بعد غياب طويل عن مهرجان الصحراء الدولي بدوز وعن العروض الفرجوية ومنذ استقراره في مدينة دوز قبل خمسة عشر عاما بعد سنوات طويلة في قلب المشهد الثقافي في تونس لم يقدّم صالح الصويعي عملا فرجويا في حجم «قوافل الذاكرة» الذي افتتح واختتم الدورة الثالثة والأربعين لمهرجان الصحراء بمبادرة من الهيئة المديرة للمهرجان بإدارة السيّد محمد عبدالمولى وبتشجيع شخصي من السيّد محمود سعيد والي قبلي. عاد صالح الصويعي الى الأضواء بعرض فرجوي كبير بعنوان «قوافل الذاكرة» في أكبر ركح في العالم ربّما -ساحة حنيش- التي يهابها أي مخرج خاصة في غياب الإمكانات المالية الكافية والتقنية أيضا لكن صالح الصويعي خاض المغامرة رغم كل ما فيها من مخاطر الفشل نظرا لطبيعة الرّكح الذي يحتاج الى مئات الملايين ليكون قادرا على احتضان عمل فنّي محترف. مغامرة رغم هذه الظروف نجح صالح الصويعي في تقديم عرض فرجوي أمام حوالي ثمانين ألف متفرّج الذين لم يشاهدوا عرضا فقط بل شاهدوا لوحات تشكيلية صاغها صالح صاحب الخبرة الطويلة في الخطّ العربي وفي الفن التشكيلي وقد جاء عرضه معبّرا عن حركة النّاس في الصحراء وهم يصارعون الريح والعطش والصمت والمجهول، استعمل الصويعي حوالي 500 عنصر في هذا العرض في الوقت الذي صمّمت فيه السينوغرافيا لألف شاب لكن في غياب دعم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لهذا العرض اضطّرّ المخرج الى استعمال النّصف فقط وقد اجتهد في توفير الملابس اللازّمة وفق سينوغرافيا ذات خصوصية. العرض كان تحيّة للنّاس الذين سكنوا الصحراء وحوّلوها الى واحات يطيب فيها العيش وقد خرج العرض بالحياة اليومية في الصحراء من الفولكلور ليمنحها طابعا انسانيا فالثقافات تختلف لكنّ لا فضل لثقافة على أخرى. عمل صالح الصويعي كان مسنودا بنص للشاعر جمال الصليعي وقد نجح عرض «قوافل الذاكرة»في شدّ الجمهور وفي تقديم صورة جديدة لساحة حنيش في المائوية الأولى لمهرجان الصحراء الدولي. هذا العمل كان من المفروض أن يحظى بدعم خاص من الوزارة على غرار العروض التي تفتتح مهرجان قرطاج الدولي والتي تسند لها مبالغ كبيرة، أليس مهرجان الصحراء الدولي في نفس عراقة قرطاج الدولي وأكثر إشعاعا باعتبار الجمهور العالمي الذي يتوجّه إليه ولما يمثّله من عمود فقري للسياحة الثقافية والصحراوية باعتبارها رهانا من رهانات التنمية؟ أرجو أن يكون هذا العرض بداية تقاليد جديدة في اهتمام وزارتي الثقافة والمحافظة على التراث والسياحة بإنتاج عروض خاصة بافتتاح مهرجان الصحراء الدولي.