يرفض عدد من المختصين الادلاء بآرائهم حول هذا الموضوع... بتعلة أن اختيار جنس المولود عبر اعتماد حمية غذائية مسألة لم تثبت بعد فاعليتها العلمية. «ليس هناك أي اثبات علمي في هذا الاتجاه كما أن مسألة اختيار جنس المولود غير مطروحة بشدة في تونس» هكذا علّق اخصائي في أمراض النساء والتوليد يعرف عنه نصحه الشديد للراغبات في اختيار جنس مواليدهن باعتماد الحمية الغذائية. ويقول آخرون إن التقدم الطبي وخاصة التمكّن من تخصيب البويضة عبر طفل الأنبوب منذ نهاية السبعينات سمح للطب بالتدخل في امكانية تحديد جنس المولود... وأصبح منذ ذلك الحين بإمكان الوالدين تحديد جنس مولودهما ما لم يظهر مانع لذلك. وتوفر الى جانب الحمية الغذائية طريق آخر «سحري» لتحديد جنس المولود تمثّل في الطريقة الطبية. قائمة غذائية قد يصعب طرح المسألة في تونس لأنها عالقة بالأساس بمدى ما تسمح به الشريعة ومدى قناعات الأزواج... ومدى تطوّر القرار الصحي في هذا الاتجاه. يقول الدكتور وليد محجوبي الاخصائي في بيولوجيا الانجاب إن الفرنسي فرنسوا بابا (François Papa) كان أول المكتشفين لامكانية تحديد جنس المولود عبر حمية غذائية خاصة. حدث هذا عام 1977 متى تم اطلاق قائمة في أغذية قيل انها «المصدر» لتحديد جنس المولود. تلك القائمات ضمّت الحليب ومشتقاته والفواكه الجافة غير المملحة والشوكولاطة والأسماك الطازجة وأصفر البيض والخضر والأرز والفراولة والعنب واللحوم (بكميات معينة) لاختيار مولود من جنس الاناث. وينصح الدكتور بابا بتجنب «تمليح» هذه العناصر الغذائية أو ربما تعويض الملح بالتوابل. تحذير لاختيار مولود من جنس الذكور ينصح الدكتور بابا بتناول سمك مملّح ولحوم وخضر (البطاطا خاصة) وغلال (التفاح والموز والمشمش) والفواكه الجافة وخاصة شرب المياه المعدنية لأنها غنية بالكالسيوم وينصح الدكتور بابا من يعانين من مرض ارتفاع ضغط الدم بعدم اعتماد هذه الحمية. ولم يثبت بعد علميا أية فاعلية لهذه الحمية حسب قول الدكتور وليد محجوبي قائلا إن اعتماد هذه الحمية يعدّ فقط مجرّد ملاحظات أو توقعات تقرّ بأن البويضة تتأثر بمحيطها. وإن تعذّر جمع شهادات لمن أجرين هذه الحمية للتوقف عند مدى نجاحها استمعنا لشهادات مختلفة لنساء عبّرن عن رغبتهن في اختيار جنس مواليدهن. بسبب المجتمع احداهن قالت انها أم لثلاث بنات وانها تحلم بإنجاب ولد... استجابة لرغبة زوجها وعائلته. تحدثت بملامح هادئة لتقول إن «أبو البنات» كما أسمته يعبّر في كل مرة عن رغبته الملحة في انجاب ذكر يحمي الأسرة في غيابه... مشيرة أنها تشاطره الرغبة لارضائه بدافع الحب لا أكثر... إذ «تكفيني بناتي وسأكون فخورة بهنّ في كلما سيخترن» على حد قولها. وبدافع اجتماعي آخر قالت سيدة تخطط لانجاب مولودها الثاني انها ترغب في انجاب ذكر ثان لأنها لا تستطيع تربية الاناث حسب قولها. كانت متحمسة جدا لفكرتها حدّ تهجمها على الاناث فتقول «هناك متغيرات كثيرة في مجتمعنا تدفعني الى التفكير في مدى قدرتي على تربية ابنتي ولا أرى نفسي أما مثالية للطفلة... قد أظلمها في قرارات عديدة وقد لا أجيد التعامل معها فقط بدافع الخوف عليها كأنثى في مجتمع لا تزال تنخره العقلية الذكورية... ولو خيروني لاخترت انجاب ذكور لكن العلم عند ا&». ممنوع الحمية الغذائية مسألة خاصة واختيارية لكن الطريقة الطبية ورغم ثبوت نجاعتها العلميّة لا تزال سؤالا ممنوعا... ليس في الوطن فحسب بل في دول اخرى عديدة وفي مقدمتها فرنسا. «الطريق الطبيّة ممنوعة لأسباب تتعلق بالشريعة وهو نفس الحال في فرنسا لكن مع بعض الاستثناء» على حدّ قول الدكتور وليد محجوبي. هذا الاستثناء يشمل كل المهددين بالأمراض الوراثية ومنها مرض فقر الدم الحاد (hémophile) الذي يصيب الذكور فقط بالاضافة الى أمراض وراثية أخرى خاصة بالذكور وأخرى بالاناث ويعدّ فقر الدم الحاد أشهر تلك الأمراض لدى المواليد الذكور في تونس. خطورة ينقسم هذه المرض الى ثلاثة أنواع حسب قول السيد محمد الزيلي أستاذ في علم الدم ورئيس قسم التحاليل بمستشفى الحبيب ثامر... وذلك حسب درجة الخطورة... إذ يتراوح مجموع الاصابات المتوسطة به (مرض فقر الدم الحاد) ما بين 1 و5٪ وتقدّر العادية بحوالي 35٪ فيما تقل نسبة الاصابات الخطيرة عن 1٪. وتتمثل الخطورة في وقوع حالات النزيف الداخلي. هذا المرض يتمثل خاصة في اشكالية تخثّر الدم ويمكن التفطن لاصابة الطفل به بعد تخطيه سنته الاولى. ويعتقد الاستاذ محمد الزيلي أن قرار اختيار جنس المولود اذا كان سيعاني من النوع الخطير في هذه الاصابة يبقى قرارا سليما لابد من دعمه.