لم يكن عام 1997 كغيره من التواريخ في حياة اللاعب اليساري للترجي الرياضي محمّد علي بن منصور (من مواليد 1988) فبالرغم من صغر سنّه آنذاك (حوالي 9 سنوات) فإنه كان يملك جسارة الحلم بارتداء القميص الأحمر والأصفر وإن كلفه ذلك الكثير من المتاعب بما أنه كان مضطرا للتنقل يوميا على مدى 3 سنوات من مدينة الحمامات باتجاه حديقة الرياضة «ب» ومع ذلك فقد ثابر وصبر خاصة بعد أن تنبأ له الكثيرون بمستقبل باهر وفي مقدمتهم المدافع السابق للفريق خالد بدرة. كان منصور يدرك جيّدا ان الفرص تأتي ذهبية للظهور في التشكيلة الاساسية للفريق الاول وهو ما جعله لا يتردد في قلب الاوضاع مع بداية هذا الموسم عندما فرض نفسه في عدّة مقابلات وكذّب كل التكهنات التي كانت تراهن على مغادرته للأصفر والاحمر خاصة في ظل وجود اطار فني لا يتردد كثيرا في الاستغناء عمن لا يستطيع افادة الفريق ولكن البنزرتي كان مصرا على بقاء اللاعب لمعرفته الجيدة بامكاناته. «الشروق» تحدثت الى محمّد: في البداية، كيف كانت بدايتك مع فريق الترجي الرياضي؟ لا يمكنني أن أنسى ذلك اليوم التاريخي في مشواري الكروي عندما رافقتني والدتي الى حديقة الترجي الرياضي عام 1997 وذلك للخضوع الى اختبار فني أتقمص بموجبه أزياء الفريق وكان السيناريو غير عادي بكل المقاييس فقد وقع الاختيار على شخصي بالاضافة الى ثلاثة لاعبين آخرين وذلك من عدد جملي من اللاعبين يقدّر عددهم بحوالي 100 لاعب وقد قدّمت تضحيات كبيرة بالرغم من صغر سنّي آنذاك وأذكر أنني كنت أتحوّل من مدينة الحمامات حيث أقيم وبشكل منتظم طيلة المواسم الثلاثة الاولى ومع ذلك فقد كنت مصرّا على بلوغ أعلى المراتب مع الترجي الرياضي الفريق الذي اختاره قلبي منذ نعومة أظافري، ولا أنكر أن والدي لطفي ودليلة بذلا الغالي والنفيس في سبيل انجاح مشواري الرياضي وأذكر أن والدي لم يتردد في تزويدي بالمصروف اليومي المخصص لعائلتنا في أحيان كثيرة حتى لا أنقطع عن مواصلة مشواري مع الفريق. لكن يبدو أن معاناتك لم تقتصر عند هذا الحد بما أنك وجدت نفسك مجبرا على ملازمة بنك الاحتياطيين لفترة طويلة أيضا، أليس كذلك؟ لازمت بنك البدلاء طيلة موسمين ومع ذلك فقد تجلّدت بالكثير من الصبر خاصة وأنه كانت لديّ ثقة كبيرة في حقيقة الامكانات التي بحوزتي وكنت على اقتناع بأن الفرصة ستأتي في الوقت المناسب ودون سابق اعلان ولا أنكر أنني وجدت دعما كبيرا من قبل لاعب مميز وشخص رائع هو خالد بدرة الذي كان عادة ما يقدم لي العديد من التوجيهات والنصائح التي اكتسبها أثناء مسيرته الكروية. وهل من أسباب معيّنة جعلتك تخير البقاء في الترجي الرياضي في الوقت الذي اختار فيه بعض رفاقك مثل نوفل اليوسفي واسكندر بالشيخ... مغادرة الحديقة ب ؟ الأمر مختلف تماما فقد تلقيت عدّة عروض من فرق تنتمي الى الرابطة المحترفة الاولى ومع ذلك فقد فضلت البقاء احتياطيا في الفريق الذي أعشقه ولم أعرف في حياتي سواه على تقمّص ألوان فريق آخر كما أن المدرب القدير فوزي البنزرتي تابع مردودي في أصناف الشبان وتأكد أنه بامكاني إفادة النادي وقد كان التحاقي بالفريق الأول بصفة تدريجية ومع ذلك لم أفقد أبدا الأمل ولم أستسلم الى اليأس فقد كنت في بداية الامر ضمن القائمة الموسعة والتي تضمّ 18 لاعبا ثم خضت بعض المقابلات مع نهاية الموسم الماضي قبل أن أتألق مع الفريق الأوّل مع بداية هذا الموسم وقد جاء ذلك نتيجة جدية كبيرة في العمل والعمل على تطبيق جميع التوصيات الصادرة عن الاطار الفني. زجّ بك الاطار الفني للفريق في مقابلة صعبة جدا أمام النادي الاهلي المصري في مسابقة رابطة الابطال الافريقية، ألم تكن متخوفا من ردّة فعل جماهير النادي في صورة فشلك في مهمتك آنذاك؟ مواجهتنا للنادي الأهلي المصري ستبقى دائما من المواجهات العالقة في ذهني فقد كنت متخوّفا جدا من اللاعب المصري محمد أبو تريكة فقد راودني 50 ألف سيناريو! قبل هذه المقابلة ولم أتردد في الظفر بأشرطة مسجلة لمقابلات النادي الاهلي لمتابعة تحرّكات مهاجميه والحمد & الذي وفّقنا في مهمتنا وتمكنّا من الاطاحة بهذا المنافس العنيد في الدور نصف النهائي. لكن في المقابل مرّ الترجي بجانب الحدث في الدور النهائي عندما واجهتم «مازمبي الكونغولي» فإلى ماذا كان الترجي يفتقد حتى يحصل على اللقب الافريقي؟ في البداية أظنّ أن الترجي الرياضي حقق انجازا واضحا بوصوله الى الدور النهائي في المسابقة الافريقية وذلك بالنظر الى الفريق الشاب الذي بحوزته كما أعتقد أن فريقنا كان بامكانه العودة في نتيجة المقابلة برادس لو أننا تمكنا من تسجيل ثنائية خلال الشوط الاول ولكن جاء الاقصاء ليفسد الامر برمّته ولا ننكر أن فريقنا لا يفتقد إلا الى القليل من الخبرة بالمقارنة مثلا مع الفريق الكونغولي صاحب اللقب في الموسمين الماضيين وأجزم بأن الترجي سيكون قادرا على التتويج بهذا اللقب خلال النسخة القادمة بشرط المحافظة على الزاد البشري الذي بحوزته حاليا مع اكتساب القليل من الخبرة اذ لا يمكننا ان نقع في الاخطاء نفسها التي سبق وأن وقعنا في فخّها خلال النسخة الماضية ولابد من القول أيضا بأن رابطة الأبطال الافريقية دارت في ظروف قاسية جدا وساهمت عدّة عوامل خارجة عن نطاقنا في عدم تتويجنا باللقب الافريقي وفي مقدمتها الأداء التحكيمي الهزيل الذي أضرّ بنا كثيرا. مؤكد أنه كان من الصعب عليك كثيرا تحمل ذلك الاقصاء الذي رفعه في وجهك الحكم «كوكو» في الكونغو، فهل تتذكر تفاصيل تلك الحادثة؟ لم أصدّق نفسي في تلك اللحظة ولا أظن أنني أنسى ذلك الاقصاء الغريب تجاهي فقد كنت بصدد القيام بدور التغطية على زميلي وليد الهيشري ولكن في الوقت نفسه ألقى لاعب «مازمبي» (أذكر أنه يحمل الرقم 15) بنفسه على أرضية الميدان دون أن يلمسه أي لاعب منا ثم إنني كنت بعيدا عنه بعدّة أمتار وهو ما أثار استغراب الجميع علما وأن اللاعب نفسه حاول أيضا القيام بالتمويه نفسه في ملعب رادس بمناسبة مقابلة اياب الدور النهائي وبذلك كان أغرب اقصاء شاهدته في حياتي! لاحظنا خلال هذا الموسم أن فريق الترجي تميز بصلابة دفاعية واضحة في سباق البطولة بدليل عدم قبول فريقكم سوى 3 أهداف من جملة 8 جولات خاضها الترجي، فما تفسيرك لذلك؟ نعم لقد لاحظ الجميع التماسك الدفاعي لفريقنا خلال هذا الموسم وذلك نظرا للعمل الجبار الذي يقوم به المدافعون في التمارين سواء على مستوى التمركز أو إعادة التمركز وأصبحنا على يقين راسخ بأن الدفاع ينبغي ان يكون من أولوياتنا في الفريق وقد كان تواجد وليد الهيشري حاسما في الخط الورائي نظرا للخبرة التي يتمتع بها هذا المدافع والتي اكتسبها من خلال تجربته الاحترافية ولعل ما يبعث على الفرح أكثر أن مدافعي الترجي مازالوا في مقتبل العمر. ولكن ألا تعتقد أن محور الدفاع في الترجي ينبغي ان يكون ثابتا بدل تغيير تركيبته من مقابلة الىأخرى؟ نعم أنا أؤيّد فكرة تثبيت تركيبة معيّنة لمحور الدفاع لضمان قدر عال من الانسجام ولكن في بعض الاحيان يفرض علينا ضغط الرزنامة وتعدد المقابلات خاصة وأن فريقنا يلعب على أكثر من واجهة وان يقوم الاطار الفني ببعض التغييرات الاضطرارية على مستوى تركيبة الخط الخلفي. دائما في سباق البطولة فقد لاحظنا أن الترجي لم ينحن أمام منافسيه بالرغم من حالة الارهاق التي بدت على الفريق طيلة الآونة الأخيرة فما تعليقك على ذلك؟ نعترف بأن الترجي الرياضي يمرّ حاليا بفترة انتقالية وسرعان ما ستتخلص من مخلفاتها في القريب العاجل مع العلم أن الفترة الحالية مؤشر ايجابي على قوّة فريقنا فنحن لم ننهزم الى حد اللحظة في سباق البطولة بالرغم من حالة الارهاق البسيكولوجي والبدني التي نعيش على وقعها جراء النسق الماراطوني للمقابلات وأظن أن الترجي فتح صفحة جديدة مباشرة بعد نهائي رابطة الابطال الافريقية وتدرك أن منافسينا على اللقب ينتظرون تعثّر فريقنا خلال الجولات القادمة وهو ما لن يحدث أبدا وبكل صراحة أظنّ أن من الصعب على أي فريق منافستنا على الظفر بلقب البطولة وسنحاول المحافظة على نفس الفارق من النقاط الذي يفصلنا عن أقرب منافس لنا. وماذا عن مسابقة الكأس ألا تعتقد أن فريقكم محظوظ بعد ازاحته لشبيبة القيروان في المقابل ستواجهون اتحاد بن قردان هذا بالاضافة الى انسحاب النادي الصفاقسي وتأكد انسحاب فريق تقليدي آخر (الافريقي او النجم)؟ مقابلات الكأس تختلف تماما عن مقابلات البطولة فالفريق ينبغي أن يكون جاهزا على جميع المستويات في مقابلة الكأس التي لا مجال فيها للتدارك مثل مشوار البطولة وبالنسبة للترجي فإننا تعهدنا على أنفسنا بأن نهدي هذه الكأس في صورة تحصلنا عليها الى المدرب فوزي البنزرتي بما أن هذا اللقب هو الوحيد تقريبا الذي ينقص مسيرة هذا المدرب القدير. أنت تجيد اللعب في خطة الظهير الايسر بالاضافة الى خطة المدافع المحوري فأيهما تفضل أكثر؟ منذ أن التحقت بصفوف الترجي عام 1997 وأنا أشغل خطّة الظهير الأيسر ولكن بعد التحاقي بفريق الأكابر ارتأى المدرب فوزي البنزرتي اقحامي في خطة المدافع المحوري فلم أجد صعوبة تذكر في التأقلم مع هذا المركز وقد عملت على الاخذ بجميع النصائح لأطلع جيدا على متطلبات هذه الخطة. ولكن ألا يوجد منافسة غير علنية بينك وبين الظهير الايسر خليل شمام على الخانة اليسرى التي قد تشغلها لاحقا في ظل تواجد اكثر من مدافع محوري في الفريق؟ من الصعب جدا الحديث عن منافسة مرتقبة بيني وبين خليل شمام الذي يتمتع بامكانات محترمة وكذلك لديه خبرة كبيرة على مستوى هذه الخطة التي يشغلها منذ فترة طويلة ونحن في صلب الترجي يذوب الفرد في المجموعة لأننا نشكل عائلة واحدة تعمل لفائدة جهة واحدة وهي مصلحة الترجي ولكن المنافسة دائما موجودة في فريق بحجم الترجي الذي لا يعترف الا بالجدارة والجاهزية. حققت عدّة ألقاب بقميص الاصفر والأحمر فهل من طموحات أخرى مستقبلا؟ توجت ببطولتين محليتين بالاضافة الى اللقب العربي وكذلك اللقب المغاربي وأطمح حاليا الى الظفر برابطة الابطال الافريقية إن شاء ا& مرفوقة طبعا ببقية الألقاب المحلية وأظن أن أبواب المنتخب الوطني تبقى مفتوحة أمام جميع أبنائه لذلك أحلم بتمثيل الراية الوطنية في القريب العاجل خاصة وأنني على يقين بقدرة اللاعبين المحليين على قلب الاوضاع. نترك لك كلمة الختام... فماذا تقول؟ أريد أن أعترف بالجميل لعدّة أشخاص ساهموا في المرتبة التي بلغتها مع فريق الترجي الرياضي وفي مقدمتهم لسعد ذياب الذي كان يوجهني خلال فترة اشرافه على أصناف الشبّان بالاضافة الى عدّة مدربين ساهموا في صقل موهبتي مثل عامر النفاتي ولطفي القادري ومصطفى الحناشي.