لم تكن سهرة أول أمس بمسرح الهواء الطلق بالحمامات في اطار الدورة السادسة والاربعين لمهرجان الحمامات الدولي، سهرة عادية، لسبب أساسي، يتمثل في كونها (السهرة) جمعت بين متناقضين في جزأيها. جزء أول مخجل ولا يليق بعراقة مهرجان الحمامات الدولي وجزء ثان جمع بين الطرب والتكريم لمجموعة من فناني المهجر المغاربيين. الجزء الاول بإمضاء فنان تونسي اسمه «ماهر الكعبي» قيل انه يقيم خارج أرض الوطن، لكن للأسف في هذا الجزء شاهدنا أشياء لا تصدق لأنها ببساطة في حضرة مهرجان دولي اسمه مهرجان الحمامات. وأول ما يشد الانتباه في الجزء الاول من الحفل هو ذلك الصراخ وتبادل الشتائم المنبعث من كواليس المسرح بين الفنان ماهر الكعبي وأحد الساهرين على التنظيم بسبب عدم صعود الفرقة الموسيقية على ركح مسرح الهواء الطلق بالحمامات مباشرة اثر الاعلان عن بداية الحفل وقد تواصل هذا التأخير مدة 10 دقائق سمعنا خلالها مشادة كلامية بين الفنان وأحد الساهرين على التنظيم بالمهرجان حين قال الثاني للأول: هذا التأخير ليس مهنيا ولا حرفيا (c n›est pas professionel)، فأجابه الاول: أنا فرقتي تصعد متى تشاء»...!!! جزء مخجل هذه المشادة الكلامية التي سمعها الجمهور الحاضر مباشرة رغم أنها حدثت داخل الكواليس الا أنها ليست سوى بداية مخجلة لجزء أول من السهرة لا علاقة له بالفن أصلا فالفرقة الموسيقية يبدو أنها لم تقم بالتمارين وقد أرهقها النسيم العليل حين بعثر الاوراق التي دونت عليها الجمل الموسيقية أو النوتة الموسيقية هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن «ماهر الكعبي» مع احترامنا لشخصه ولحبه للفن، صوت متواضع جدا، ولا يتمتع بحضور ركحي، فضلا عن أن أغانيه تتضمن عديد الجمل الموسيقية المعروفة من أغان شرقية قديمة الا أنها (الاغاني) لا تحمل اجتهادات فنية لا على مستوى الكلمة ولا على مستوى اللحن، فكان الجزء الاول من الحفل بمثابة بروفة فاشلة لأعراس السنة المقبلة حتى أن أحد الزملاء عبر عن عدم اعجابه بالجزء الاول من سهرة ليلة أول أمس بمجرد نهايته قائلا: «الحمد لله... انتهى هذا الجزء...». وصلة مغاربية طربية الجزء الثاني الذي أثثته الفنانة «سيرين بن موسى» في عرض عنونته ب «أنوار» مثل متنفسا فنيا للجمهور الوافد بأعداد ضعيفة على مسرح الهواء الطلق بالحمامات ليلة أول أمس، حيث أطربت الفنانة التونسية المقيمة بفرنسا وتحديدا بباريس بأغاني فناني المهجر المغاربيين تكريما لهم في عرض تضمن الرقص والايقاع والطرب فغنت «تزعملي نشكيلك»، وغنت أغنيتها «بعدما سافرت بعيد»، كما غنت لسليم الهلالي «زهوة بالي»، وأدت باقناع أغنية «يا رايح وين مسافر» وأطربت بأغنية «يا أمي» ليوسف حجاج وانعشت المدارج بأغاني الفنان التونسي الهادي الجويني حين غنت «تحت الياسمينة في الليل» و«سمرا يا سمرا»، وكان مسك الختام مع الاغنية المغربية «يا بنت بلادي». وصلة مغاربية وتحديدا جزائرية تونسية مغربية، طالب الجمهور بإعادتها اعجابا بصوت مؤديتها واحتراما لاختياراتها المبنية على تكريم فنانين مغاربيين عاشوا بالمهجر خاصة أن الفنانة سيرين بن موسى بدورها تعيش خارج أرض الوطن وبالتالي تعيش ذلك الاحساس الفني الذي عاشه فنانون مغاربيون في زمن مضى قبل أن يفارقوا الحياة. اذن الفنانة سيرين بن موسى انقذت الحفل ككل من الرتابة وانقذت المهرجان ككل من نقد اختياراته وفي هذا الاطار نوجه السؤال الى ادارة المهرجان كيف يتم اختيار العروض؟! هل شاهدتم ماهر الكعبي مباشرة أم اقتصرتم على الاستماع الى قرص كله مؤثرات صوتية سجلت بأستوديو؟!