تناول مجموعة من المختصين من مختلف الهياكل المعنية صباح أمس بالتحليل والشرح الطفل والأنترنات في إطار إستباق لإمكانية تعرضه إلى الإنعكاسات السلبية لهذه الوسيلة التكنولوجية المغرية في استعمالها وخاصة حمايته من كل أشكال الإدمان التي تؤدي إلى الإصابة بعديد الأمراض لا سيما منها الصرع وتساهم في القضاء على عناصر الخلق والإبداع المتوفرة لديه لتأخذه إلى ما يسمى بالبلادة الذهنية وذلك على هامش الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين إختتاما لشهر حماية الطفولة. وتناولت الندوة موضوع « أطفالنا والأنترنات ..من أجل إبحار آمن وخال من المخاطر»وفي هذا الشأن قالت السيدة ببية بوحنك الشيحي وزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين : « إن الإقبال الكبير لأطفال تونس على استخدام الوسائل الرقمية أصبح يحتم اعتماد اليقظة لوقايتهم من الوقوع في وضعيات الإدمان وشتى مظاهر التهديد الممكنة لا سيما عبر الشبكات الإجتماعية الإفتراضية». وأشارت إلى أنه تم في هذا الإطار وضع إستراتيجية وطنية تقوم على ثلاث مقاربات أساسية منها المقاربة التربوية التي تعتمد على تدعيم دور الأسرة في متابعة الأطفال ومراقبتهم عند استعمال الحاسوب وعلى التعريف بمخاطر الأنترنات والمقاربة التكنولوجية التي تعتمد أساسا على تدخلات الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية وما توفره من إجراءات ووسائل تقنية لوقاية الأطفال من الإبحار في المواقع مصدر الخطر. إلى جانب المقاربة القانونية التي يتم العمل من خلالها على تنويع النصوص التشريعية الرادعة لكل من يتسبب في الإساءة للطفل أو التغرير به سواء عبر الأنترنات أو غيرها من التكنولوجيات الرقمية الحديثة. وأضافت أن هذا الموضوع سيمثل محورا هاما من بين المحاور التي ستتم دراستها على نحو إستراتيجي دقيق ضمن محاور الإستطلاع الشامل حول الطفولة الذي أذن رئيس الدولة في خطابه بمناسبة الذكرى 23 للتحول بإنجازه سنة 2011 تأكيدا لقناعته الراسخة بأن الإستثمار في الطفولة هو خير إعداد لمستقبل تونس الغد. إدمان إدمان الطفل على الأنترنات هي مرحلة خطيرة جدا تستوجب التصدي لها من قبل الولي والمدرسة والمؤسسات الإجتماعية والحكومة تماما كما تتصدى للإدمان على المخدرات أو غيرها وفي هذا الشأن قال السيد هشام مدير عام المركز الوطني للإعلامية الموجهة للطفل ل « الشروق» : إن الرهان هو أن يصبح أطفالنا قادرين على استعمال الشبكة العنكبوتية من خلال اختيار كل ماهو إيجابي والإبتعاد عن المخاطر. وأوضح أن للمدرسة وفضاءات الطفل والإطار التربوي والأولياء دور هام في هذا المجال لاسيما وأن جميع أطفال تونس معنيون بسبب تواجد الأنترنات في كل الفضاءات العمومية وكذلك المدارس وارتفاع نسب ربط الأسر التونسية بالأنترنات. وأشار إلى أن الإدمان على الأنترنات يولد الإنزواء ويحول دون الإنفتاح على الآخر لذلك تم التفكير في الإعتماد على برمجيات وقائية. وختم بضرورة استباق المشاكل والإهتمام بتعامل الطفل مع هذه التكنولوجيا الحديثة والحد من إمكانية ولوجه إلى المواقع المحظورة.. وأفادت الأستاذة في علم النفس مفيدة العباسي ل « الشروق» أن علاقة أطفالنا بالأنترنات هي علاقة حديثة نسبيا وأسسها لا تزال غير واضحة بالنسبة إلى الأولياء وعلاقتهم بها في أغلب الأحيان لا تخضع للمقاييس العلمية المعروفة التي حددها المختصون في التنشئة. وأضافت سابقا كنا نتحدث عن ثلاثة فضاءات وهي الأسرة والمدرسة والمجتمع والآن صرنا نتحدث عن الفضاء «السبرني» كفضاء جديد. وأشارت إلى أن الحاجز المعرفي بهذه الوسيلة الجديدة من الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى سوء الإستعمال حيث يجلس الطفل طيلة أربع ساعات أمام الجهاز ووالداه يعتقدان أنه يتعلم فيما هو معرض إلى الإطلاع على عديد المواقع الخطيرة والثقافات المغايرة لثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ومرجعياتنا بصفة عامة. وهذه المرجعيات يتعرض لها الطفل دون تحليل طبعا بحكم عدم نضجه ويأخذها كما هي. وأكدت أن جلوس الطفل لساعات طويلة أيضا أمام جهاز الكمبيوتر كأداة مغرية وتتوفر على فضاءات إجتماعية للحوار والتعارف تولد حسب الدراسات الحديثة ردود فعل عنيفة في حالات الإحباط. وأضافت أن الجلوس على الأنترنات لمدة 4 ساعات في اليوم هو إدمان وإذا تواصل ذلك لمدة 6 سنوات يصاب الطفل بالصرع وهو ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة. وأشارت إلى أن الإدمان على الأنترنات أيضا يؤدي خلافا لما يعتقد البعض إلى التبلد الذهني وقلة التركيز والإستهلاك السلبي للمعلومات. وحول الإجراءات الوقائية التي يجب إتخاذها لحماية أطفالنا أفادت أنه حان الوقت لتقتحم الأسرة مجال التكنولوجيا لتفهم مواطن الخطورة على الأبناء كما يجب الإعتماد على برمجيات لغلق المواقع المحظورة والتفكير في تدريس استعمال هذه الوسائل الجديدة للتعرض إلى منافعها ومساوئها وكيفية التحكم في كل جوانبها. وختمت بأن المنع ليس الحل والأفضل التفكير في التعايش مع هذه الوسائل الحديثة بطريقة إيجابية. قضاء أفادت السيدة عايدة غربال المندوبة العامة لحماية الطفولة ل«الشروق» أن دور المندوب يتمثل في حماية الأطفال المهددين والأنترنات هي مسألة جديدة لها مخاطرها ولم تتعرض لها مجلة حقوق الطفل ولكن قدمت بعض الوضعيات على سبيل الذكر أن تطور المجتمع يفرز مشاكل جديدة ويجب أن نكون سباقين لما يحدث. وأضافت: «دور المندوب هودور وقائي من خلال القيام بالأنشطة التحسيسية والتوعوية بالشراكة مع الأطراف المعنية». وقالت: لقد وردت علينا حالات إستغلال الأطفال على الأنترنات خاصة ال«فايس بوك» لتمرير رسائل معينة وتم إحالتها على القضاء لمتابعتها . وتعرض السيد نوفل فريخة ممثل الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية إلى أنواع الفيروسات التي تصيب البرمجيات وإلى مخاطر الإدمان على اللعب الإلكترونية وغيرها من الجوانب التي يجب أخذها بعين الإعتبار عند إستعمال الجهاز.