يعتبر العمل من مقومات الحياة البشرية. فالانسان مطالب بالتوكل على اللّه والعمل بكل كدّ وجدّ حتى يحقق النجاح والتفوق على جميع الأصعدة وفي جميع المجالات فلا نجاح بدون عمل. وعندما يسعى الانسان بكل اجتهاد وإتقان الى العمل بعد توكّله على اللّه عادة ما يحالفه النجاح والتوفيق فيحقق بذلك الأجرين. وحتى إن لم ينجح يكون قد بذل جهدا وتحقق له بذلك الأجر الواحد. ولكنّ الفرق واضح بين التوكّل والتواكل. فالتوكّل على اللّه يقترن بالعمل في حين أن التواكل يقوم على فكرة خاطئة تبرّر الفشل والهزيمة. وتقوم هذه الفكرة على التكاسل وعدم العمل ومن ثمّة تعليق الفشل على شمّاعة المكتوب والقضاء والقدر وسوء الحظ أو ما يسمى عند بعض الشباب ب«العكس». فالفاشل يعتبر أنه ضحيّة وأن فشله قضاء وقدر مسلّط عليه دون غيره ويجب قبوله دون أدنى نقاش. وحتى وإن بذل مجهودا بسيطا جدا لا يذكر ويفشل ويسارع إلى القول: «اللّه غالب آنا عملت إلي عليّ»، والحال أن المجهود الذي بذله لا يكاد يذكر، بل لا يرتقي أصلا إلى مرتبة المجهود المبذول. وإذا سارعت الى محاصرة الفاشل بأسباب فشله لا يتوانى في القول لك بأن فشله ليس نهاية العالم وأنك بصدد إحباطه ونفي القضاء والقدر. فالتلميذ الكسول الذي يتحصل على أعداد سلبية ويرسب يبادر عند سؤاله من قبل أبويه عن أسباب الفشل في ظل توفير كل الظروف الملائمة للنجاح إلى القول «اللّه غالب» وكأنه بهذه اللفظة يكون قد أعطى مبررا لفشله دون أن يبحث في الأسباب الحقيقية لرسوبه. وكأنه بهذه اللفظة يتملص أيضا من المساءلة والعقاب واضعا أبويه أمام الأمر الواقع!! كما أن الفريق الرياضي الذي ينهزم نتيجة مردوده السيئ في المقابلة يبادر لاعبوه عند سؤالهم عن أسباب الهزيمة في ظل توفر كل المعطيات الموضوعية للانتصار إلى القول «اللّه غالب»، وبأن «الكرة عكستهم»، كأنهم بذلك يمنعون الصحافة أوالرأي العام من مساءلتهم عن الأسباب الحقيقية للهزيمة!! وبالتالي تتحوّل ألفاظ «اللّه غالب» و«عاكستني»، و«ليست نهاية العالم» وغيرها الى وسيلة لتبرير الفشل والهزيمة وإلى شمّاعة يعلق عليها الفاشلون فشلهم والمحبطون إحباطهم. وبناء على ما تقدم وجب التأكيد في هذا الصدد على ضرورة العمل الجدّي والمتقن وضرورة المثابرة لأن العمل عادة ما يقترن بالنجاح. ومن النادر بل من المستحيل أن يكون الفشل حليف الانسان المجتهد. وحتى في صورة عدم نجاحه في تحقيق هدفه المنشود على المدى القريب فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة المشوار ولا يزيده إلاّ عزما على المثابرة والاجتهاد بغية الوصول الى النتيجة المرجوة على المدى البعيد. أما التواكل والارتماء في أحضان الغيبيات فلا يجدي نفعا لأنه يساهم في تعميق العجز عن الفعل. بقلم وليد غبارة (طالب : ماجستير علوم قانونية أساسية -مقرين)