في يوم الثامن عشر من شهر جانفي 2011 والشعب التونسي يعيش على وقع الثورة الشعبية العارمة التي أطاحت برمز الاستبداد والقهر، تحل الذكرى التاسعة والخمسون لثورة شعبية أخرى كان أجداد وآباء الأجيال الحاضرة من مناضلي الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد ومناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل قد فجروها يوم 18 جانفي 1952 بكل المدن والقرى التونسية من أجل صدّ الطغيان الاستعماري على البلاد وتحقيق الاستقلال الوطني بقيادة رجال أفذاذ من أمثال الثعالبي وبورقيبة وصالح بن يوسف وحشاد. ولقد توالت تضحيات هذا الشعب بمختلف أجياله ولكن الانحرافات التي حصلت من طرف بعض المسؤولين السابقين وبطانتهم حالت دون تحقيق مطامح هذا الشعب الذي وجد نفسه مهمشا، مسلوب الإرادة. وقد كان الضرر بالغا وأصاب مختلف المؤسسات السياسية في البلاد التي فقدت مصداقيتها وأصبحت أداة شخصنة وتأليه للطغاة. ومن بين هذه المؤسسات المهمشة التي وقع الحياد بها عن أهدافها النضالية السامية التي بعث من أجلها نجد الحزب الحر الدستوري الذي وقع السطو عليه ومصادرة قراره وأزيح مناضلوه عن طريق فئة من الانتهازيين الذين نخروا هياكله وأفقدوه أبعاده الشعبية وحولوه إلى مؤسسة شخصنة وتمويه ومغالطة فابتعد عنه الدستوريون الصادقون لذلك، فإن هؤلاء المناضلين الذين كانوا ضحية الاقصاء والتهميش والإبعاد منذ مدة طويلة يعبرون عن فخرهم باندلاع هذه الثورة الشعبية الجديدة التي فجرها شباب تونس لتخليص البلاد من الظلم والاستبداد ومن كل مظاهر الفساد ويباركونها ويترحمون على كل الشهداء الذين سقطوا من أجل الإطاحة بالطغمة الفاسدة ممن نهبوا أموال الشعب وانتهكوا حرماته واعتدوا على كرامته وصادروا سيادته وقراره الحر. وبقدر ما يعبرون عن إجلالهم للانجاز الشعبي الكبير الذي يحصل لأول مرة في العالم العربي، فإنهم يساندون هذه الثورة التي يتعين أن تشمل هياكل الحزب ذاته حتى تتم الإطاحة بكل الرموز الفاسدة الذين سطوا وتسلطوا عليه وأجهضوا كل مدد ديمقراطي داخله وفي المجتمع. وإيمانا منهم بدقة المرحلة التاريخية التي تمر بها بلادنا اليوم، فإنهم : أولا : ينادون بإعلان قيام هيئة عليا من المناضلين الصادقين ممن وقع اقصاؤهم أو تهميشهم ممثلة لكل أجيال النضال ولمختلف الجهات بهدف الشروع حالا وبدون تأخير في تطهير الحزب من العناصر الفاسدة والدعوة إلى مؤتمر استثنائي يصحح مساره ويطرح برنامجه ويعود به إلى تسميته التاريخية باعتباره «حركة للدستوريين الأحرار» والإعداد لمرحلة جديدة من النضال السياسي الديمقراطي في اطار التعددية السياسية الحقيقية التي قامت من أجلها هذه الثورة الشبابية العارمة. ثانيا : الإلتحام بكل القوى الوطنية المناضلة للعمل سويا من أجل تحقيق الأهداف وترسيخ المبادئ التي فجرتها هذه الثورة في إطار وفاق وطني شامل والمطالبة بتتبع المجرمين ومحاكمة كل المفسدين الذين أمعنوا في نهب أموال الشعب وخيرات الوطن. ثالثا : يحذرون من مغبة التواني في اتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة وفاء منهم لدماء الشهداء سواء منهم الذين سقطوا من أجل تحقيق استقلال الوطن أو أولئك الذين استشهدوا من أجل الإطاحة بنظام الاضطهاد والقهر والاقصاء والتهميش وإعادة العنفوان إلى المد التحرري المتجذر في شعبنا. ويعلنون مواصلة النضال لاعادة بناء حزبهم التاريخي ذي النضالات الرائدة كحركة دستورية حرة لا يمكن أن تكون إلا إلى جانب الشعب ومطامحه من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والبناء الديمقراطي دون إقصاء لأي طرف من أطراف النضال الوطني. عاشت تونس حرة مستقلة، المجد والخلود لشهداء الاستقلال وشهداء ثورة الشباب.