الأستاذ يوسف البحري مؤلف مسرحية «حقائب» ل«الشروق»: نجاح «حقائب» برز منذ فترة اعدادها وترشيحنا يعتبر مغامرة من طرف الوزارة مكتب الساحل «الشروق»: يمكن اعتبار الاستاذ يوسف البحري مؤلف مسرحية «حقائب» من أسعد المؤلفين في هذه الفترة فبعد أن رزق بمولود بهي الطلعة اختار أن يسميه «يوسف» أيضا لحقه تتويج لمسرحية «حقائب» فعلى قدر ولعه بالأدب كان شغوفا بالفنون، كتاباته الروائية لم تمنعه من دخول غمار الكتابة للفن الرابع والتي انطلقت بهذه المسرحية فكان الدخول من الباب الكبير لا من حيث اطار الانتاج فحسب وهو المسرح الوطني بل أيضا بما حققه هذا العمل من نجاح تجسم مؤخرا بتتويج متميز في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بالاحراز على جائزة أفضل عرض اضافة الى ترشحه لجائزة أفضل عمل جماعي وان أنعشه هذا التتويج لكن لم يجعله يتجاوز ثقته بنفس معتبرا ذلك ليس بنتيجة بقدر ما أنه بداية مسيرة هكذا عبر الاستاذ يوسف البحري مؤلف مسرحية «حقائب» من خلال حوار جمعه ب«الشروق» تطرق فيه الى تفاعله مع هذا التتويج ومسلطا الضوء على بعض الجوانب الفنية وهذه التفاصيل: أول محاولة في التأليف المسرحي تبعها تتويج دولي ماذا يعني لك ذلك؟ هي بداية موفقة وأعتقد أن الشراكة مع مخرج استثنائي مثل جعفر القاسمي اختيارا سليما، اعتبره شخصيا رمزا للجيل الجديد من المسرحيين، لقد عرفت هذه المسرحية نجاحا أثناء الاعداد داخل مؤسسة المسرح الوطني وعرفت نجاحا جماهيريا في أغلب عروضها في تونس وأحدثت جدلا صحفيا ونقديا تباعدت فيه المواقف فاعتبر بعضهم أن «حقائب» درسا في المسرح واعتبرها البعض الآخر تطفلا على المسرح وأن أحترم الآراء جميعا ما لم تدرك الاعتداء على العمل أو على أشخاص هذا العمل، وفي الحقيقة ليست بدايتي الشخصية فقط في الابداع المسرحي انها بداية جيل جديد من المؤلفين، المخرجين، الممثلين والتقنيين ضمن خط المواصلة مع المبدعين المرجعيين ومنهم في هذا العمل الفنان الكبير محمد ادريس الذي يعود اليه فضل احترام الجيل الجديد واعطائه فرصة العمل في مؤسسة لا مثيل لها في تونس من حيث البنية الأساسية والهيكلة والتنظيم وهي مؤسسة المسرح الوطني. هل تعتبر أن مجرد مشاركة «حقائب» في هذا المهرجان يعد تتويجا أم انك كنت تتوقع جائزة؟ أسألك بدوري ما هو مصيرنا وقد وقع علينا الاختيار من قبل وزارة الثقافة لتمثيل تونس ان لم نحصل على جائزة في هذا المهرجان ما هو مصيرنا أمام الذين لم ينقطعوا عن مهاجمتنا، لا أحتاج الى اجابة فقط أشكر شكرا عميقا وزارة الثقافة وعلى رأسها الأستاذ الفنان عبد الرؤوف الباسطي على شجاعة اختيارها ل«حقائب». ماذا تعني بكلمة «شجاعة»؟ يعني أننا جيل جديد لا تاريخ لنا في المهرجانات الدولية خارج تونس فقد قامت الوزارة بمغامرة ولكنها ناجحة جدا اذ حصلنا على هذه الجائزة بعد 15 سنة من غيابها عن المسرح التونسي ثم من يضمن مسبقا جائزة من مهرجان ضخم مثل مهرجان القاهرة حيث يحضر مسرح أوروبا الشرقية وجل التعبيرات المسرحية من العالم لقد تحصلنا على جائزة نقية صافية لا لبس فيها فلجنة التحكيم ثمانية من عشرة هم أعلام من المسرح الأوروبي والأمريكي واثنان من أعلام المسرح العربي يبدو أن العالم أراد أن يصغي الى صوت الجيل المسرحي الجديد في تونس، ان الصعوبات التي واجهناها منذ العرض الأول مع بعض النقاد والصحفيين وغيرهم اعتبره أمرا طبيعيا فلا يوجد مخاض بدون ألم والمسرحية التي لا تثير حولها جدلا لا يوجد فيها شيء ففي «حقائب» ميلاد جيل جديد في مختلف الاختصاصات من مؤلفي الموسيقى المسرحية يمثله كريم الثليبي، من التقنيين يمثله وليد حصير وعمر العتروس وصابر القاسمي ومن الممثلين سواء الذين توجوا أو غيرهم زد على ذلك أن هذا الجيل المندفع الذكي المسؤول وجد في الجيل القديم الاحاطة الكافية داخل المسرح الوطني ونذكر الفنان محمد ادريس وكامل أفراد ادارته. حسب رأيك الى أي حد ساهم النص في تتويج «حقائب»؟ يعني هذا السؤال ما هو دور النص في العرض، أعتبر النص خارطة الطريق ولكنه ليس الطريق، فالمؤلف مثل المهندس يعطي للعرض الفكرة والفكر والبنية الدرامية ولكنه لا يعطي كل شيء ثم لا ننسى أن المسرح في العالم منذ خمسينات القرن العشرين استقرت فيه سلطة المخرج وأنا لست ضد هذه السلطة لأنها متأتية من تطورات تقنية وجمالية وفلسفية لا رجعية فيها فمنذ «جون فيلار» الذي مرت أفكاره في تونس عن طريق علي بن عياد أصبح المخرج هو المسؤول الأول عن العرض فالمؤلف ضابط في غرفة العمليات يخطط، يراجع، يساعد ويقترح ولكن القائد الأعلى هو المخرج. هل يمكن اعتبار تحليلك هذا تفسيرا لغياب جائزة أفضل نص في مهرجان القاهرة؟ لو خصص المهرجان جائزة للنص لوقع في فخ كبير فهو تظاهرة مخصصة للمسرح التجريبي ويبدو أن مفهوم التجريبية في هذا المهرجان تعني تجاوز الكلاسيكي ومن أهم مواصفات الكلاسيكية سيادة النص فالخروج عن سلطة النص في المسرح قد يكون عند المهرجان هو مظهر من مظاهر التجريب فهذه الجائزة توجد في مهرجانات أخرى ولكن لا مكان لها في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وذلك يدخل في معايير المشاهدة والتقييم أما المسرحيات كيف صنعت فهذا أمر راجع للمسرحيين أنفسهم. انطلقت بمؤلفات أدبية هل سيحول هذا التتويج الى اختصاص منك في الكتابة المسرحية؟ لا يوجد اختصاص في التأليف فالتأليف عابر للفنون مخترق لها لذلك أظل مؤلفا روائيا ومسرحيا في نفس الوقت فبعد أيام قليلة سيقام العرض الأول لمسرحية «التبديلة» التي كتبت نصها لعبد الغني بن طارة وحصلت على دعم وزارة الثقافة، ولدي مجموعة قصصية بعنوان «فيلم» أبحث لها عن ناشر بل ان السينما تستهويني بقوة وأن الآن بصدد العمل على سيناريو، زد الى ذلك اهتمامي بالنقد المسرحي حيث سيظهر كتاب عن عاطف بن حسين كمخرج مسرحي بعنوان «مسرحية تسائل المسرح» من خلال مسرحيتي «نسخة غير مطابقة للأصل» و«حالة مدنية» اضافة الى كتاب في النقد السينمائي بعنوان «السينما التونسية من الأفلام الى النقد» عن دار «ترافلينغ» في سلسلة عالم السينما حينئذ ترى أن التأليف يتسع للابداع وللنقد معا ويتسع للمسرح والأدب والسينما وغيرها، انني أكتب للمسرح لأسباب مختلفة منها وجود جيل رائع من المخرجين الجدد مثل جعفر القاسمي حسام الساحلي، الشاذلي العرفاوي، عاطف بن حسين، معز القديري، حافظ خليفة وغيرهم ومنها أن المسرح يحتاج اليوم الى عودة المؤلف المسرحي بالصورة التي يقتضيها مسرح القرن الواحد والعشرين وليس مسرح بداية القرن العشرين حيث كان المؤلف هو السلطة الأولى.