لم تهدأ سيدي بوزيد بعد ومازالت تشهد حراكا سياسيا شديدا وقد تركز هذا الحراك في الأيام الأخيرة على المسؤولين التجمعيين وخصوصا من عرف منهم بتجاوزاته ولكنه امتد ليشمل المسؤولين المعينين حديثا فبعد المعتمد الأول جاء دور الوالي... ترددت في الأيام الأخيرة أخبار عن مغادرة الوالي وقال المقربون منه إنه هدد مرات عديدة بالمغادرة وتم اثناؤه عن قراره بتدخل من بعض الأطراف لكن يبدو أن الشارع أفلت يوم الخميس الماضي من هذه الأطراف وتجاوزها حيث رابط عدد من المعتصمين أمام الولاية وشددوا غضبهم وهتافاتهم وتصاعد دخان الإطارات المطاطية التي أشعلها البعض في مشهد شبيه بعشية واقعة إحراق البوعزيزي لنفسه. عقب مغادرة الوالي تباينت الأراء بين مرحب ومستاء ففي حين هتف البعض فرحا استاء البعض الأخر وزمجر... يعلل الطرف الأول رغبته في رحيل الوالي بعدم تحقيق تقدم في مختلف المجالات الاجتماعية والتنموية وقد فشلت مقابلات الوالي مع بعض المواطنين أو بعض الأطراف في تحقيق طموحاتهم وتواصل إحساس الناس بأنهم أمام استنساخ لممارسات النظام السابق ولم يظفروا بوعود حقيقية. حالة الغضب واليأس تصاعدت في سيدي بوزيد ووجد المواطن نفسه مسيرا وهو غير راض عن أطراف عديدة في المشهد...لقد أحس السكان هذه الأيام أن ممارسات النظام السابق لم تختف وأن لا مكاسب اجتماعية او اقتصادية أو سياسية تحققت فلا مبادرات تشغيل ولا مبادرات استثمارية ولا خطابا سياسيا جديدا. ويبدو أن السلطة اختارت سياسة الأذن الصماء وقد وجدت دعما من بعض الأطراف التي تحاول ترويض الشارع . وقد بدأت عدة أطراف منذ أيام في الدعوة إلى رحيل الوالي رغم دعوات التهدئة ويشهد مقر الولاية منذ أيام تجمعات شبابية صغيرة ترفع هذه الدعوة وتعبر عن أحاسيس عميقة بالنسيان وعن خوف من المستقبل وقد تجسد هذا الإحساس في لافتة كتب علها «الجزيرة عاجل سيدي بوزيد تمحى من تونس» وكانت لجنة حماية المدينة وهي إحدى لجان الثورة في سيدي بوزيد قد سجلت مؤخرا في بيان لها تواصل تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالجهة وتذبذب عمل السلط الجهوية التي عجزت عن التقدم خطوة واحدة في الإحاطة بالوضع والاستجابة للمطالب العاجلة للتنمية وطالبت بالالتفات إلى المطالب الملحة لتحقيق تنمية عادلة وشاملة تتساوى فيها الجهة مع الجهات الأخرى ودعت اللجنة جميع المواطنين للوقوف صفا واحدا لمطالبة المسؤول الأول بالجهة بتحمل مسؤوليته كاملة في الإطاحة بمشاكل الجهة وخاصة منها الإجراءات التنموية العادلة. ويبدو أن الأحداث أخذت منعرجا جديدا منذ ظهر الأربعاء الماضي حيث تم الاعتداء على المطالبين بعزل مدير الصحة باستخدام العنف الشديد وهو ما أثار نوعا من السخط. وتقول مصادر مطلعة إن النقطة التي أفاضت الكأس هي رفض الوالي لاستقبال المجلس المحلي للثورة يوم الخميس الماضي على اثر هذه الحادثة . في مقابل هذا الموقف لاح موقف أخر عند بعض من هبوا إلى مركز الولاية عشية الخميس الماضي. هؤلاء رفضوا هذه الخطوة واعتبروا أنها ستعمق مشاكل سيدي بوزيد وستضعها في فترة فراغ إداري أخرى خصوصا مع مغادرة المعتمد الأول منذ أيام وعدم التحاق معتمدين جدد بمراكز المعتمديات.ويتحدث هؤلاء عن عناصر مشوشة تدفع الى الفوضى ويدافعون عن الوالي الذي وجد نفسه أمام ضغوط شديدة...ضغوط الواقع المتردي في سيدي بوزيد والمطالب الكثيرة وضغوط بعض الأطراف... وبقطع النظر عن الموقفين فلا بد أن نعترف أن هناك غضبا في سيدي بوزيد وله أسباب كثيرة.إنه غضب أكبر من غضب على وال...إن الشارع غاضب على أطراف أخرى موجودة حاليا وأساءت معاملته والاستجابة لنبضه.و لا أحد يمكن له أن يمتص غضب الشارع في سيدي بوزيد لأن الأمور ليست على أحسن ما يرام والانتظار طال ولم يعد الناس يقبلون بالتلهي عن المسار التنموي بالمسار السياسي.فالتوتر مازال يخيم وانعكاسات الوضع العام واضحة...مل الناس الانتظار والفوضى و الفراغ وانقسام المواقف واختلاط الحابل بالنابل والخشية من تآمر بعض الأطراف على الثورة وعلى الجهة ومصالحها لغايات حزبية وهم يطالبون بالإسراع بوقف هذه المرحلة المتذبذبة وينتظرون إجراءات معنوية وتنموية وتجسيد أهداف ثورة 17ديسمبر على الأرض...