«كان عمري 14 سنة حين استهلكت لأول مرّة مادة الهيروين المخدّرة... ومنذ تلك اللحظة وقعت في شباك الادمان ودفعت 20 سنة من عمري حتى أتخلّص منه نهائيا». يقول وليد، المتعافى منذ سنتين فقط من ادمان الهيروين، ذلك بملامح من لا يرغب في تذكر تلك السنوات. ويضيف قائلا ل «الشروق» «انتزع الادمان من حولي كل الذين أحب وخسرت مالا كثيرا من أجله... وأتمنى انطلاقة جديدة في الحياة بعد اقلاعي عن استهلاك المخدّر». وليد هاجر الى فرنسا رفقة عائلة والدته عندما كان في الرابعة عشرة من العمر... وفي سنته الاولى من الاغتراب زيّن له زملاؤه في المؤسسة التربوية التي زاول تعليمه فيها مادة الهيروين ودفعوه لتجربة استهلاكها... لكنه سرعان ما أصبح مدمنا لها. وطيلة ثلاث سنوات نجح المتحدث في اخفاء ادمانه وبعد ان انكشف أمره قررت عائلته اعادته الى الوطن. حاول والده مساعدته على الاقلاع فحمله الى احدى المصحّات الخاصة لكن العلاج لم يكن ناجعا... وبعد 10 أيام فقط قضاها في العلاج عاد وليد مجددا للبحث عن نقاط بيع مادة الهيروين. التجربة في تونس قال إن الحصول على هذه المادة صعب في تونس عكس فرنسا إذ عليك دخول أحياء خطرة والتعامل مع أشخاص خطرين للحصول عليها. وبعد انقطاعه عن الدراسة تكفّل محدثنا بادارة احد محلاّت والده التجارية لكنه لم يقطع استهلاك المخدرات. وذكر وليد ل «الشروق» أنه كان يستهلك غراما واحدا في اليوم بمبلغ 100 دينار يوميا لكن الجلسة الخاصة باستهلاكه يوميا تتطلب منه دفع 200 دينار كمصروف يومي ل «كيفه» حسب قوله. استمر ادمانه 20 سنة فانتفض من حوله الاصدقاء والاخوة وتوفي والداه حسرة على افلاس العائلة... وفجأة وجد وليد نفسه محاصرا بالعزلة والافلاس «إذ لم يعد لي ما يكفي لاقتناء سيجارة واحدة». وشاءت الصدف أن ينصحوه ذات يوم في أحد المقاهي بالتوجه الى مركز الاصغاء والمساعدة الراجع بالنظر الى الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدّرات بصقاس حيث بامكانه التخلّص من الادمان... وهناك استغرق علاج وليد من الادمان شهرين فقط عاد بعدها الى الحياة برغبة في الانطلاق من جديد. تنقيح القانون شهادة عن الادمان ومخاطره النفسية والاجتماعية تقدّم بها المتحدّث بمدينة العلوم مؤخرا على هامش انعقاد الملتقى الدولي حول «الوقاية من تعاطي المخدرات عن طريق الحوار» الذي نظمته الجمعية المذكورة بمناسبة اليوم العالمي للادمان. ويؤكد الدكتور منجي الحمروني مدير ادارة الرعاية الصحية الاساسية بوزارة الصحة أن نسبة الادمان في تونس هي دون 5٪ على المستوى الوطني موضحا ردا على سؤالنا حول مكانة الادمان ضمن سلم أولويات أجندا الصحة العمومية أن اليقظة ضرورية خاصة وأن الشباب يواجه اليوم انفتاحا لا محدودا مع الآخر عبر التواصل الالكتروني وبالتالي تعرضه لخطر الاستقطاب لاستهلاك المخدرات. وقال أيضا ردّا على سؤال «الشروق» حول تصنيف تونس من قبل تقرير كرابع بلد في العالم (بعد افغانستان وايران وليبيا) من حيث الاصابة بفيروس السيدا عن طريق تبادل حقن المخدرات إن «هذا التصنيف خاطئ وخال تماما من الصحّة والدليل أن آخر الدراسات الأممية حول السيدا أكّدت أن تونس تشهد 60 اصابة سنويا بالسيدا». وأكّد أن نسبة من أصيبوا بالسيدا بسبب تبادل حقن المخدرات لا تتجاوز 3.1٪... مضيفا «الظاهرة ليست بالحجم الثقيل الذي صوّره هذا التقرير المفتعل». من جهته ذكر السيد كاظم زين العابدين المكلف بمأمورية في ديوان وزير العدل أنه سيتم تنقيح القانون الخاص باستهلاك المخدرات من ذلك مراعاة الاستهلاك لأول مرة (تخفيف العقوبة). كما أكّد أن القانون لا يجرّم المدمن الراغب في العلاج... إذ بامكان المدمن أو أحد أفراد عائلته التقدّم بمطلب الى لجنة الادمان التابعة لوزارة الصحة للاعلام بالرغبة في العلاج وبالتالي لا تتم اثارة الدعوة العمومية ضدّه... وذكر أيضا أنه يتم حجز ما بحوزة صاحب المطلب دون استجوابه وفي ذلك تشجيع للمدمنين على العلاج.