مئات المعزين تدفقوا الى منزل والديه بجهة اولاد الشامخ من ولاية المهدية. كانوا في انتظار وصول جثمانه عبر الطائرة. وبمجرد وصولها اختفت الجنازة بين أمواج المستقبلين واختلطت الأصوات يعلوها التهليل والتكبير تارة، وتعلو رائحة الفاجعة تارة أخرى...فلا ترى الا والدة ثكلى او قريبة قد أغمي عليها أو جارا منتحبا...وآخر يواسي. هذا المشهد عاشته مساء الجمعة الماضي أسرة الفقيد مروان الحاج كمال (22 سنة) الذي توفي مؤخرا في حادث مرور باحدى المدن الفرنسية نتيجة اصطدام سيارة تقله رفقة اثنين من اصدقائه بشجرة على جانب الطريق وذلك قبل اسبوع. وقد تم مساء أمس الأول الجمعة تشييع جثمانه بمسقط رأسه بمدينة اولاد الشامخ من ولاية المهدية. «الشروق» تابعت موكب الجنازة المهيب واستقت تفاصيل الحادث من بعض أقارب الهالك. استقرار وتأقلم منذ نحو 5 سنوات انتقل مروان للعيش صحبة والديه بمدينة «دراقينيون» الفرنسية. وهناك انخرط مروان في مسلك التكوين المهني وتخرج في انتظار الاندماج في سوق الشغل. اجتماعيا تمكن مروان من الاندماج بشكل طبيعي ونجح في نسج صداقات وكان يمضي معظم اوقاته في الترفيه مع بعضهم. لكن المنية أخذته في حادث مرور مأساوي. الحادث جد يوم السبت 9 أكتوبر الجاري باحدى المدن الفرنسية وقد تسبب في فاجعة للاسرة التونسية التي عادت الى ارض الوطن لا لتستقر بشكل نهائي بل لدفن ابنها الذي حلم بالاقامة والعمل هناك. السيد عادل المبروك (خال الهالك) قدم لنا بعض التفاصيل التي حصل عليها من مصادر مختلفة نظرا لتعامله مع جميع المتدخلين. وقال ان مروان كان رفقة صديقين له وهما دافيد (فرنسي 18 سنة) وسمير (تونسي 20 سنة) على متن سيارة احدهما حوالي الساعة العاشرة من الليلة الفاصلة بين السبت 9 والاحد 10 اكتوبر2010. وبين انهم كانوا متجهين الى احد الفضاءات العمومية بمدينة «دراقينيون» اين تعود وأصدقاؤه تمضية بعض الوقت والحصول على وجبات ساخنة. موسيقى...الأحزان وذكر الخال ان مروان كان يستقل المقعد الخلفي للسيارة. لكن قبل الوصول الى المكان المحدد خرجت السيارة عن مسارها بشكل مفاجئ واصطدمت بشجرة على جانب الطريق بشدة. وقد ادى الحادث الى وفاة مروان رغم محاولات إسعافه وإصابة صديقه الفرنسي بجروح خطيرة بينما تعرض سمير الى صدمة رغم نجاته من الحادث. أعوان الإسعاف والجهات الأمنية الفرنسية انتقلوا على عين المكان وأجروا بحثا في أسباب الحادث الذي نقلت الصحف الفرنسية بعض تفاصيله بناء على رواية شهود عيان وقد وصفت الحادث بالمأساوي. وجاء في اخبارها، ان سبب الحادث يعود الى الإفراط في السرعة التي بلغت 140 كلم في الساعة. كما بينت التحريات (الفرنسية) ان سبب انحراف السيارة ومن ثم اصطدامها هو انشغال السائق بتشغيل قارئ الأقراص المضغوطة وهو ما شتت انتباهه الى الطريق. ساعدت القنصلية التونسية في تيسير نقل جثمان مروان الى مسقط رأسه بحسب توضيح السيد عادل الذي اكد انه بفضلها تم اختصار عدة ترتيبات معقدة. ومساء الجمعة كان مختلفا في مدينة اولاد الشامخ. كانت الوجوه واجمة تمتحن صبرها ناظرة الى السحاب المتراكم الذي غشي المنطقة كأنما يهم بزخات المطر. وحوالي الساعة الرابعة والنصف وصل موكب الجنازة فتحركت أمواج المعزين لا تعرف الى اي اتجاه تتقدم. ثم يعلو التكبير والتهليل وصوت الفاجعة قبل ان تسقط النساء في مشاهد الإغماء. «انها فاجعة وكارثة لقد جاء عدد كبير من المقيمين بفرنسا لمواساة الأسرة»، يقول السيد عادل مضيفا «لقد تشتت الأسرة ونكبت في فلذة كبدها». وذكر الشاب الأمجد، صديق الهالك بفرنسا، ان أصدقاء مروان انشؤوا صفحة خاصة على موقع ال«فايس بوك» الاجتماعي على الانترنيت خاصة بصديقهم الهالك الذي كان شابا يافعا نشيطا مقبلا على الحياة لكن قرص الموسيقى لم يمنحه حياة إضافية.