٭ تونس (الشروق): تفاجأ صاحب سيارة مؤخرا بخطية تتعلق بمخالفة تجاوز السرعة القانونية سجلها ضده (ضد سيارته) الرادار الآلي عند ما كان يقود سيارته بأحد طرقات القيروان بسرعة 168 كلم في الساعة! استغرب هذا المواطن بما أنه لم يسبق له قطّ أن مرّ من هذه الطريق ولم يسبق له أن قاد سيارته بمثل تلك السرعة.. كما لم يسبق له أن باع سيارة على ملكه وقد يكون شاريها ارتكب بها المخالفة ولم يسبق أن سلّم سيارته لغيره أبدا. قدّم المعني بالأمر اعتراضا على المخالفة ضمّنه كل هذا بعد أن أمّن مبلغ الخطية مثلما ينصّ على ذلك القانون، وتواصلت حيرته الى حين اكتشف أن السيارة التي ضبطها الرادار في المخالفة المذكورة بيضاء اللون والحال أن سيارته (وهي من الماركة نفسها) سوداء اللون! فما الذي حصل؟ وأين الخلل؟ هل في الصورة التي رفعها الرادار أم في تدوين رقم السيارة على المحضر الذي حُرّرت على ضوئه المخالفة؟ عند بداية عمله في أفريل الماضي، تحدث كثيرون عن عدة «مشاكل» ستعيق عمل الرادار الآلي مثل وضعية سيارات وكالات الكراء ومن سيتحمل الخطية عند ضبطها متجاوزة للسرعة هل صاحب الوكالة أم المتسوّغ؟ وأيضا كيفية تبليغ المخالفات الى مواطنينا بالخارج بعد عودتهم الى المهجر وبعد أن يكونوا قد ارتكبوا المخالفة بتونس.. كما طرحت أيضا مسألة السيارات التي باعها أصحابها وارتكب بها الشاري المخالفة قبل أن يتم تغيير هوية مالكها في البطاقة الرمادية اضافة طبعا الى مسألة السيارات الادارية وسيارات الشركات.. وبتقدم الأيام، تمّ إيجاد حلول لكل هذه الاشكالات خاصة عبر طريقة الاعتراض على المخالفة الذي يقدمه المعني بالأمر عندما يكتشف أن ارتكاب المخالفة حصل من قبل غيره.. لكن يبدو أن اشكالا آخر «يحاصر» اليوم نجاعة منظومة الرادار الآلي وهو الذي قد يكون أوقع بمحدثنا الذي ضبطه الرادار بسرعة 168 كلم/ س. تدليس من خلال ما اكتشفه هذا المتحدث، توجد على التراب التونسي سيارة أخرى من نفس ماركة سيارته وتحمل لوحتي تسجيل بأرقام سيارته نفسها، غير أنه لا يعلم إن كانت وثائق السيارة المذكورة تحمل نفس أرقام سيارته أم لا.. والمعلوم أنه في تونس، كما في أغلب دول العالم، توجد شبكات إجرامية مختصة في تدليس هويات وأرقام السيارات.. وتنجح بعض هذه الشبكات الاجرامية أحيانا في تدليس «متكامل» يشمل رقم هيكل السيارة ووثائقها (البطاقة الرمادية) ولوحتي التسجيل الى غير ذلك.. في حين يكتفي آخرون بالتزوير الأسهل وهو المتعلق بلوحتي التسجيل... ذلك أن التزوير على مستوى رقم الهيكل والبطاقة الرمادية يتطلب مجهودا كبيرا من مختلف النواحي في حين لا يتطلب التزوير على مستوى لوحات التسجيل سوى الاتصال بأحد المحلات المختصة في المجال والمنتشرة بعدة مناطق واقتناء لوحتين تحملان الارقام التي يطلبها الحريف بما أن صاحب المحل لن يطالبه بالاستظهار بالبطاقة الرمادية... وعندئذ يمكن تركيب اللوحتين على أية سيارة. وعادة ما يختار الراغب في التدليس أرقاما هي في الأصل لسيارة يعرفها أو سبق أن رآها سابقا وتكون من نفس ماركة السيارة ولونها التي سيضع عليها اللحوتين المدلستين والتي سيستعملها في ما بعد في قضاء مآرب عادة ما تكون اجرامية (ارتكاب جرائم مختلفة واستعمالها لتهريب السلع والبضائع المختلفة والسير بها بسرعة عالية..). وعادة ما يكون هذا الاستعمال مرة واحدة أو مرتين لأن اطالة مدة الاستعمال سيفضح الأمر حتما خاصة في ظل الرقابة الامنية المشددة والدقيقة لأعوان الأمن في تونس على الطرقات والسيارات والذين لا يمكن أن تنطلي عليهم بسهولة مثل هذه المغالطات. هروب يعول مرتكبو هذه الجرائم عادة على الهروب بسرعة عالية بالسيارة المخالفة عندما يقع التفطن اليهم من قبل أعوان الأمن. وحتى عندما يقع رفع رقم لوحة التسجيل المثبتة على السيارة من قبل الأمن أو الرادار الآلي ؛أو أحد المواطنين فإن القائم بعملية التدليس سيكون في حل من كل تتبع بعد أن يتضح أن الرقم المأخوذ عن تلك السيارة تابع لسيارة أخرى ويصبح صاحب السيارة الاصلية هو المطلوب للعدالة (على غرار ما حصل لمحدثنا بالنسبة الى مخالفة الرادار الآلي). تسجيل ذكر مصدر من الوكالة الفنية للنقل البري أن ما يحصل بين الحين والآخر من تدليس على مستوى لوحات تسجيل العربات ليس من مشمولات الوكالة فهذه الأخيرة تكتفي باتخاذ كل التدابير القانونية. عند قبول تسجيل العربات لديها وعند منح البطاقات الرمادية لأصحابها مع التثبت الدقيق من أرقام الهياكل والماركات ومصدر العربة... أما ما يرتكبه بعض المواطنين أحيانا عند تغيير لوحات التسجيل بأخرى تحمل أرقاما مزورة فهذا على حد قول المصدر المذكور جريمة من مشمولات العدالة وبالتالي فإن ما سينجر عن ذلك من مخالفات وجرائم أخرى (مثل مخالفة الرادار الآلي) فإنه لا يعني الوكالة أيضا. التمييز صعب ومن جهة أخرى، أفاد مختص في هذا المجال أن منظومة الرادار الآلي بدورها لا يمكنها أن تتفطن الى أن أرقام لوحة تسجيل السيارة المخالفة صحيحة أم تابعة لسيارة أخرى لأن الرادار الآلي يكتفي فقط بالتقاط صورة السيارة وهي تجري بسرعة مرتفعة وتحال الصورة مع السرعة المسجلة في ما بعد الى المصالح المعنية. وهذه المصالح التي تقوم بتحرير محضر المخالفة وإرسالها الى مرتكبها لا يمكنها أيضا أن تتفطن الى أن المخالفة ارتكبها صاحب السيارة الاصلية الشخص الآخر القائم بعملية التدليس لأنها ستقوم بارسال وثيقة المخالفة الى عنوان الشخص صاحب السيارة الحاملة للأرقام المعنية وعلى هذا الأخير القيام بالاعتراض واثبات أنه بريء من ارتكاب تلك المخالفة... الاستظهار بالبطاقة الرمادية لاستخراج لوحة تسجيل من خلال ما ذكرته ل«الشروق» مختلف الأطراف المعنية بهذا الاشكال، يتضح أن السبيل الوحيدة لتجاوز مأزق لوحات التسجيل المدلّسة في منظومة الرّادار الآلي هو إحكام تنظيم عمل المحلات المختصّة في صنع لوحات تسجيل العربات والتي تقدم خدماتها دون أن تطلب من الحريف الاستظهار بالبطاقة الرمادية أو بشهادة رسمية من وكالة النقل البري لاعتمادها كحجّة قوية وثابتة على مصداقية ومشروعية طلبه وعلى حسن نواياه. ويقتضي كل ذلك تشديد مراقبتهم وإجبارهم على اتباع هذا الاجراء مع كل الحرفاء وابتكار آليات ووسائل قانونية وإدارية مع مختلف المحلات العاملة لاجبارها على إتباع هذه الاجراءات.. وكل هذا سيدعم ويسهّل حتما عمل المراقبة الأمنية للعربات على الطرقات.