إن فطور الصّباح لدى الأطفال و«اللمجة» التي تمثل هاجسا يوميّا للأمهات والآباء على حدّ السواء مهم جدا ومع تسارع نسق الحياة قد يتجنّب بعض الأطفال فطور الصّباح نتيجة ضيق الوقت والمعروف لدى أغلب الأطفال هو عدم وجود رغبة لديهم في تناول فطور الصّباح ويكتفون ببعض الحلويات وهي عادة غير صحيّة بحسب المختصّين شاعت في السنوات الأخيرة على خلفية ما فيها من سكريات لتنشيط خلايا الدماغ وهو سلوك مغلوط صحيّا لما لقطع الحلوى الصغيرة من انعكاسات سلبية ومضار مباشرة على الأسنان والمعدة فالسكريات لمن أرادها منشطا وغذاءا موجودة في كثير من الأكلات والوجبات الصباحية التي يتحاشاها أطفالنا في غالب الأحيان مثل التمور والبسيسة والدرع والمرطبات الصحية وغيرها من الأكلات الصحية التي تفتح الشهية كامل اليوم وتنشط الذاكرة وتجعل الطفل في حالة تحفّز واستيقاظ دائم. فالكثير من الأطفال الذين لا يتناولون فطور الصّباح والذين سألت «الشروق» العديد منهم يظهر عليهم الكسل والخمول وحتى الإرهاق منذ ساعات الصباح الأولى على عكس الأطفال الذين يتناولون فطور الصّباح فتراهم متراقصين سعداء متحفزين للدرس منتبهين بشغف وتركيز. أحد المهتمّين بميدان الصحة والتغذية أسر «للشروق» أن الغذاء بعد ساعات النوم الطويلة يمثل وقودا للجسم يجعل الطفل يشعر بالراحة كامل النهار وينجز بالتأكيد أعمالا أفضل من الذي لا يتغذّى صباحا بعد ساعات النوم وفي دراسة لباحثين في الجامعة الأمريكية حول هذا الموضوع أن فطور الصباح عموما له تأثيرات مفيدة وإيجابية على مزاج الإنسان في فترة الظهيرة وعلى آدائه المعرفي ووجد هؤلاء الباحثون أن تناول فطور الصباح لدى الأطفال يمنع عنهم الإجهاد والتوتر وأنّ الأطفال الذين لا يتناولون وجبة الفطور يواجهون مشكلة التركيز في المدرسة ويصابون سريعا بالإعياء وعدم الانتباه في فترة الظهيرة وقد تمّ ربط هذه المعضلات السلوكية لدى الطفل بانخفاض مستوى السكر في الدمّ وهذه السلوكات لها تأثير سلبي على التحصيل العلمي الذي نلاحظه بوضوح ويلاحظه العديد من المربين الذين اتفقوا مع هذه الدراسات إذ كثيرا ما لاحظوا تغيرا في سلوكات بعض الأطفال أو خمولا وكسلا مردّه عدم تناول وجبة الصّباح ويقول طبيب مختص أنه ليس بالضرورة دائما أن تكون وجبة الصباح كبيرة فتكفي تمرات قليلة من 4 إلى 5 حبات مع كأس عصير أو حليب دافئ أو قهوة خفيفة أو بيضة مسلوقة وهي أشياء سهلة التحضير بالمنزل ولا تستغرق وقتا طويلا هذه الوجبة البسيطة يكون لها دور هام في المحافظة على تركيز نسبة السكر في الدم وتنشيط المخ وخلايا الدماغ فيزداد نشاطها وترتفع درجة التركيز والتذكر لدى التلاميذ كما يشير بعض الباحثين المختصين في هذا المجال إلى ضرورة ترغيب الطفل في فطور الصباح عن طريق التنويع واشتراك الطفل في اختيار الفطور المناسب له وعدم إرغامه على فطور يحبذه الكبار كما أن نوم الطفل باكرا واستيقاظه باكرا يعطيه فرصة اختيار الفطور وتناوله بهدوء دون تسرّع واستعجال. وفي بعض الأوساط الريفية ينفر بعض الأطفال من أكلات صباحية شعبية لها فوائد عديدة لا تحصى ولا تعدّ مثل البسيسة والتمر وزيت الزيتون والخبز العربي الساخن والبيض وغيرها إلا أن أطفال اليوم وعلى عكس الكهول كثيرا ما يتجنبون هذه الاختيارات المزعجة لهم فيخيرون اقتناء «الكرواسون» والياغورت وغيره من أقرب المحلات على تناول هذه الوجبات الغنيّة جدا بالفيتامينات والزلاليات وقد كان «للشروق» لقاء مع بعض أطفال مدارسنا الجميلة من أوساط مختلفة ريفية وحضرية ومن جهات مختلفة من بلادنا وسألناهم عن الأكلة أو الفطور المحبّب لديهم في فترة الصّباح فمنهم من تعلّل بعدم تناول فطور الصّباح إلاّ نادرا بسبب استعجاله الذهاب للدراسة مثل أمير من القيروان الذي يدرس بالسابعة أساسي. أما (آمنة المحمدي) تلميذة الخامسة ابتدائي وهي أصيلةباجة فهي لا تفوّت فطور الصّباح صحبة أفراد عائلتها حيث قالت : في الصّباح استيقظ باكرا وبعد أن أساعد والدتي أتناول خبزا وشكلاطة وقليلا من المربّي ولا أفوت فرصة شرب الحليب ولا يختلف معها التلميذ زيد بن حفصية الذي لا يفوت على نفسه فطور الصّباح المتكون عادة من القهوة وبعض المربّي لكنّه يرفض الفطور التقليدي المتكون من «البسيسة» خاصة أما مرام اليعقوبي من قفصة فهي تحبّذ «الدرع» لأنه وجبة سريعة دافئة خلال فترة الصّباح الباكر والتي كما تقول لا تقلق معدتها ولا تأخذ الكثير من وقتها أما عبير من عقارب فهي لا تتناول فطور الصباح. التلميذ فهمي كواص (بئر علي بن خليفة) يحبذ البيض والقهوة وفي أغلب الأحيان لا يجد الوقت لتناول فطور الصّباح ويحبذ الذهاب بدون فطور وغيره كثير ممن يرفضون الفطور صباحا. هذا السلوك طبعا هو ضار وغير صحي وبالخصوص لدى فئة كبيرة من الأطفال الذين يحبذ البعض منهم «الكرواسون» الجاهزة من السوق على حساب فطور صحي ونظيف وغني بالمواد اللازمة للنمو والتركيز وتنشيط المخ كالتمر وزيت الزيتون والبسيسة والدرع. ويبقى الأولياء والمربون وحتى المختصون في الطب المدرسي مدعوون إلى تكثيف الحملات التحسيسية في المدارس والمعاهد ومراكز الصحة وحتى وسائل الإعلام للتنبيه إلى الانعكاسات السلبية لعدم تناول وجبة الصباح التي تبقى طريق الصحة والنجاح.