اختتمت مؤخرا الدورة 52 لمهرجان سوسة الدولي ولمزيد تسليط الضوء على مضمون هذه الدورة وتقييمها التقت «الشروق» بمدير المهرجان الدكتور هشام بن سعيد والذي كان كالعادة وفيا لرحابة صدره وسعة ثقافته والتي خوّلته لادارة واحد من أعرق المهرجانات التونسية في حوار مسّ أيضا مواضيع أخرى لم تجانب جوهر المهرجان وهذه التفاصيل. كمتفرج كيف تقيّم الدورة 52 لمهرجان سوسة الدولية؟ مرتاح لهذه الدورة لأربعة عوامل أولا مرت في ظروف طيبة ثانية لم يلغ أي عرض، ثالثا خرجنا بتوازن مالي ولم نسجّل أي عجز وأؤكّد سبب ذلك لا يعود لبيع التذاكر بل بفضل المنح والاعانات المالية والعامل الرابع يتمثل في توفير الظروف الطيّبة لمختلف وسائل الاعلام. هذه نظرة مدير مهرجان ولكن بعين المتفرج المثقّف كيف رأيت هذه الدورة؟ هناك تفاوت في العروض المبرمجة، وما استحضره الآن انبهاري بعرض «درويش درويش» واستغربت مثل العديد الذين التقيت بهم من عدم برمجة هذا العرض الا في قرطاجوسوسة، أعجبت أيضا بعرض آمال المثلوثي لأن هناك العديد لاموني على برمجتها واعتبروني قد جازفت. هل هناك شيء في هذه الدورة حز في نفسك؟ تواضع الحضور الجماهيري في عرض «درويش درويش» رغم وجود درصاف الحمداني التي اعتبرها من أحسن الاصوات التونسية حاليا، حزّ في نفسي أيضا الحضور الجماهيري المحتشم في عرض فرقة مصراطة للمالوف والموشحات. هل هناك عرض تمنيته في سوسة؟ تمنيت وجود آمال ماهر رغم أنها كانت مبرمجة في قرطاج هذه السنة وفي مرتبة ثانية المطربة أنغام ولكن العائق المالي هو السبب. هل كان من الممكن التضحية ببعض العروض لجلب آمال ماهر؟ (يفكّر...) لا، عرض مكلّف جدا اضافة الى خوفي من عدم الحضور الجماعي. كيف تصنّف انطباعات الجمهور على هذا المهرجان؟ هناك شكر ولوم أنقل لك بعض ما وصلني منهم من لامني على عدم برمجة المزود والراب، آخرون لامونا على عدم برمجة جورج وسوف وصباح فخري ولكن أتساءل لماذا لم يقترحوا رامازوتي مثلا فصباح فخري تواجد في سوسة في عدّة مناسبات، اضافة الى أني أعتبره مؤد يا لا غير لا يمكن مقارنته بمحمد عبد الوهاب ولا بأم كلثوم أما عن العروض الاخرى المبتذلة لا مجال لبرمجتها في مهرجان سوسة وحتى في المسرح الجديد الذي سيكون جاهزا سنة 2013 ومهما كانت طاقة الاستيعاب لا مجال للعروض التافهة لأشباه الفنانين مهما كانت شهرتهم، فمهرجان سوسة ليس مدخلا لمن هبّ ودبّ. ألا تزعجك بعض ردود الافعال او نتائج هذه الاختيارات؟ مسألة قناعات ومبادئ لصالح الذوق العام، هناك من قال لي المهرجان ليس ملكك ولكن المسؤولية تجعلنا نجتهد اكثر ما يمكن للحفاظ على القيمة الفنية لهذا المهرجان. لكن تواجدت عروض لا تليق بهذا المهرجان؟ مثل ماذا؟ بعض العروض المسرحية؟ لا أريد التحدّث عن المسرح، اذكر لي عروضا أخرى. بصفتك مدير مهرجان دولي كيف ترى وضعية المهرجانات ببلادنا؟ لابد من وقفة تأمّل، والمزيد من العمل على إيصال إن لم يكن الكثير فالقليل من الثقافة الى ربوع البلاد. اختياراتك على المستوى الجهوي أرضت البعض وأغضبت الآخر في ظل تكرر حضور بعض الاسماء؟ نعم وصلني ذلك، وهناك من قال: «ياخي المهرجان دارو؟»، لم نرفض أي عرض كان مقنعا. كلمة «مقنع» قابلة لعدة تأويلات خاصة لغياب لجنة فنية تعتمدون عليها للتقييم؟ هناك عروض اقترحت على المهرجان خالية من أي اجتهاد. لماذا لا يقع جمع مبدعي الجهة حول عمل من اقتراح هيئة المهرجان وتعيّن له لجنة لمتابعته؟ المشكل في الخلافات والانشقاقات التي تميز علاقاتهم. لكن قد يبقى المهرجان فرصة لفض مختلف الخلافات وحافزا لهم للعمل والابداع؟ لمَ لا، سنجرّب ذلك انطلاقا من الدورة القادمة. هل ستبقى على رئاسة المهرجان لدورات أخرى، وهل تعتقد أن من سيأتي بعدكم سيحافظ على نفس التوجهات؟ (يبتسم...) لا أدري... لا أنكر أن المهرجان أتعبني ولكن تبقى الاجابة رهينة المستقبل... ومهما كانت الظروف سأبقى وفيّا للمهرجان ولأي هيئة مديرة جديدة وسأكون في خدمتهم لأن المسؤولية الثقافية ليست رهينة منصب.