أقر التقرير السنوي للتنمية لسنة 2004 بأن النظام التربوي في تونس مازال يواجه بعض النقائص رغم المكاسب والإصلاحات التي أدخلت عليه خلال السنوات الأخيرة. ودون الكشف عن مؤشرات احصائية أكد التقرير أن أبرز نقائص هذا النظام تتعلق بالمردود حيث أصبح عدد الراسبين في التعليم الأساسي والتعليم الثانوي في ازدياد وهو ما لا يساعد على تحقيق الهدف المنشود المتمثل في تمكين 80 من التلاميذ من نفس الفوج من انهاء التعليم الأساسي ولا على تحقيق الفاعلية. وبناء على هذه المعطيات فقد اعتبر التقرير الذي يتضمن تقييما نصف مرحلي للمخطط العاشر للتنمية أن كلفة التعليم تبدو مرتفعة بالقياس إلى النتائج المسجلة بسبب الرسوبات المتكررة. إصلاحات وفي المقابل تم الكشف عن جملة الاصلاحات التي شهدها قطاع التربية في الفترة من 2002 إلى 2004 التي تعادل ثلاث سنوات من عمر المخطط العاشر. وتمت الاشارة تحديدا إلى الاصلاح الذي تم ادخاله على النظام التربوي سنة 2002 عبر القانون التوجيهي للتربية والتعليم المدرسي الذي مكّن من وضع اطار لتجديد مكونات المدرسة وتكريس مبدأ التعلّم مدى الحياة. وقد أمكن بهذا القانون معالجة بعض الظواهر التي تعوق تحقيق مقاصد الاصلاح التربوي مثل الانقطاع المبكّر عن الدراسة والرسوب ونوعية المكتسبات كما أمكن ارساء طرق تعلّم وتقييم تراعي انساق المتعلمين وتؤمن الانتقال السلس من مرحلة إلى أخرى. وتم في السياق نفسه تطوير البرامج ومناهج التدريس بضبط اطار مرجعي لصياغة البرامج التعليمية يحمل اسم «برنامج البرامج» وهو وثيقة تبيّن الأرضية التربوية والمفاهيم الأساسية والأسس المنهجية لوضع البرامج الجديدة وتأليف الكتب والتدريس. وقد ساعد هذا الاطار المرجعي على إعادة صياغة العديد من البرامج بالاعتماد على المقاربة بالكفايات التي تعد من أفضل المقاربات التي تسمح بتكوين مؤهلات معرفية مستديمة لدى المتعلمين. وشمل الاصلاح التربوي كذلك خلال السنوات الثلاث الأخيرة مراجعة شبكة المواد والتوقيت المخصص لها في التعليم الأساسي بوضع شبكة جديدة للتوقيت الخاص بأقسام التعليم الأساسي تعتمد التدرج في التوقيت الأسبوعي بحساب درجات التعليم كما تم ادراج تدريس اللغة الانقليزية على مستوى السنتين الخامسة والسادسة من التعليم الأساسي بحساب ساعتين ونصف أسبوعيا ضمن نشاط النوادي فضلا عن ادراج العلوم الفيزيائية في مستوى السنة السابعة أساسي والتعلمات الاختيارية في السنة الثامنة أساسي بهدف الاعداد للتوجيه وتمكين التلميذ في تعميق تكوينه في مادة معينة يختارها من ضمن مجالات العلوم والتكنولوجيا والتقنيات والمهن وعلوم الطبيعية، والفنون والانسانيات واللغات والحضارات. وضمن الاصلاح أيضا تم احكام عملية التوجيه المدرسي بوضع خارطة جديدة للتعليم الثانوي تستجيب لتزايد عدد التلاميذ وتتسع لميولاتهم المتباينة. وينتظر في سياق هذه العملية الشروع في اعتماد نظام التوجيه التدريجي بداية من سبتمبر 2005 ويعتمد هذا النظام الجديد على تخصيص السنة الأولى من التعليم الثانوي للتعلّمات المشتركة يتم على اثرها توجيه التلاميذ نحو عائلة من التخصصات. وتم بالتوازي تعميم تدريس مادة الاعلامية على تلاميذ السنوات الثالثة والرابعة ثانوي كما تم ادراج تكنولوجيات الاعلامية في مادة التربية التكنولوجية بالمستوى الثالث من المرحلة الابتدائية وادماجها أيضا في مادة التربية التقنية في مستوى السنة السابعة أساسي. ومع الاهتمام بالبرامج والتوجيه المدرسي والمواد شمل الاصلاح التربوي أيضا إعادة هيكلة المراكز الجهوية للتربية والتكوين المستمر واعداد مرجعية مهنية لتكوين المعلم والأستاذ. كما تم من جهة أخرى وضع خطة تدخل لفائدة المدارس ذات الأولوية التربوية كما تواصل التعميم التدريجي للسنة التحضيرية علاوة على مواصل تأهيل قطاع التعليم الخاص حتى يتسنى لمؤسساته أن تساهم في تطوير المنظومة التربوية. وأفاد تقرير التنمية لسنة 2004 انه تم انفاق حوالي 424.5 مليون دينار لتأمين انجاز الاصلاحات التربوية طيلة فترة الثلاث سنوات التي مضى من عمر المخطط العاشر الذي سينتهي في موفى 2006 .