تعطلت السفرات بين صفاقسوقرقنة مساء أول أمس الثلاثاء وصباح يوم أمس الاربعاء بسبب احتجاجات بعض المجهزين و«أصحاب البالانصيات» الذين فضلوا تعطيل سفرات «اللود» أو البطاح لتبليغ مشاكلهم ومشاغلهم للرأي العام وايصالها الجهات المعنية . الاضراب وقبل الدخول في تفاصيله وأسبابه الحقيقية، قوبل باستياء شديد من أهالي جزيرة قرقنةوصفاقس واحتج عليه التجار والأطباء والمربون على حد السواء بعد أن تعطلت كل مصالحهم بعزل جزيرة قرقنة عن التراب التونسي بأكمله. وبين هذا وذاك، ارتفعت بعض الأصوات عالية محتجة على موقف الحرس البحري والشرطة والجيش الوطني الذي بدا سلبيا حسب بعض المتضررين من تعطيلات سفرات «اللود» أو الوسيلة الوحيدة للنقل والتنقل بين يابستي قرقنةوصفاقس، فالجهات المعنية لم تتدخل لتطويق المشكل وإعادة النقل بين اليابستين على الأقل الى حدود صباح يوم أمس لما تحولنا لمعاينة الوضع عن قرب. أصل الخلاف حسب بعض المجهزين – صاحب بالانصي – يعود الى مطالب متراكمة لم تبت فيها حكومة بن علي المخلوع والمتمثلة أساسا في سعر المحروقات الذي يقاس بالمكيالين ففي الشمال أرخص مما هو في الجنوب(!)، ثم ان طريقة ربط المخالفات بسعر المحروقات والقوانين التي تمنع الصيد في بعض الأماكن وفي بعض الفترات كلها من المشاكل المتراكمة التي تعطل القطاع والتي كنا نبهنا اليها في أعداد سابقة من «الشروق»، لكن لا حياة لمن تنادي .. الجديد في اليومين الأخيرين هو بعض التجاوزات التي حصلت في الصيد في المياه غير العميقة، ولئن تم التنازل عن هذه المخالفات حسب بعض المصادر، فانها أثارت الملفات النائمة على الرفوف وحركت أصحاب البلانصيات للتعبير من مشاعلهم الحقيقية من جديد، لكن هذا التحرك ولئن تبدو أسبابه مشروعة باعتبار معاناتهم من عديد المشاكل التي تهددهم في مورد رزقهم وتعطل مصالحهم، فانه جاء على حساب مصالح الجزيرة وسكانها، فالأطباء والمربون والتجار منعوا من القيام بأعمالهم، والجزيرة عزلت عن يابسة تونس ما يقارب ال24 ساعة بعد أن تم غلق مسار «اللود» بأكثر من 50 مركب صيد تابعة للمحتجين . المكالمات الهاتفية تهاطلت على «الشروق» من أهالي قرقنة وسكانها، فبعض المرضى منعوا من العلاج بسبب غياب الأطباء، وبعض المواد الاستهلاكية والتي يقدر سعرها ب 300 مليونا قد تتعفن قبل خروجها من قرقنة الى صفاقس، والمواد الاستهلاكية الضرورية التي يجب أن تصل الى قرقنة تسمرت في صفاقس، بل حتى الزيارات العادية للتواصل أو لتقديم التعازي تعطلت بالكامل مما عزل الجزيرة بشكل تام اجتماعيا واقتصاديا وصحيا وتعليميا وسياحيا . الوضع ان لم يتم تطويقه عاجلا، قد يتسبب في مشاكل أخرى، فبعض الأهالي من قرقنةوصفاقس يهددون بغلق بعض طرقات الجهة أو السكة الحديدة الواقعة قرب الميناء والتي تربط بين صفاقس والجنوب التونسي وهو ما تم فعلا ونحن بصدد صياغة الخبر، والبعض الآخر يفكر في تجاوز المحنة باستعمال سفن صغيرة تقليدية للتنقل أو لإيصال المنتوج البحري من قرقنة الى صفاقس، والمواد الاستهلاكية الضرورية من صفاقس الى قرقنة .. مراجعة مشاغل الصيد البحري والقوانين البالية التي عطلت القطاع أمر حتمي وضروري، ورفع «الحصار» عن الجزيرة أمر عاجل محافظة على المصالح العامة وهو ما يستوجب تدخلا سريعا وجديا على الواجهتين لتطويق الوضع.