مكان يفزع المرء عند سماع اسمه ويشار لك بالاصبع عندما تتجوّل بين أروقته وتتنكر ان اقتضى الأمر لدخوله انه «مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بمنوبة». وأنا أتجوّل بين أروقة مستشفى الرازي رأيت اشخاصا رسمت على وجوههم الحيرة والقلق وعندما تحدثت اليهم أدهشني ما يروونه من فزع من مستشفى الرازي حيث يخجلون لتواجدهم بهذا المكان وأكدوا انهم مضطرون ولا يرغبون في زيارة الرازي ورددوا كلمات أدهشتني فعلا مثل «الرازي اللطف»، «حاشاك زوجتي مريضة نفسانيا» «الله لا يجيبلوا مؤمن».. إنها مسألة عقلية اجتماعية لا غير والمسؤولية الكبرى للاعلام طبعا، فعوض ان تتصدر اخبار كرة القدم كل القنوات التونسية فلا بأس ان نهتم بأخبار المجتمع ونستمع الى أناته فلو نتناول هذه الظاهرة «التستّر على العلاج النفسي والخجل بالأمراض النفسية» فلابدّ اننا سنحل عقد الكثيرين ونهون عليهم الخوف والرعب من مستشفى الأمراض العقلية والنفسية «الرازي». مستشفى الرازي ليس سوى مستشفى حكومي يضم طاقما من المختصين في مجال الصحة النفسية وهو ليس شبح مرعب او عيب نخجل منه. المرض النفسي هو كغيره من الأمراض وليس كل من يزور مستشفى الرازي هو مختل عقليا، في هذا المستشفى يوجد خيرة الأطباء وخيرة الكفاءات عند كل أعوان هذا المستشفى والتي تعالج كل الأمراض النفسية المستعصية. وللأسف الشديد لازال هناك اعتقاد شائع بين عامة الناس بأن المرض النفسي هو المرض العقلي رغم ان الحقيقة خلاف ذلك وشتان ما بين المرض النفساني والمرض العقلي فمفهوم المرض النفسي هو مجموعة الانحرافات التي تنجم عن علة عضوية او تلف في تركيب المخ، وهو استجابة لا شعورية خاطئة لمشاكل الحياة التي ترتبط بتوتّرات داخلية ناتجة عن علاقات غير مشبعة مع البيئة الخارجية في مرحلة الطفولة الأولى. أما المرض العقلي فهو اضطراب عقلي خطير شامل في الشخصية يجعل السلوك العام للمريض مضطربا ويعوق نشاطه الاجتماعي. وهناك نقطة أخرى هامة لابدّ من الإشارة إليها وهي لجوء بعض العائلات البسيطة الى التداوي عند العرافين وهي عقلية للأسف لازالت قائمة في مجتمعنا وتنم عن الجهل بعلم قائم الذات وهو علم النفس مما يتسبب غالبا في تعكّر الحالة الصحية للمريض وتلجأ به العائلة الى مستشفى الرازي كملاذ أخير وفي مرحلة متأخرة من المرض وما يجب الوعي به هو ان المرء يمكن ان تمرض نفسه مثل اي عضو من أعضاء جسده لأن الانسان جسد وروح فلماذا نهتم بالجسد ونهمل الروح؟؟ فلا بأس ان نتقبل اصابتنا بمرض نفساني لانه ليس عيب ولنخرج هذا الصنف من الامراض من قائمة المسكوت عنه والمحرّمات ولا يجوز معاملة المرضى النفسانيين ذهنيا او كأشخاص معوقين بل من المفترض معاملتهم ككل أفراد المجتمع دون اقصائهم من الدائرة الاجتماعية لأنه ليس ذنبهم انهم مرضى فكل منا معرض لكل أصناف المرض فلماذا لا نرى مرضى يعالجون بمستشفى الرازي يروون تجربتهم امام شاشة الكاميرا لحث الناس على العلاج وعدم التستّر على المرض ونرجو من المجتمع تخفيف أحكامه القاسية على هؤلاء الفئة لأنهم فعلا أصبحوا يخجلون من أمراضهم. ٭ سهام السلايمي (متخرجة من معهد الصحافة وعلوم الاخبار)