كتبتها فاطمة بن عبد الله الكراي كلما حل يوم السادس عشر في سبتمبر، تذكرت وحسبي أننا جميعنا مازلنا أسيري الذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا... هذا الأمر كان متواصلا بدون انقطاع منذ 1982 تاريخ المجزرة... والى حدود لقائي منتصف التسعينات من القرن الماضي، باحدى ضحايا مجزرة العصر... أو جريمة العصر... سعاد هي فتاة فلسطينية من مخيم «شاتيلا» للاجئين الفلسطينيين... نجت بأعجوبة من مخالب مغتصبيها حيث ظنوا أنها قضت... حين عذبوها وقتلوا والدها تحت وطأة الصور الفظيعة التي أخضعوا لها ابنته أمام عينيه: اغتصاب... تفاصيل الرواية التي نشرتها سابقا، أعادتها سعاد على مسامع أكثر من خمسة آلاف امرأة في «كاب تاون» بجنوب افريقيا يوم 8 مارس 1999... وكنت حاضرة... حضرت المؤتمر ورأيت قاعة الملعب الرياضي الذي احتضن فعاليات «محكمة النساء» للاستعمار، كيف تحولت القاعة الى مناحة ولم يسلم من هذا الحزن والبكاء والشجن حتى «القس «ادموند توتو»... اضافة الى زوجة مانديلا السابقة... «صبرا وشاتيلا» وحتى لا ننسى مآسي الاحتلال وجريمة الرجعية، وقعت بعد اخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان... وتركت المخيمات الفلسطينية بلا سلاح ولا مقاومين... وكان جيش الاحتلال الصهيوني ب«قيادة» شارون يحاصر المخيمات.... الخميس 16 والجمعة 17 والسبت 18 سبتمبر 1982 كانت أياما سوداء في حياة اللاجئ الفلسطيني... أينما كان... داهمت الميليشيات العميلة لاسرائيل وتحت انظار واشراف الجيش الصهيوني مخيمي «صبرا وشاتيلا»، ظلاما... وكانت المجزرة التي أودت بحياة آلاف النساء والأطفال والشيوخ والكهول... على اعتبار أن الشباب محسوب في عداد المقاتلين... عميدة اللاجئين الفلسطينيين... في أحد المخيمين، ولما تحدثت معها في لقاء «الشروق» منذ خمس سنوات، كانت تتحدث عن فظاعات المجزرة بعد 23 سنة كأنها عاشتها للتو... فقد شهدت وشاهدت شقيق زوجها وهو معلق جثة منكلا بها في عمود كهرباء مدخل المخيم... ورأت شعر امرأة شهيدة وقد خضبته الدماء والاتربة بعد ميتة شنيعة... وكانت وفق هذه الصور الفظيعة، تربط المشاهد بما عاشته وهي طفلة تغادر مع أهلها فلسطين سنة 1948 تحت سياط الجلادين وقنابلهم الحارقة... نحو لبنان... بين سعاد والعميدة... قصص مترابطة هي عبارة عن تراجيديا يونانية لم يعشها سوى شعب فلسطين... عند غزو بيروت واخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان صيف 1982 تراكض الشقيق والعدو معا باتجاه اخراج السلاح الفلسطين الى غير وجهة... متسابقين بشكل محموم من أجل ارضاء «اسرائيل» وأذناب «اسرائيل» وحماة «اسرائيل»... لكن عندما بقيت المخيمات الفلسطينية بلا سلاح.... لم يفكر متدخل واحد من «المهرولين» لانهاء المقاومة المسلحة في ضمانات لهؤلاء الفلسطينيين العزل... جريمة كما سابقاتها من جرائم شارون وغيره بلا محاسبة... «شارون» الذي أشرف على مجزرة قبية «فلسطين» في 1955 ومجزرة صبرا وشاتيلا في 1982 ومجزرة مخيم جنين سنة 2001 يفرش له السجاد الاحمر ويستقبل كرئيس للوزراء في 2001... ولا يقف الحيف عند هذا الحد، بل ان اقامة الدعوى من الناجين من مجزرة «صبرا وشاتيلا» في بلجيكا استنادا الى قانون «الاختصاص العالمي» في ملاحقة مجرمي الحرب، لم تتم... لم يقع المساس بشارون ولا بأي مجرم من مجرمي المجازر والحروب الصهاينة... لكن بالمقابل وقع المس بقانون «الاختصاص العالمي» البلجيكي... فألغي... بأن أحدث عليه تعديل... ذلك أن جرائم اسرائيل لا تطبق عليها القوانين... بل تعدل من أجل أن تواصل جرائمها... ولنا في الحرب على غزة... أقوم دليل...