رغم بدايته القوية والبوادر الايجابية التي تضمّنها منذ أول حلقاته وكانت «الشروق» قد أشارت اليها بعد أول حلقة منه وشدّت على أيدي القائمين عليه، فإن برنامج «شارع الحرية» قد شهد مؤخرا تصدّعا رغم حداثة ميلاده فسرعان ما تمت اقالة منشّطه وقيدوم قناة حنبعل سمير الوافي، وبعيدا عن أسباب هذه الإقالة والتي تضاربت فيها الاعترافات بين الملحق الاعلامي لهذه القناة والذي حصرها في مجموعة من الاخطاء نقلا عن مدير القناة وبين الاعلامي سمير الوافي الذي أرجعها الى خلاف قائم بينه وبين الملحق الاعلامي والذي تجاوز حدود مسؤولياته على حد تعبيره فإن ما يهم المتفرج هو مضمون البرنامج في حد ذاته كطبق فني ثقافي شد اهتمامه منذ حلقاته الاولى تبعا لقيمة الوجوه المستضيفة والطابع العام للفقرات ذات النفس الطريف المرح والشبابي، اضافة الى الخصوصية التي تميز بها منشطه والتي كوّنت له رصيدا جماهيريا جد محترم منذ ظهور برنامج «الصراحة راحة» والذي كان الى جانب برنامج «سويعة سبور» في تلك الفترة عنوانا ومؤشرا لتوجه القناة المبني على الجرأة في الطرح. لا يشك اثنان في أن قناة «حنبعل» كانت سببا في بروز عدة منشطين وتأطيرهم فتألقوا ونجحت برامجهم وأصبح لهم شأن في المشهد المرئي التونسي، وإن كنا لا نسمح لأنفسنا باتخاذ دور الحكم حول ذلك الخلاف القائم الذي نرجو أن لا يدخل أروقة المحاكم بل وجب ان يبقى داخل مكاتب هذه القناة لفضه لأن الأم لا تلقي بأولادها فإنه من منطلق انخراطنا في المجهودات المبذولة من طرف هذه القناة من اجل ارضاء المتفرج ومثلما أشدنا سابقا بفكرة هذا البرنامج نتطرق اليوم الى بعض النقائص التي لحقت «شارع الحرية» بدءا بالوجوه التنشيطية التي وجدت نفسها في مواجهة لمسؤولية كبرى لم يسبقها ادماج كاف قد يسمح على الأقل بتوجيهها الى النوعية التنشيطية المناسبة لأن عملية تعويض منشط برتبة صاحب رؤية وتوجه ليست بالامر الهين ويتطلب إما تغيير البرنامج ككل او الاستنجاد بوجه آخر في قيمة خبرة المتخلي عنه الشيء الذي خلّف لدى المعوّضين تكلفا وارتباكا وارتجالا غير مدروس عكس سطحية وزلات لسان وتعابير غير مسؤولة في بعض الأحيان، ثانيا تركيبة الضيوف من حيث المسيرة الفنية حيث طغى على البرنامج حضور الوجوه الشابة التي مازالت تتلمس طريقها ومنها التي لم نكتشفه بعد والذين لهم اطارهم الخاص بحكم تعطش المتفرج لحضور أصحاب المسيرة الفنية الثرية سواء الذين تناستهم الذاكرة او المتواجدين على الساحة بحوارات عميقة عاكسة لإبداعاتهم بعيدة عن التملق والتضخم المبالغ فيه، ثالثا فقرة الانترنيت التي كان من الممكن توظيفها في ما له علاقة جذرية بالضيف او المجال الذي ينشط فيه فتكون نافذة معلوماتية بعيدة عن الأخبار او الاحداث المستهلكة التي تكون في متناول أي كان، رابعا الفقرة الكوميدية التي اتسمت بالارتجال الاعتباطي في وقت كان من الممكن التعمق فيها بنص ثري يمس كل أسبوع قضية من نبض الشارع قد توظف كجزء من الحوار في مراوحة مع الضيف. هذه أهم الملاحظات التي أردناها انخراطا في مدى حرص القناة على تقديم ما هو جدي وحرفي للمشاهد بعيدا عن الصيد في الماء العكر وتفاعلا مع برنامج له من الأسس ما يجعله يحلّق بعيدا بكل حرية متى التزم كل بحدود المسؤولية وبعيدا عن كل ما هو سوء نية.