تواصلت أمس المواجهات بين أنصار الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر والقوات الأمريكية التي خاضت معارك شوارع مع جيش المهدي وفرضت حصارا «رهيبا» على النجف بينما هددت الحكومة العراقية المعينة من جهتها ب»إشعال» المعركة الحاسمة في المدينة. وجاءت هذه التطورات في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر مقربة من الصدر عن أن هذا الأخير وافق على مقترحات «المؤتمر الوطني العراقي» بعد فشل «وساطة» أمس الأول. وبعد ليلة هادئة نسبيا بدأ صباح أمس اطلاق قذائف الهاون والنيران بواسطة أسلحة آلية في البلدة القديمة بمدينة النجف حول ضريح الامام علي (رضي اللّه عنه) والمقبرة وساحة ثورة 1920 . الشعلان... يهدّد وذكرت مصادر متطابقة أن المدينة «استفاقت» أمس على وقع معارك جديدة بين أنصار الصدر والقوات الأمريكية. وأشارت المصادر إلى طائرات أمريكية أطلقت صواريخ على ضريح الإمام علي. وأكدت المصادر أن القوات الأمريكية فرضت حصارا رهيبا على المدينة أمس وأن «معارك شوارع» عنيفة اندلعت بين القوات الأمريكية وعناصر جيش المهدي الذين أطلقوا قذائف الهاون ونيران أسلحتهم الخفيفة على قوات «المارينز» والشرطة العراقية. ووقعت هذه المواجهات التي وصفت بالمتقطعة في وقت بدت فيه مدينة النجف «تترقب» المعركة الحاسمة على ما يبدو. وأعلن وزير الدفاع العراقي المعين حازم الشعلان أمس ان على ميليشيا الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر أن تلقي السلاح في الساعات القادمة أو أن تهزم في هجوم حاسم على مدينة النجف. وقال الشعلان في مؤتمر صحفي عقده في النجف «إننا بصدد الاستعدادات العسكرية الأخيرة والساعات المقبلة ستكون حاسمة.. سنلقنهم درسا لن ينسوه». وأضاف: «عليهم أن يستسلموا خلال الساعات المقبلة». وتابع قائلا: «إن جيش المهدي يجب أن يحل ومقتدى الصدر يجب أن يؤتى به إلى رئيس الوزراء إياد علاوي ليقرر مصيره، على حد قوله... وقد حذرت المراجع الدينية في هذا الصدد من وقوع كارثة ضد الاسلام في المدينة وطالبت باخراج الأماكن المقدسة من الصراع. وقالت مصادر عراقية ان جيش المهدي يستعد حاليا لهذه المعركة. من جهته قال وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أمس إن بلاده مستعدة لمساعدة الحكومة العراقية المؤقتة عسكريا.. لكنه أضاف انه من غير المحتمل أن تستخدم القوات الأمريكية القوة ضدّ من وصفهم ب»المتمردين» الباحثين عن الملاذ في المساجد والأماكن المقدسة، حسب تعبيره. مساع... متواصلة وجاء هذا التصعيد في الوقت الذي يسعى فيه أعضاء في المؤتمر الوطني العراقي إلى بدء «الوساطة الأخيرة» ل»إخماد» معركة النجف خصوصا بعد فشل وساطة أمس الأول. وقال الشيخ حسين الصدر الذي ترأس الوفد المفاوض في المدينة إن المجلس الوطني سيقرّر ما إذا كان سيتخذ قرارا حول احتمال القيام بمهمة جديدة في المدينة. وأضاف: «شخصيا أعتقد ان المهمة يجب أن تتواصل». وأشار من جهة أخرى إلى إنه لم يسلم القرار أمس الأول إلى أنصار الصدر مضيفا «كان موجها إلى مقتدى الصدر وبما أنني لم أره فقد احتفظت به». لكن الشيخ أحمد الشيباني، المتحدث باسم الزعيم الشيعي الشاب قال أمس إن الصدر وافق على المقترحات التي حملها وفد المؤتمر الوطني العراقي. وأضاف الشيباني في مقابلة مع «الجزيرة» إننا وافقنا على المبادرة جملة وتفصيلا وعلى ما جاء به هذا الوفد.. لكننا نستغرب التهديدات التي أطلقها وزير الدفاع العراقي المعين حازم الشعلان. ** رجال الصدر «يتفننون» في اصطياد الدبابات الأمريكية النجف (وكالات) : تشهد مدينة النجف العراقية الى جانب الحرب «العادية» بين قوات متقابلة حربا من نوعا آخر تدور رحاها في أزقة ضيقة يعبرها المقاتلون لاصطياد الدبابات الأمريكية. وفي هذه الأزقة يظهر المسلحون الموالون للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بسرعة ويختفون في لمح البصر قبل مهاجمة الدبابات الأمريكية من «الخلف». وتجري معارك الازقة ا لضيقة في النجف بعيدا عن الانظار في الغالب وتأتي الشهادات عن طريق مقاتلين خارجين من قلب البلدة القديمة في النجف او صحافيين توغلوا قليلا في الازقة. حرب الازقة وروت الصحافية دومينيك فيجر ان مجموعة من مقاتلي جيش المهدي من أصيلي مدينة كربلاء توغلوا في البلدة القديمة انطلاقا من ساحة الميدان شرق مرقد الامام علي رضي الله عنه. وسار المسلحون مسافة كيلومتر واحد في الازقة الضيقة التي لا يتجاوز عرضها المترين وحين خرجوا من الطرف المقابل كانوا وراء الدبابات الأمريكية التي قرروا «اصطيادها». صائدو الدبابات مجهزون في الواقع بأسلحة بسيطة اي ببنادق كلاشينكوف وقذائف «آر. بي. جي» وقنابل يدوية وهم يقولون ان هذه «الترسانة كافية لاصطياد الدبابات الامريكية التي يداهمونها من الخلف». وأكد أحد أفراد المجموعة انه تم امس الاول احراق دبابتين في ا لجانب الجنوبي من الجامع بينما لقيت امس مصفحتان أمريكيتان نفس المصير... ولم يتسن بطبيعة الحال التأكد من ذلك لكن لا يوجد بالمقابل ما يمنع ذلك بما ان مسلحي جيش المهدي يخرجون من الازقة فيطلقون قذائفهم او يلقون بالقنابل اليدوية ثم يعودون الى الازقة. وتمكن أحد مراسلي وكالة الانباء الفرنسية يوم الثلاثاء من التحدث الى مقاتلين وصلوا الى النجف قبل ثلاثة أيام قادمين من الموصل وكركوك. قوات... الضرب السريع! وتعد المجموعة الواحدة من مقاتلي جيش المهدي في أزقة النجف بين 6 و8 مسلحين. وتمتاز هذه المجموعات بسرعة الحركة وغالبا ما يرى اعضاؤها وهم يركضون لكن صادف ان ظهر بعضهم على متن دراجات نارية مجهزة بقذائف «آر. بي. جي» وتبدو هذه الدراجات الوسيلة الوحيدة الممكنة في أزقة البلدة القديمة في النجف. ويقول مسلحون ان المجموعة الواحدة تضم مقاتلين يعرفون بعضهم البعض وهو شرط ضروري لتفادي اندساس الجواسيس. لكن أنصار الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر يدركون ان المعركة الحقيقة في النجف تدور خارج الازقة خاصة بعد ان أكدت القوات الأمريكية والحكومة العراقية تصميمها على اقتحام مرقد الامام علي ومهاجمة مواقع «جيش المهدي» في مقبرة وادي السلام.