الاطلسية أظهرت عجزا عن ايجاد الخطط المناسبة لمواجهة «طالبان» وبدت في حالة إرباك واحراج أمام التوجه الذي اتّخذه الرئيس الافغاني حميد قرضاي للحوار مع الحركة التي لم تبد حتى الآن موافقة صريحة على المضي في هذا النهج، فضلا عن أن المواجهات الميدانية لم تكن أبدا لصالح القوات الدولية رغم الحملات المتكرّرة والتي لم تنته بنصر صريح ولا حاسم. وأما الفشل الثاني وهو ربما الأهم فيتمثل في عجز «الأطلسي» عن تدريب قوات الأمن الافغانية لتولّي المهمات القتالية إذا ما تعلّق الأمر بعملية عسكرية واسعة كتلك التي كانت تعتزم القيام بها في قندهار، وبذلك يبقى الوضع في أفغانستان على ما هو عليه وتبقى آفاق الحل محدودة طالما أن الامريكيين عاجزون عن التعامل مع الحلفاء والأعداء.