أثناء بعض الرحلات الجويّة الطويلة، سرعان ما يشعر المسافر بالملل وينتظر هبوط الطائرة بفارغ الصبر.. لكن أثناء رحلات أخرى فإنه يتمنى لو تطول الرحلة أكثر وقت ممكن حتى يستمتع أكثر بالطائرة. «ليس في الأمر سرّا» يقول السيد محمد مطر، النائب الأعلى لرئيس خدمات المطار بمؤسسة طيران الإمارات.. مشيرا الى أن «الجودة والتميّز في الخدمات اللذان يشدان المسافر إلى بعض الطائرات في متناول أية ناقلة جويّة في العالم.. لكن..». محمد مطر أضاف وهو يتحدث في لقاء إعلامي جمعه في دبي بوفد صحفي عربي، وحضرته «الشروق»: «.. أنّ تكون نظيفا وأنيقا ومتميزا وجذّابا في حياتك فذلك لا يعني ضرورة أنك ترتدي الملابس الفاخرة وتضع أغلى العطور..»، وذلك ردّا على ما اعتبره أحد الاعلاميين من أن الفضل في ما بلغته «طيران الامارات» اليوم يعود للمبالغ الهائلة الموضوعة على ذمتها من قبل الحكومة ولولا الدعم الذي تلقاه منها بإستمرار لكانت ناقلة عادية كبقية الناقلات العربية الأخرى.. جدل منذ تأسيسها سنة 1985، والى حدود سنة 2000، كانت خطوات طيران الامارات عادية كبقية الناقلات.. لكن سرعان ما تحوّلت في العشر سنوات الأخيرة الى الناقلة الأكثر إثارة للجدل خاصة أن الأمر يتعلق بناقلة عربية، ومن غير الطبيعي في نظر عمالقة بمجال النقل الجوي مضى على تأسيسها 60 و70 عاما أن تتجاوزهم ناقلة صغيرة السن بهذه السرعة على كل المستويات: 103 وجهة عالمية موزعة على 60 دولة وبكل القارات.. أسطول بحوالي 150 طائرة أبرزها العملاقة «ارباص 380».. 180 رحلة يوميا من وإلى مطار دبي.. 40 ألف موظف بين إداريين وطيارين ومضيفين.. أكبر مشغل لارباص 380.. 27 مليون مسافر وحوالي مليار دولار من المرابيح الصافية في 2009 أي بنسبة ارتفاع تفوق 400٪ عن 2008.. 6 جوائز سنوية على التوالي (2005 2010) لأفضل نظام ترفيه جوي بالصورة والصوت لكل مسافر ولأفضل نظام وجبات طعام على الطائرات وهذا دون اعتبار ما خططته الشركة لقادم السنوات (بلوغ 300 طائرة و80 ألف موظف).. أرقام تحيل منذ الوهلة الأولى إلى أن وراءها ثروة مالية طائلة وليست فقط المرابيح المتأتية من النشاط. مؤسف.. في أغلب الدول العربية وحتى الأجنبية، تكون أبرز الناقلات الجوية مملوكة من الحكومات على غرار طيران الامارات المملوكة من حكومة دبي.. «لو سلّمنا فرضا أن الحكومة تدعّمنا وأن لها الفضل في ما بلغناه اليوم، فما الذي يمنع بقية الحكومات من أن تدعّم ناقلاتها الجوية وتدفعها إلى التطور نحو ما بلغته طيران الامارات». يقول السيد محمد مطر مضيفا ان كل الحكومات لها اماكانات مادية كبرى ويمكنها أن تخصّص جزءا منها لدعم طيرانها.. كما أشار إلى أن وضع بعض الناقلات على مستوى جودة الخدمات داخل الطائرات وأيضا في المطارات مؤسف حقا.. اكتظاظ.. طوال الاجراءات.. طول انتظار خروج الحقائب من الطائرة.. تأخير في أوقات الانطلاق.. خدمات أكل وشرب متواضعة في الطائرات وغياب كلّي لخدمات الترفيه حتى في الدرجة الأولى ودرجة الأعمال.. وأضاف بالخصوص «المال ليس كل شيء في هذه المسائل». كلمة السرّ في شتى المجالات الاقتصادية، ليس أفضل من اعتماد كلمة سر واحدة: الجودة.. وفي طيران الامارات، ترى هذه الكلمة «تقفز» أمامك أينما حللت، بالمحطة الجوية التابعة لها في مطار بي.. وأيضا في عدد من مطارات العالم من خلال قاعات الانتظار الخاصة بها والمخصّصة لركاب الدرجة الأولى ودرجة الأعمال (27 قاعة في 27 مطارا).. على متن الطائرة وحتى على مستوى ما بعد المطار من حيث توفير النقل وتسهيل الإقامة في النزل والفنادق.. غير أن المسؤولين بهذه الناقلة يضيفون أمرا آخر على غاية من الأهمية وهو اللابيروقراطية «لا مجال في إدارتنا للتعطيلات الادارية ولكثرة الاجراءات بل لسرعة اتخاذ القرار المدروس ولسرعة تنفيذه حتى نكون دوما السبّاقين» على حدّ قول السيد محمد مطر، المسؤول بطيران الامارات. وأكد المتحدث من جهة أخرى على أهمية الايفاء بالالتزامات المالية تجاه الدائنين (مصنّعي الطائرات مسديي الخدمات بالمطارات وعلى الطائرة) وهو ما يسهّل مهمة تنفيذ كل قرار جديد يقع اتخاذه بسرعة كبرى دون تردّد من مسدي الخدمة. كما أكد على أهمية الجانب الانساني في عمل الناقلة خاصة من خلال سعيها لإتمام كل رحلاتها مهما كانت الصعوبات (على غرار ما حصل مؤخرا أثناء بركان ايزلندا) لأن ركابها ملتزمون بمواعيد دقيقة (مرض دراسة أعمال..) ولا بدّ من تميكنهم من السفر وفي أسوإ الحالات تقريبهم إلى الوجهات المقصود\ة. محمد مطر ل «الشروق»: هذه حقيقة «افتكاك» كوادر الخطوط التونسية دبي «الشروق»: إجابة عن سؤال توجهت به «الشروق» للنائب الأعلى لرئيس خدمات المطار بطيران الامارات حول «افتكاك» هذه الأخيرة لبعض كوادر ناقلات عربية أخرى (مضيفون قادة طائرات ميكانيكيون) ومنها «الخطوط التونسية»، وإخلالها بالتالي بأخلاقيات المهنة، أجاب السيد محمد مطر بأن طيران الامارات ما انفكت، منذ انبعاثها وإلى حدّ اليوم تحترم الاتفاقيات المبرمة مع الناقلات الأخرى في هذا المجال ولا تعمل على «افتكاك» كوادرها بصفة مباشرة من خلال الاتصال بهم في السرية وتقديم عروض شغل لهم.. وكل ما في الأمر هو أن طيران الامارات تتقدم بعروض انتداب في مختلف الدول العربية، وتأتيها طلبات عديدة نظرا للامتيازات التي تقدمها (سكن أجور مرتفعة) ويقول أصحابها إنهم في حلّ من كل ارتباط مهني ومنهم تونسيون وطبعا هم أحرار في الانضمام إلى الناقلة التي يختارونها.. وبالنسبة إلى بعض كوادر الخطوط التونسية والكلام ل«مطر» فإن نسبة انضمامهم إلى طيران الامارات قليلة مضيفا «لا أعرف ان كانت إدارة الخطوط التونسية رفعت الأمر لإدارتنا أم لا، ولكن ما هو متأكد هو أنه عندما ترفع لنا ناقلة ما مثل هذا الأمر فإننا نستجيب له في إطار ما تجمعنا بهم جميعا من علاقات صداقة وتعاون واحترام».