يبدو ان الكيان الصهيوني قد فتح على نفسه معركة دولية كبيرة اسمها «معركة الأساطيل» بعد المجزرة الفظيعة التي أقدم عليها مطلع الأسبوع الماضي ضد «أسطول الحرية» والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا... فإذا كان واضحا أن الاحتلال أراد من خلال تلك المذبحة منع تكرار هذه التجربة فإن الواضح أيضا ان هذه المجزرة قد شجعت المتضامنين الدوليين على تنظيم قوافل إنسانية أخرى حيث تستعد الحملة الأوروبية لكسر الحصار عن غزة لارسال أسطول جديد خلال الفترة القليلة القادمة فيما اعلن النائب البريطاني جورج غالاوي عن اعتزامه تسيير قافلة مساعدات في رمضان المقبل.. ومثل هذه التحرّكات وإن أثارت اهتمام الرأي العام الدولي وحفّزت أحرار العالم وأصحاب الضمائر الحية على الاستمرار في هذه الحملات وتكثيفها حتى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاث سنوات فإنها ايضا زادت في عزلة إسرائيل دوليا وجعلت من مسألة إنهاء المأساة الانسانية في غزة مسألة وقت، فما هو المطلوب إذن لتفعيل هذه «المعركة» إذن... والى أي مدى يمكن ان تنجح «انتفاضة الأساطيل» في دفع إسرائيل على فك حصارها الجائر على القطاع؟ «الشروق» تتابع الموضوع في هذا العدد الجديد من الملف السياسي الذي تتحدّث فيه شخصيات عربية. المفكر القومي محمد سيف الدولة: غزة استحقت التأييد... وعلينا استكمال مسيرة «التحرير» تونس (الشروق) حوار أمين بن مسعود ربط المفكر القومي المصري محمد سيف الدولة بين الهبّة الدولية لإنقاذ غزة وما يبديه القطاع من مقاومة للمحتل ومقارعة لمشاريعه الاستيطانية، معتبرا أن التأييد العالمي سيبقى طالما أن النضال الفلسطيني مستمرّ. وأشار سيف الدولة في حديث ل«الشروق» الى أن «أسطول الحرية» حقق نجاحات سياسية عديدة تفرض على كافة الأحرار مزيد دعمها.. وعزا المتحدث الحصار المفروض على قطاع غزة الى دخول منظمة التحرير الفلسطينية في عملية التسوية مع الكيان الصهيوني التي أدت الى الاعتراف به والتنازل عن 78٪ من فلسطين التاريخية والتخلي عن المقاومة المسلحة وإلقاء السلاح. وأشار الى أن كافة الأحرار في الوطن العربي والعالم أجمع يرفضون اخضاع أية مقاومة وخاصة منها الفلسطينية الى شروط المحتل والتي تحوّلت أي المقاومة الى المعبّر الوحيد عن الموقف الوطني العربي ومن ثمة فإن الهبّة الدولية لفكّ الحصار تتحول بمقتضى الحال الى دفاع عن فلسطين من البحر الى النهر. نجاح وثمار وأكد الباحث والمحلل السياسي المصري ان النتيجة التي أثمرتها أساطيل كسر الحصار عامة و«أسطول الحرية» خاصة تمثلت في دفع القيادة السياسية المصرية على فتح معبر «رفح» اضافة الى وضع قضية غزة على رأس اهتمامات المجتمع الدولي منذ الأسبوع الماضي. وشدّد على أن المسؤولية منوطة بعهدة المجتمعات العربية والاسلامية لاستكمال الجهود السياسية ولاستنفار القوى والحركات الحقوقية والانسانية للوصول الى كسر الحصار عن غزة. الحقوق تُقتلع وحول تحرك المجتمع الدولي ممثلا في الأممالمتحدة وتفاعله مع قضية «أسطول الحرية» ذكّر المتحدث بأن المنتظم الأممي والولايات المتحدة وبريطانيا هي من زرعت اسرائيل في قلب الوطن العربي ومكّنته من أعتى الأسلحة وأكثرها فتكا بالحجر والشجر والبشر وساهمت في «ترسيخ» الوجود الصهيوني في المنطقة، مضيفا أن المجتمع الدولي لن يفعل شيئا إلا إذا كان هناك ضغط شعبي يدافع عن الحقوق الفلسطينية. وأوضح أن الأطراف الدولية عادة ما تكتفي بالمراقبة عن بعد بكل حياد ولكن بمجرد هبّة المجتمعات والشعوب تنخرط في القضايا العادلة. وأبرز في هذا السياق أن المهم في هذا الأمر كامن في الدفاع عن الحق والمقاومة في سبيله ضاربا مثال المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 وانتفاضة الأقصى «2000» والحجارة 1987. ورأى سيف الدولة أن غزة استحقت هذا التضامن الدولي بفضل مقاومتها الصامدة للعدوان الصهيوني ورفضها الخضوع لشروط الاحتلال مبيّنا أن أماكن أخرى من العالم محتلة بيد أنها لا تحظى بالتأييد الذي حصّلته غزة نظرا لأنها لا تقاوم مشاريع المغتصب. مفكر عربي يكتب: حين «تحرج» غزة العرب بقلم: سيد صابر تونس (الشروق) استطاعت اساطيل الحرية التي أبحرت من تركيا تجاه بحر غزة ان تحرك الماء الراكد في بحر السياسة العربية، فتلك المبادرة التي قام بها مجموعة من شرفاء الامتين العربية والاسلامية ومعهم كوكبة مضيئة من رسل المحبة والسلام من المناصرين الاجانب، وما تمخض عنها من بربرية ووحشية اسرائيلية معروفة ومفهومة ومتوقعة حركت الماء الراكد وطردت الهواء الفاسد من سموات السياسة العربية. ورغم ان هناك دماءً سالت وشهداءً سقطوا الا ان تلك الضريبة التي دفعناها اتت اكلها حيث استطاعت تلك العملية ان تعري الرأي العام العالمي ونحن هنا لا نقول ان تلك العملية استطاعت تعرية اسرائيل.. فاسرائيل دائما عارية حتى من ورقة التوت في كل ما يخص الانسانية ومعطياتها.. ولكن تلك العملية كشفت الرأي العام العالمي حيث وضعته امام نفسه في دفاعه المستميت عن دولة الاحتلال وكشفته أمام جماهيره ليرفع الستار عن صورة ذهنية من أسوإ ما يكون للشعوب التي تدعي الحضارة والمدنية . فسرعان ما استيقظ الضمير العالمي على تلك الجريمة البشعة ليصرخ بأعلى صوته على لسان قادته الرسميين وغير الرسميين بأن حصار غزة هو عمل بربري ووحشي ولا يقبله ضمير ولا تستصيغه إنسانية . اما اسلاميا وإقليميا فحدث ولا حرج عن هذا الاحراج المخجل الذي وقع فيه النظام الرسمي العربي بعد خطاب اردوغان في البرلمان التركي، فقد لقن اردوغان النظام العربي درسا في كيفية معاملة اسرائيل في الملمات ووضعها في حجمها الحقيقي، فرغم صعوبة وقسوة وجرأة ما قاله اردوغان في حق اسرائيل الا اننا لم نجد مجرما واحدا منهم رد عليه بكلمة واحدة فلن نجد باراك مثلا يهدد بحرق انقرة او قصف اسطنبول ولم يتبجح نتنياهو كعادته في الرد على أي خطاب عربي ولم نجد حارس الملاهي الليلية المدعو ليبرمان ينطق بكلمة واحدة على ما قاله اردوغان ولم تخرج من اسرائيل مقولة واحدة من تلك المقولات التي توجه لنا في مثل تلك المناسبات بل انها لزمت الصمت متوارية ململمة لفضيحة مدوية خوفا من تركيا ورئيس وزرائها.. . اما عربيا فقد اكتفينا كعادتنا دائما بأقوالنا المأثورة وخطابنا الممجوج وخلطتنا السحرية المكونة من خليط من التنديد والاستنكار والشجب وقد اضاف عليها السيد عمرو موسى بعض بهاراته مثل مقولة ان اسرائيل فوق القانون الدولي.. نعم يا سيدي نحن نعرف انها فوق القانون الدولي ولكن متى ستنزل من فوق تلك الشجرة العالية وما هي الاليات لوضع مظلة القانون الدولي فوقها؟ اما بخصوص معبر رفح وفتحه طبعا هذه خطوة مشكورة وهي خطوة في الاتجاه السليم الصحيح، وخطوة انتظرناها منذ زمن، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو اذا كنا نستطيع فتح المعبر الان ما هو المانع الذي منعنا من فتحه من قبل.. لعل المانع خير.. فقد فتح المعبر ولم يعترض الاتحاد الاوروبي كما كانت تسوق الديبلوماسية المصرية، وكذلك لم ترسل اسرائيل دبابتها لتغلقه ولم ترسل طائراتها لتقصفه، ولم تهدد بالغاء معاهدة السلام بسبب فتحنا له.. اذن لماذا لم يفتح المعبر من قبل؟ ولماذا رضينا ووافقنا على ان تبقى الصورة الذهنية لمصر الشقيقة الكبرى وكانها تغلق المعبر وتمنع الغذاء والدواء وتحاصر مليون ونصف فلسطيني في القطاع؟ رئيس الحملة الأوروبية لكسر حصار غزة ل «الشروق»: قريبا، ينطلق «أسطول الحرية 2»... و نستبعد حماقة صهيونية جديدة تونس (الشروق) أكد الدكتور عرفات ماضي، رئيس الحملة الأوروبية لفكّ الحصار عن قطاع غزة في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف من قبرص أن المجزرة الفظيعة التي اقترفتها اسرائيل ضد «أسطول الحرية» لن تثني المتضامنين عن الاستمرار في حملاتهم التضامنية حتى إنهاء الحصار الجائر المفروض على القطاع. وقال السيد عرفات ماضي ان الجميع مصرّ اليوم رغم المجزرة ورغم الدماء العزيزة والغزيرة التي سالت على صفحات البحر المتوسط على إرسال مزيد من السفن البحرية. وأضاف «نحن الآن بصدد تسجيل «أسطول الحرية 2» للتوجه الى قطاع غزة مستبعدا أن ترتكب اسرائيل مجزرة جديدة ضد هذا الأسطول الذي يتوقع تسييره خلال الأسابيع القليلة القادمة». وتابع «اسرائيل لن ترتكب حماقة جديدة لأن موجة الادانة التي لقيتها من كل المجتمع الدولي على تصرفها الاجرامي الأخير لن يجعلها تكرّر فعلتها.. وأوضح «نحن لسنا جيشا.. نحن متضامنون ونشطاء سلام ولسنا مسلحين، هدفنا الوحيد إثارة الاهتمام الدولي وتحريك الضمائر الحية وتجنيد الشرفاء من أجل مهمة قانونية وشرعية وهي إنهاء الحصار عن غزة».. وأضاف «نعتقد أن مهمتنا قد أتت جدواها بدليل أنها كشفت طبيعة الاجرام الاسرائيلي وزادت في اهتمام العالم بمأساة إنسانية مستمرة في غزة». وتابع «نحن على يقين بأن مثل هذه الحملات ستؤدي الى كسر الحصار عن غزة.. وأعتقد أننا حققنا شوطا مهما في معركتنا هذه وأن الحصار بات الآن في ربع الساعة الأخير».. وأكد أن الحملة الأوروبية تستند في تحركها من أجل فكّ الحصار عن غزة الى القانون الدولي الذي يقول بأن الحصار غير أخلاقي وغير شرعي.. وتابع قائلا «فلتفعل اسرائيل ما تشاء.. فهي لن ترهبنا ولن تقدر على منعنا من التضامن مع أهل غزة ومن ايصال المساعدات الانسانية الى أهلنا المحاصرين والجائعين في القطاع..». ورأى الدكتور عرفات ماضي أن الموجة العالمية التي ثارت ضد اسرائيل على خلفية المجزرة التي ارتكبتها ضد أسطول الحرية ستجبرها (اسرائيل) في النهاية على الرضوخ للأمر الواقع وفكّ الحصار.. وأشاد السيد عرفات ماضي في هذا الصدد بتفاعل بعض الحكومات الغربية مع ما جرى لافتا النظر بالخصوص الى موقف الرئيس الايرلندي الذي حذّر اسرائيل من أنها قد تتعرض الى عواقب وخيمة إذا تمادت في اجرامها وإذا ما كرّرت المجزرة التي اقترفتها ضد «أسطول الحرية». كما أشاد بالموقف العربي على المستوى الشعبي مشيرا الى أن هذا الموقف كان ممتازا من حيث المساهمة المادية في مساندة أسطول الحرية لكنه أكد في المقابل أن المستوى الرسمي العربي لم يكن في المستوى المأمول ولم يرتق الى حجم المأساة التي يعانيها أهالي غزّة. ودعا السيد عرفات ماضي في هذا الاطار الى التحرّك الجاد وانتهاز هذه الفرصة التي تواجه فيها اسرائيل انهيارا أخلاقيا ومعنويا من أجل توسيع الحملة الدولية لفكّ الحصار عن القطاع. ... وتستمر قوافل كسر الحصار تونس (الشروق) على مدى سنوات الحصار الثلاث جرت العديد من محاولات كسر الحصار الذي فرضه الاحتلال على قطاع غزة حيث يعيش اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني برا وبحرا، فنظمت قوافل الاغاثة الانسانية لنجدة اهالي غزة المحاصرين, وكانت اولى محاولات كسر الحصار عن غزة عبر ارسال سفن المساعدات الانسانية، وكانت اولى هذه السفن في الثالث والعشرين من اوت 2008، حين وصلت سفينتا الكرامة والامل، ثم جاءت المحاولة الثانية في 29 اكتوبر 2008 بسفينة الامل التي عاودت الرحلة الى غزة، قبل ان تلحق بها سفينة الكرامة مجددا. و من اليونان تحركت رحلة سفينة السلام التي نظمها النشطاء الاوروبيون في شهر اوت 2008. بعدها نجحت سفينتا «غزة الحرة» و«الحرية» في الوصول الى غزة، واواخر 2008، عبرت سفينة «المروة»الليبية غمار البحر متجهة صوب القطاع المحاصر، لتكون بذلك اول سفينة عربية واسلامية تنطلق لكسر الحصار عبر البحر ولكن القرصنة الاسرائيلية اعترضتها في 7 ديسمبر 2008، ثم منعت سلطات الاحتلال الاسرائيلية سفينة كسر الحصار «العيد» التي كان من المفترض ان تنطلق من مدينة يافا الى ميناء غزة، والتي اشرفت على تنظيمها «هيئة كسر الحصار»، التي تشارك فيها الاطر السياسية والجماهيرية في اوساط فلسطينيي 48، وفي نفس الاسبوع، كان مقررا ابحار سفينة مساعدات قطرية، لكنها تأجلت لاسباب لوجستية وتهديدات اسرائيلية بمنعها من الوصول. ومن اشهر قوافل كسر الحصار قافلة «شريان الحياة» التي نظمتها جمعية «فيفا باليستينيا» (تحيا فلسطين) الخيرية في بريطانيا ثلاث مرات تحت نفس الاسم، بقيادة النائب البريطاني السابق جورج غالاوي ففي اوت 2009 انطلقت من بريطانيا قافلة شريان الحياة الاولى و تشمل عدة شاحنات تحمل مساعدات انسانية بقيادة النائب البريطاني جورج غالاوي، واثناء مرورها من اسبانيا الى الساحل الافريقي انضمت اليها قافلة ليبية اخرى (تحيا فلسطين ) تحمل اطنانا من الادوية والمستلزمات. وفي 16جويلية 2009 وصلت الى غزة قافلة «شريان الحياة» الثانية عبر معبر رفح الحدودي وفي مقدمتها منظم القافلة النائب البريطاني جورج غالاوي الذي ردد فور وصوله مع المتضامنين كلمتي «تحيا غزة» وفي الذكرى الاولى ل«محرقة غزة» تحركت قافلة شريان الحياة الثالثة و ضمت هذه القافلة 450 ناشطا من الشخصيات الاوروبية المرموقة بقيادة جورج غالاوي، حيث شملت القافلة على (65) سيارة، فيما يصل عدد السيارات التي تحمل المساعدات الى اكثر من ست شاحنات تحمل الادوية والمساعدات و قدمت هذه القافلة عن طريق جنوب اوروبا ( ايطاليا، اليونان، تركيا، ثم سوريا، والاردن، الى مصر ) حيث استقبلت القافلة بالدعم من قبل جميع البلدان التي مرت بها.. وتساهم مثل هذه القوافل في اعادة جريان جزء من الحياة التي قطعها الاحتلال الاسرائيلي عن غزة بادخال الادوية والاغذية الضرورية للاطفال والرضع اضافة الى محاولات بسيطة لاعادة البنية التحتية المدمرة لقطاع غزة واسهامات اخرى كتوزيع195 مركبة وصلت الى غزة. وقد ساهمت تلك المركبات في التخفيف من النقص الحاد في المركبات الحكومية وذلك بعد ان دمر عدد كبير منها في العدوان على قطاع غزة. وما حملته قافلة اميال الابتسامات الاغاثية الاوروبية من مساعدات مختلفة لذوي الاحتياجات الخاصة هو فكٍ لحصار الاعاقة في قطاع غزة، وتلبية لاحتياجات المعاقين الاساسية. لان قوافل فك كسر الحصار هي الوسيلة الوحيدة لادخال الكراسي الكهربائية بسبب منع الاحتلال الاسرائيلي ادخالها للقطاع.