كشف السيد غازي الجريبي رئيس المجلس الوطني للمنافسة في لقاء جمعه أمس بعدد من الصحفيين عن حصيلة نشاط المجلس طيلة السنة الفارطة. وكان رئيس الدولة التقى مؤخرا السيد غازي الجريبي الذي عرض عليه التقرير السنوي لمجلس المنافسة لسنة 2003. وتلقى المجلس العام الفارط 15 ملفا استشاريا من وزير التجارة ونظر في 11 دعوى قضائية انتهت بتسجيل 5 حالات إدانة أي ما يعادل نسبة 44 من مجموع القضايا المعروضة على المجلس. واعتبر رئيس مجلس المنافسة هذه الحصيلة جيدة مقارنة بالمجلس الفرنسي الذي نظر في 70 قضية وتلقى 22 ملفا استشاريا رغم كثافة النشاط الاقتصادي هناك. نسق تصاعدي وسجل المجلس نسقا تصاعديا في نشاطه القضائي الذي ارتفع بنسبة 25 كما سجل زيادة بنسبة تفوق ثلاثة أضعاف السنة السابقة (2002) بالنسبة الى نشاطه الاستشاري. وتعدّ سنة 2003 سنة استثنائية بالنسبة الى مجلس المنافسة حيث سجل خلالها 5 حالات ادانة من جملة 6 حالات سجلها طيلة العشر سنوات الأخيرة أي منذ انبعاثه. ويُستخلص من هذا أن جلّ القضايا التي تحال على المجلس تدخل في مجال اختصاصه بعدما كان النصيب الأكبر منها يُحال إليه دون أن يكون من اختصاصه ومشمولاته. وتتمثل القضية الأولى التي أصدر المجلس حكم إدانة بشأنها في تحالف مجموعة من المؤسسات العاملة في نقل الاسمنت وفرضها لسعر موحّد للنقل وقد تمّ فكّ هذا التحالف وتسليط عقوبات مالية على هذه المؤسسات وأيضا على جهات نقابية باعتبارها كانت وراء تشكيل تحالف المؤسسات. وتتطابق القضية الثانية مع هذه القضية من حيث المضمون ونوعية العقوبة ولكنها تهم اتفاقا وتحالفا بين أمناء سفن يعملون في النقل البحري. أما القضية الثالثة المدانة من قبل مجلس المنافسة خلال السنة الفارطة فتتعلق بتعمد مؤسستين تنشطان في قطاع البلور البصري وصنع النظارات والعدسات الطبية استغلال مركز الهيمنة الذي يتمتعان به في السوق وفرض أسعار مشطة ومخلّة بضوابط المنافسة على الموزّعين. وعلى خُطى هاتين المؤسستين عمدت مؤسسة أخرى عاملة في قطاع مواد التنظيف الى الافراط في استغلال مركز هيمنتها في السوق وفرض شروط مجحفة وأسعار مشطة على الموزعين وقد وجه مجلس المنافسة أمرا لهذه المؤسسات بالكف عن هذه الممارسات المخلة بقانون المنافسة كما قضى بتسليط عقوبات مالية عليها. وتتمثل القضية الخامسة والأخيرة التي قضى فيها المجلس بالإدانة في تولي مجموعة من الخواص فرض أسعار في اطار صفقة أبرمت مع مؤسسة عمومية. أضرار وردّا على سؤال ل»الشروق» حول حجم الأضرار التي خلفتها هذه الممارسات المخالفة للقانون والتي أدانها مجلس المنافسة لم يقدّم السيد غازي الجريبي رقما محددا ولكنه قال ان الانعكاسات وآثار هذه الممارسات السلبية مؤكدة إذ من شأنها أن تحدث اختلالا في التوازن العام للسوق باعتبارها تتنافى مع منطق اقتصاد السوق وحرية المعاملات ويمكن أن تعود بنا الى نظام الاقتصاد الموجّه بإرادة بعض الفاعلين في السوق وليس بإرادة الادارة. وأضاف أن ضرر هذه الممارسات شامل فهو يلحق المستهلك التونسي ويعرقل مسار التنمية ويساهم في تعطيل المشاريع الاقتصادية وبالتالي في تفاقم البطالة كما تؤثر هذه الممارسات على المقدرة التنافسية للمؤسسات التونسية.. وتابع قوله ان هذه الممارسة تتضارب مع منطق المنافسة الذي يدفع نحو تحسين الجودة والتحكم في التكاليف وإن أي هيمنة على السوق خارج اطار القانون لا يمكن أن يتبعها تحكم في التكاليف وتحسين جودة المنتوج بل انها لا تخلف إلا بعض الربح السريع والظرفي للمخالفين. ممارسات جديدة وقال السيد غازي الجريبي من ناحية أخرى ان بعض الممارسات الجديدة قد بدأت تبرز في السوق من قبيل اعتماد الأسعار المفرطة في الانخفاض وهي ممارسات خارجة عن اطار الأصناف الثلاثة من المخالفات التي يدين المجلس مرتكبيها وهي مخالفة الاتفاقات المخلّة بالمنافسة، ومخالفة الاستغلال المفرط لوضعية هيمنة في السوق ومخالفة الاستغلال المفرط لوضعية اقتصادية. وقال أيضا ان القانون أوكل للمجلس مهمة الحفاظ على توازن السوق وحماية المناخ الاقتصادي العام والمجلس من هذا المنطلق مطالب بعدم ترك الممارسات المستحدثة تنخر الاقتصاد الوطني دون التصدي لها. ودعا السيد غازي الجريبي من ناحية ثانية الى ضرورة تمكين مجلس المنافسة من وسائل تحفظية تسمح له بإيقاف الممارسات المخلة بالمنافسة في انتظار النظر في أصلها. وأفاد أن سنة 2003 شهدت أيضا تعديل قانون المنافسة والأسعار وهو ما أقرّ اعتماد مبدإ التقاضي على درجتين في قضايا المنافسة الذي يضمن حق الاستئناف والتعقيب للمتقاضين أمام المحكمة الادارية.