شهدت جوهرة الساحل في العهد الاسلامي ازدهارا ثقافيا وحضاريا كبيرا حيث تحولت سوسة الى مركز علمي بارز من خلال المدارس العلمية التي أنشئت فيها والتي يعد من أبرزها الجامع الكبير في قلب المدينة والذي تحول الى منارة علمية قصدها طلاب العلم من مختلف أصقاع العالم الاسلامي. كما اشتهرت سوسة بأنها كانت مقرّا لعديد المرابطين والفقهاء الذين درّسوا العلوم الدينية أمثال يحيى بن عمر (سيدي يحيى) مؤلف «أحكام السوق» أول كتاب في العالم الاسلامي يتناول القانون التجاري وينظم المعاملات في الأسواق وأبو جعفر الاربسي. ورع وتقوى يسميه سكان الساحل «سيدي بوجعفر» وعلى أجمل شواطئ جوهرة الساحل أطلقوا اسمه. هو أبو جعفر الاربسي ويقال حمودةبن سعدون الاربسي نسبة الى مدينة الآربس التي منها قدم الى القيروان ثم انتقل الى سوسة واستقر بها الى أن توفي. درس على كبير علماء سوسة بحي بن عمر الكناني (سيدي يحيى). ولما انتقل هذا الأخير في زمن المحنة الى مدينة تونس أودع جميع كتبه عند تلميذه أبي جعفر (حفظها عنده) في داره فنسخها أبو جعفر بكاملها. شارك أبو جعفر في احدى غزوات الأغالبة بجزيرة «سردانية»، ولذلك عُرف أيضا بالسرداني. كما اشتهر بالورع الكامل والصلاح وكان المرابط المجاهد أبو جعفر القبودي من أخصّ أصدقائه وجلسائه وقد عاشا زمنا طويلا لا يفترقان مقبلين على العبادة والمرابطة. مرض أبو جعفر الآربسي في آخر عمره الذي تجاوز الثمانين الى أن توفي في المحلّ المعروف بدار المشائخ وذلك يوم الجمعة غرة ذي القعدة من سنة 323هجريا الموافق ل2 أكتوبر 934 ميلاديا. دفن حذو قبة الرمل خارج المدينة في المكان المعروف باسمه الآن (قرب الحديقة العمومية)