ما الذي يجري يا ترى؟ هل نحن أمام مشهد طالما ألفناه في مكاتب البريد... والكنام... وأمام ملاعب الكرة في بلادنا؟ صياح هنا.. وتدافع هناك.. وازدحام على أشده... إنه «كاستينغ»، «ستوديو الفن» اللبناني الذي نزل برنامجه ضيفا مبجلا على شبابنا.. إنه ماكينة «الدجاج الأبيض» عفوا النجوم... التي تحول الحلم المفقود إلى واقع موجود... ووهم منشود... ولكل هذه الاعتبارات قدمت قوافل الشباب التونسي من كل ناحية... من العمارات... والفيلات، والمساكن الشعبية، والبيوت الآيلة للسقوط، تاركين دراستهم، وأعمالهم وعائلاتهم من أجل المشاركة في هذا البرنامج الرائع جدا جدا.. فمن يدري لعلها تكون ساعة الفرج، ويفتح باب العرش من غير دعاء أو عبادة... وتبارك الله يا بنات.. ويحجب الله.. فقد يبتسم الحظ لواحدة تحسن الرقص الشرقي، والغربي والشعبي، و«التويستة»، وحتى الأمريكاني... وأخرى لها حنجرة ألماس.. وقادرة على الغناء بكل اللغات والمعاني وثالثة تتوفر فيها مقاييس الإثارة والإغراء.. وما شابه ذلك.. وشاب أنهكته البطالة، وصديق له دمرته «البالة»... ربما يصبح في يوم من الأيام صباح فخري التونسي، أو حليم الشرق الجديد... هذا ما شاهدناه ونحن نتابع الحوصلة اليومية لل«كاستينغ» عبر قناة حنبعل... حقائق كثيرة ومذهلة كشفتها لنا كاميرا البرنامج، ليس من الأطراف المسؤولة عنه ولا من أعضاء اللجنة وإنما ما أتاه عدد من المولعين بالفن الراقي والهابط على حد سواء، أمر فيه من قلة الحياء وشيئا من ميوعة القرن الواحد والعشرين بدعوى التفتح والحرية وتحقيق الشهرة والنجومية على حساب القيم والأصول، ولو «بركزة الأقدام» وتدوير الأحزام فكل شيء يهون من أجل الظفر بتذكرة سفر إلى لبنان وبلداتها من صور إلى مرج العيون... ف«زياد برجي» ما شاء الله ظلّ يتحفنا بنفس الجملة منذ أن حط الرحال في تونس، «كل شيء تمام.. ناس كويسين.. وشباب عيني ما تضرهم، تونس هي روح «ألبي».. أما المشاركين فكانت أحلامهم واحدة.. وأوهامهم متوحدة... ودوافعهم تختلف، من الفقر، والبطالة وأحيانا الطموح وهدفهم الغناء ولو كان ذلك على حساب قناعاتهم التي تؤمن إيمانا قويا وراسخا بأن هذه البرامج لا تنتج سوى «فظاعات» سريعة الزوال ولنا في «ستار أكاديمي» بنسخه المتعددة خير مثال، فأين يسرى المحنوش وأين بدرية وسمية الجويني التي أعلنتها صراحة وعلى الملإ، بأنها مازالت تعيش على وقع الندم بعد مشاركتها في «ستاراك»، وابنة الممثلة القديرة السيدة ليلى الشابي التي ظلموها والقائمة طويلة، حتى أن البعض رأى بأن طريق النجوم الذي أعده الزميل رؤوف كوكة يعد الأفضل على الإطلاق من هذه الفقاقيع الواردة والمستوردة وقد كان في نية كوكة إنجاز برنامج عربي على هذه الشاكلة لكن أعوزته المادة... أسلحة هؤلاء المشاركين وفق ما لاحظناه وسمعناه فهي تختلف من مشارك إلى آخر... البعض يعتمد على صوته الجميل، أما البعض الآخر فقد تسلح بسلوكه الغريب، في حين عوّل آخرون خاصة الفتيات على جمالهن، وغمزاتهن وقوامهن الرشيق، وفن تدوير اللسان، والحزام... تكبدوا مشاق السفر والانتظار.. مرتدين أحلى الثياب، وممشطين أغرب «اللوكات» قصد جلب الانتباه سيما من أعضاء اللجنة، فهذه تقول إنها تتمتع بصوت رائع وتجيد جميع فنون الرقص، وتهوى المسرح، حلمها أن تصبح نجمة مشهورة ومن أجل ذلك فهي مستعدة للتضحية بكل حياتها، ومستقبلها، وأخرى جاءت لترى زياد برجي عن قرب وتأخذ معه صورة تذكارية، وثالث يتباهى بشكله وصوته «البلبلي» وب«الكشي تخطف فيكتشفه الجمهور التونسي ويصبح محل اهتمام وسائل الإعلام... روايات شيقة وحكايات غريبة، والأغرب إصرار الكاميراوات على التقاط صور فن «ضرب المخروقة» وتدوير الحزام يوميا وبانتظام... رقصات تعبر بوضوح تام عن تهاوي بعض المبادئ لدى فئة من الشباب خصوصا الفتيات، ولا ندري كيف يسمح الأولياء لبناتهم للإتيان بمثل هذه التصرفات أمام الكاميرا، والخلاصة أن «ستوديو الفن» و«اكس فاكتر» و«ستار أكاديمي» وبقية أخرى من المفرقعات الفنية وجوه مختلفة لعملة واحدة.