سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأوّل مرّة (288): بن صالح يجيب القرّاء عن تساؤلاتهم: فظاعات الاستعمار الفرنسي في تازركة.. كشفتها الشهادات والصور
شددّ «سي أحمد» في حلقة أمس، حول المسألة الديمقراطية، التي وردت حولها أسئلة متنوعة، على أن حماية الحريات هي المذهب الأساسي وضمان الحريات.. ويكون ذلك عبر السلوك اليومي والتنظيم والطريقة لحمايتها على أساس احترام الجميع هي الديمقراطية». ويضيف «سي أحمد» بن صالح أنه «يمكن أن تكون الديمقراطية دهنا لتغطية الجدار» داعيا من يحاول أن يربط غياب الديمقراطية في الستينات بشخص أحمد بن صالح فأنا «لست رئيس الجمهورية ولا وزير الداخلية».. وهنا دعا إلى التثبت في إحصائية قائلا: «ليبحثوا كم كان عدد الاعتقالات السياسية في الستينات وكم أصبحت في السبعينات.. «أنجزوا مقارنة» وسيكون الجواب الشافي.. وأضاف: إن الفرق كبير بين المرحلتين من حيث كمّ الاعتقالات.. رغم هذا، أنا أعرف أنه وخلال السبعينات، هناك من أشاع بأنهم تخلصوا من عدوّ الديمقراطية.. ويقصدون بن صالح بالطبع.. اعتلى وجه «سي أحمد» وهو يتحدث في هذه المسألة، الكثير من عبارات التعجّب، معيدا بعض القصص التي استوجب فيها تدخله، وقد فعل، ومنها تدخله في آخر الستينات للاستماع إلى الطلبة والمتظاهرين.. وذلك بخلق آليات (اقترحها كعضو في الديوان السياسي) للاصغاء إلى هؤلاء المعارضين.. وأضاف صاحب المذكرات: «هناك سؤال آخر، لماذا لا يتساءل أحد، ان عبر الصحافة وغير الصحافة عن ضعف المستوى في من يتحمّلون المسؤولية وخاصة في الولايات.. هل يعتقد أحد ان كل الولاة وقتها يفهمون السياسة، أو يسعون إلى فهمها؟ وهل أن كل الولاة والمعتمدين كانوا يفهمون سياسة الدولة ويفهمونها على حقيقتها؟ ألم نر في ولاية ما تجميد أي تحرّك تعاضدي.. وحافظوا (السلطات المحلية) على سلوك الذين يدفعون أجور العمّال (...) منتوجا فلاحيا.. أي عبارة عن خماسة، راتبهم منتوج فلاحي؟ لماذا لا يتكلمون عن هذه المظاهر؟ يقول السيد (م.ب)، في سؤال له موجه إلى «سي أحمد» عندما كلفتم من «السيزل» وأتيتم إلى تونس ضمن لجنة تقصي حقائق على اثر احداث تازركة سنة 1951، كيف وجدتم الأحوال بعد المجزرة؟ وكيف كان تعامل سلطات الاستعمار الفرنسي معكم كلجنة ومعك كتونسي؟ كان «سي أحمد» قد تحدث عن اللجنة وعن تقصي الحقائق، وكيف تمكنوا كلجنة من التقاط صور، أخذها عضو اللجنة السويسري فيما بقيت أنا هنا، في تونس، يطلب من «سي فرحات حشاد» هكذا بدأ «سي أحمد الجواب» مواصلا: «جاءنا الناس في تازركة وحدّثونا، نحن وجدنا الناس وقدموا لنا شهادات.. والذي كان يهمنا كلجنة، هي تلك الشهادات، حول القتل بلا سبب.. وتكسير ما يجده أمامه (عسكر الاحتلال).. من المشاهد والقصص التي علقت في أذهان الناس، من حيث قوة الرعب هو أن أحدهم كان واقفا يقضي حاجة بشرية فأطلق عليه النار وأردي ميتا (شهيدا).. كما أن القصّة التي علقت في أذهان الناس، كانت تهم والد الأستاذ محمود المسعدي، حيث كان في تازركة يعمل عدل اشهاد، ويواصل «سي أحمد» قوله: وضعوه في القبر حيّا.. ومن ألطاف اللّه أنه أخرج حيّا من القبر (انظر الصورة) فما كان منه إلا أن رجع إلى مكتبه الذي وجده مبعثرا.. «سي المسعدي» وجد أوراقه مبعثرة.. ولم يستطع من هول الصدمة، أن ينبش بكلمة.. ناهيك أننا لم نرد له مشاكل اضافية أو انتقام السلطات الاستعمارية، منه، فلم نسأله لنأخذ منه شهادة واحدة.. كانت سلطات الاستعمار هائجة ومائجة، تقبض بيد حديدية على البلاد.. وما حدث في تازركة من مجازر وقتل بلا سبب، فكذلك الأمر حدث بالتزامن، في طبلبة وفي بنزرت.. وأنا لم أكن موجودا هناك كتونسي، بل كعضو في اللجنة.. وكانت الحجج متوفرة على الغطرسة الفرنسية». ولمّا سألته عن السبب في ذلك قال وبسرعة: «الاستعمار الفرنسي أراد أن يبثّ الرعب في كامل تونس.. أي أن لا يكون الرعب مقتصرا على تونس العاصمة فقط.. كان معي عضو في اللجنة بيار لينيغار Pierre Liniger الذي توفي السنة الفارطة، رجع إلى بروكسيلقبلي.. مرتعدا من هول ما رأى.. وشاهد».. وهنا كشف «سي أحمد» النقاب عن أن الزعيم فرحات حشاد كلفه خلال اقامته في تونس، بمهام أخرى، منها الاتصال بجهة معروفة ببأس العمل النقابي والوطني، ليشحذ الهمم ويتحرك الناس، ضد الاستعمار الفرنسي.. وقد اثار «سي أحمد» من خلال مقال كتبه وصدر في بروكسيل غضب السلطات الاستعمارية ضدّه ومنهم مدير التعليم، حيث فصل «سي أحمد» من وظيفته الأصلية في التدريس وهو في بروكسيل أي من 1951 إلى أن جاءت حكومة بورقيبة في 1956، وأدرج اسمي من جديد في قائمة المدرسين، أي في وزارة الأمين الشابي.. لقد عوقبت لأنني تكلمت وثرت ضدّ الاستعمار الفرنسي وما أتاه من فظاعات في تازركة.. حيث كان مدير التعليم الذي لم أكن مرنا ولا ديبلوماسيا معه هو «لوسيان باي» Lucien Paye. فإلى حلقة أخرى وأسئلة أخرى وأجوبة من «سي أحمد» بن صالح..