منذ غياب الأمن بولاية القيروان وغياب السلطة، وبالتوازي مع حالات العنف والترويع التي نفذها ما أصبح يعرف بمليشيا الحزب المنحل والحرس الرئاسي الذي تمت السيطرة عليه من قبل الجيش التونسي، تعمد عدد من المواطنين الاستيلاء على عقارات وأراض بيضاء صالحة للبناء وتقسيمها. وقد عمد عشرات الأفراد الى افتكاك بعض المساحات بمدينة القيروان وتبادل استعمال القوة بين عدد منهم لحيازة اكبر ما يمكن من المساحات في انتظار تسييجها. والمعلوم أن هذه العقارات هي املاك عمومية تابعة للوكالة العقارية للسكنى والتي كانت تعتزم تهيئتها وبيعها مقسّمة لفائدة المواطنين أما بعضها فهو على ملك بلدية القيروان التي اختفى رئيسها عن النشاط والأنظار منذ سقوط النظام كما اختفى عشرات المسؤولين وغاب نشاط السلط الجهوية بشكل كلي. استيلاء على شركات فلاحية اما في معتمدية نصر الله (جنوبالقيروان) فقد بات مصير ثلاث شركات فلاحية بيد عدد من المواطنين من عمال الشركات والفلاحين ومربيي الماشية. فقد عمد مجهولون الى الاستيلاء على نحو 5 آلاف رأس من الغنم بينما تمكن عدد من العاملين بالشركات المذكورة من تحقيق مطالبهم بأنفسهم في الحصول على مقاسم فنية لاستثمارها بدل كرائها لمستثمرين أجانب وتونسيين على صلة بالنظام الحاكم سابقا والعمل لديهم كأجراء طيلة سنوات. وبعد فشل الجهات الرسمية في تحقيق مطلب العمال البالغ عددهم 50 عاملا، يبدو ان حالة الانفلات الأمني وفضح امر المتنفذين مكن هؤلاء أخيرا (العمال) من تحقيق حلمهم في الحصول على مقاسم فنية قصد استثمارها وتنميتها وتشغيل العاطلين من ابناء الجهة ويرون أن تلك المقاسم التي سيطروا عليها وقسموها في ما بينهم هي ثمن مشروع نظير ما قدموه من مجهودات في العمل تحت سلطة المستثمرين الذين لم يسددوا أجورهم لعدة أشهر. وربما سيظل الامر على هذا الحال الى حين تدخل السلط الجهوية والجهات الامنية لتحديد الحقوق والمسؤوليات وارجاع الملك العمومي الى الدولة وقد لا يتحقق ذلك الا بعد انتهاء المخاض السياسي القائم منذ أيام.